عريقات: ثمة فرق بين المفاوضات والإملاءات ويمكن الوصول إلى نتيجة خلال عام

السلطة ترفض اشتراطات نتنياهو.. وهنية يتحدث عن «سياسة فاشلة لن يكتب لها النجاح»

صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين يتحدث إلى الصحافيين خلال مؤتمر صحافي عقده في مكتبه في رام الله أمس (إ.ب.أ)
TT

رفضت السلطة الفلسطينية اشتراطات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن البدء في بحث القضايا الأمنية والاعتراف بيهودية الدولة، وإنهاء الصراع، للوصول إلى اتفاق سلام.

واتهم صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، نتنياهو بمحاولة فرض الإملاءات على الفلسطينيين، وقال في مؤتمر صحافي عقده في رام الله أمس: «ثمة فرق شاسع بين المفاوضات والإملاءات».

ووصف عريقات شروط نتنياهو بأنها محاولة مبكرة لتقرير نتائج المفاوضات، مستغربا «أنه (نتنياهو) كان يشدد على رفضه إجراء المفاوضات بناء على شروط مسبقة، ومن ثم أعلن قائمة شروط يحاول بها تقرير نتائج المفاوضات النهائية حتى قبل أن تبدأ».

وكان نتنياهو قد قال أول من أمس في جلسة حكومته الأسبوعية في القدس إن إسرائيل تتمسك بالاتفاق أولا على القضايا الأمنية قبل الملفات الأخرى، وتشترط اعترافا فلسطينيا بيهوديتها، وأن يشكل الاتفاق نهاية الصراع، في سبيل الوصول إلى اتفاق. وعقب عريقات على ذلك بالقول: «إن نتنياهو حدد بتصريحاته إطار سلوك تفاوضي غريب».

وجدد عريقات، الموقف الفلسطيني من استحالة الاستمرار في المفاوضات حال انطلاقها إذا ما استأنفت إسرائيل البناء في المستوطنات نهاية الشهر القادم. وقال: «إن الفلسطينيين ما كانوا في أي وقت ضد المفاوضات المباشرة، ولكن في حال استمرت إسرائيل في النشاطات الاستيطانية، فإنها تكون قررت وقف المفاوضات التي لا يمكن استمرارها إذا ما استمر الاستيطان».

وناشد عريقات أعضاء اللجنة الرباعية الدولية، الذين دعوا إلى استئناف المفاوضات المباشرة في الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل، بإقناع الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان والاعتقالات والتوغل في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية والاغتيالات وهدم البيوت.

وحمل عريقات الرباعية مسؤولية هذا الأمر بقوله إن بيانها كان المرجعية. وأكد عريقات أن الرسائل التي بعث بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما، والمسؤولة العليا عن السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، البارونة كاثرين آشتون، والرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، جاء فيها أن الفلسطينيين يقبلون باستئناف المفاوضات المباشرة بناء على الأسس التي حددتها اللجنة الرباعية في بيانها الأخير وبيانها يوم 19 مارس( آذار) الماضي، والأسس التي تضمنتها رسالة الرئيس أوباما (إلى عباس).

وأوضح عريقات أن رسائل الرئيس عباس تلك تضمنت أيضا أنه يمكن تحقيق السلام على المسار الفلسطيني والمسارين السوري واللبناني. وقال إن هذه الرسائل شددت على ضرورة أن توقف الحكومة الإسرائيلية البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية.

وأضاف عريقات: «آن الأوان لاتخاذ القرارات، ولا يجب إعادة الأمور إلى نقطة الصفر»، معربا عن أمله «أن تختار الحكومة الإسرائيلية خيار السلام وليس خيار الاستيطان كونه غير شرعي، وفق مواقف اللجنة الرباعية الداعية إلى قيام الحكومة الإسرائيلية بوقف النشاطات الاستيطانية كافة، وبما يشمل النمو الطبيعي وهدم البيوت وتهجير السكان وفرض الحقائق على الأرض وخاصة في مدينة القدس الشرقية وما حولها».

وتابع: «نحن كفلسطينيين نسعى ونريد السلام وهو مصلحة فلسطينية - إسرائيلية - عربية، لكن المفتاح الآن بيد نتيناهو في حال قرر وقف الاستيطان والالتزام بالمرجعيات».

ودافعت السلطة عن قرارها الذهاب لأي مفاوضات مباشرة رغم معارضة غالبية الفصائل الفلسطينية حتى المنضوية في إطار منظمة التحرير.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن الجانب الفلسطيني لم يتنازل عن أي شيء، وإنه تم الاتفاق على وضع كل الملفات على الطاولة.

وطمأنت الرئاسة الفلسطينية، الشعب الفلسطيني، بأن أي اتفاق سيتم التوصل إليه سيعرض للاستفتاء على الشعب الفلسطيني.

وأضاف: «نحن لا نريد سلاما يستمر سنة أو سنتين أو ثلاثا، بل نريد إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل وفق مبادرة السلام العربية وقواعد الشرعية الدولية ورسالة الرئيس أوباما».

وفي سياق ذلك، تدل كل المؤشرات على أن قرار السلطة الفلسطينية استئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، سيؤدي إلى تجميد الجهود الهادفة إلى إحياء جلسات الحوار الوطني ومحاولة حل الخلافات بشأن الورقة المصرية للمصالحة.

وانتقد رئيس الحكومة المقالة في غزة، إسماعيل هنية، موافقة السلطة الفلسطينية على استئناف المفاوضات المباشرة، واصفا القرار بأنه «سياسة فاشلة لن يُكتب لها النجاح ». وفي كلمة ألقاها بعد أدائه صلاة التراويح الليلة قبل الماضية في مخيم «جباليا»، شمال القطاع، قال هنية إن هذه السياسية لن تؤدي إلى استعادة الحقوق والمقدسات، معبرا عن ثقته بأن الفلسطينيين سيحققون النصر في المواجهة مع إسرائيل.

من جهته، اعتبر كايد الغول، عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن حركة فتح وقيادة السلطة استبدلتا بالاستثمار في جهود المصالحة الاستثمار في المفاوضات المباشرة.

وقال الغول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لا يكفي أن قيادة السلطة منحت إسرائيل الفرصة لقضم مزيد من الأرض عبر الموافقة على استئناف المفاوضات المباشرة، بل إنها بقرارها هذا أسدلت الستار على فرص الحوار الوطني».

وأشار الغول إلى أن الذهاب للمفاوضات هو استجابة للضغوط الأميركية، ويمثل تعزيزا للشرخ الداخلي الفلسطيني المتمثل في الانقسام، مؤكدا أن إقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مبدأ المفاوضات المباشرة من دون أخد النصاب واستشارة الفصائل الفلسطينية كان بمثابة تعزيز للتفرد بالقرار الفلسطيني والانقسام.

وكشف الغول النقاب عن أنه يتم التحضير حاليا لعقد مؤتمر وطني لعدد من الفصائل الفلسطينية لمواجهة تداعيات قرار السلطة استئناف المفاوضات المباشرة.

أما الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، فيرى أنه لم يعد هناك أي مستقبل للحوار الوطني، ولا يوجد أساس للمصالحة الفلسطينية في الوقت الحالي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن نقر ونعترف بأننا وصلنا لحالة اللاعودة للمصالحة، حيث إن الكثير من الحقائق فرضتها حماس في غزة وحركة فتح في الضفة الغربية؛ ومن غير الممكن أن ترجع الحركتان ثلاث سنوات إلى الوراء، فالحقائق التي بلورت على الأرض تجعل من المستحيل أن تتم المصالحة، حتى لو كانت شكلية بسبب البون الشاسع الذي يفصل الحركتين».

وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، صلاح البردويل، إن حركته وافقت على استئناف جلسات الحوار الوطني بعد دفن اللواء أمين الهندي في غزة.

وأضاف البردويل: «إن قرار المفاوضات أحدث إرباكا وإزعاجا في الساحة الفلسطينية، وإن تعليق لقاء المصالحة مع فتح جاء تقديرا لموقف الفصائل والشعب الفلسطيني الرافض للمفاوضات»، مؤكدا استراتيجية قرار إنهاء الانقسام لدى حركة حماس. وأوضح أنه «في ظل الأوضاع السيئة الراهنة، يصعب التحاور لأجل التحاور، لأن لقاءات الحوار ستكون تغطية على قرار المفاوضات»، مشددا على أن الأسلوب الذي تنتهجه منظمة التحرير وقرارها المتعلق بالمفاوضات المباشرة مع الحكومة الإسرائيلية سيفضي إلى خراب القضية الفلسطينية.