أوساط «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: إثارة حزب الله قضية «شهود الزور» دليل إفلاس في مواجهة المحكمة

خبير قانوني: لا يحق للقضاء اللبناني محاكمتهم.. ومن يضلل التحقيق ليس شاهدا

TT

تتصدر المحكمة الدولية واجهة الاهتمام السياسي في بيروت، على أكثر من مستوى. وفي مقابل إصرار رئيس الحكومة سعد الحريري على الالتزام بمفاعيل القمة الثلاثية من أجل ترسيخ الاستقرار وبالتهدئة باعتبارها «أفضل الطرق لمقاربة الأمور»، على حد تعبيره، يمضي حزب الله في تمسكه بمسألة معاقبة شهود الزور، نظرا لدورهم في «انحراف التحقيق عن مساره الصحيح»، مؤكدا رفضه أي تمييع للملف ومتابعته حتى النهاية.

وفي حين يلقي شهر رمضان المبارك بثقله على مجمل الحراك السياسي في لبنان، تتوجه الأنظار إلى الملف الذي ينكب وزير العدل، إبراهيم نجار، على إعداده حول قضية شهود الزور، لا سيما من الناحية القانونية. وكان مجلس الوزراء، في جلسته الاستثنائية الأخيرة الأسبوع الماضي، قد كلف نجار بمتابعة قضية شهود الزور، للحصول على ما يتوافر من معلومات للرد على الأسئلة التي طرحها وزراء حزب الله بهذا الصدد خلال الجلسة. وفي الفترة الفاصلة عن تسليم نجار ملفه إلى مجلس الوزراء، الذي كلفه بإعداده سريعا ومعرفة المسار الذي سيسلكه هذا الملف، أوضح الخبير القانوني الدكتور شفيق المصري، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن مجلس الوزراء وفق البيان الذي تلاه وزير الإعلام، طارق متري، كلف الوزير نجار بمتابعة ملف شهود الزور، ورفع تقريرا بما سيخلص إليه، ولم يتحدث عن تشكيل أي لجنة قضائية، ولم يشر إلى أنه على وزير العدل أن يبت بالأمر. وأشار إلى أن السؤال الرئيسي هو «ماذا سيفعل مجلس الوزراء بالتقرير الذي سيرفعه نجار إليه»، لافتا إلى أن «المسار العادي يقضي بتحويل كل معلومة يتوصل إليها مجلس الوزراء أو المدعي العام التمييزي إلى المحكمة الدولية».

وأشار إلى أنه «لا يحق للقضاء اللبناني أن يحاكم شهود الزور، لأنه توقف عن المتابعة القضائية وأرسل كل الملفات التي بحوزته، بالنسبة لجريمة اغتيال الرئيس الحريري، إلى المحكمة الدولية، وبالتالي فإن عمله توقف بمجرد إعلان إنشاء هذه المحكمة»، معتبرا أنه «يحق للمحكمة الدولية وحدها أن تعاقب».

وشدد المصري على أن «من يعمد إلى تضليل التحقيق ليس شاهدا من الناحية التقنية»، موضحا أنه «من الناحية السياسية تم التوسع في تسمية (شاهد الزور)، لكن قانونيا يمكن للتحقيق أن يستمع لكثير من الشهادات وألا يأخذ بها، كما يمكن أن يستمع لأشخاص تحايلوا في شهاداتهم، وربما يطلب محاكمتهم، وتسمية الشاهد تصح على من يحضر إلى المحكمة ويقسم اليمين».في موازاة لذلك، اعتبرت أوساط تيار المستقبل، أن دفع حزب الله وحلفائه مسألة شهود الزور إلى الواجهة دليل «الإفلاس الواضح في مواجهة المحكمة الدولية». ووضع النائب السابق مصطفى علوش، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، الحملة في إطار «المحاولة الحثيثة لإسقاط المحكمة بأي طريقة من الطرق، ومن هذه الطرق مسألة ما يسمى بـ(شهود الزور)، التي يشدد عليها حزب الله وحلفاؤه، علما بأنها من الناحية القانونية غير موجودة، لأن المحكمة لم تبدأ عملها بعد». وتوقع أن يكون طلب الحكومة من الوزير نجار إعداد هذا الملف بهدف «استيضاح أهميته من الناحية القانونية». ورأى علوش، ردا على سؤال حول إصرار الرئيس الحريري على التهدئة، على الرغم من كل الحملات التي تطال فريقه السياسي، أن «الفريق الآخر يعيش على عدم الاستقرار والتوتير»، موضحا أن «الاستمرار في نهج التهدئة يسحب البساط من تحت أرجلهم على كل المستويات، ولا سيما السياسية». وفي إطار أبرز المواقف الصادرة حول قضية شهود الزور أمس، جدد وزير السياحة فادي عبود تأكيده أنه «لا يجوز للمحكمة الدولية أن تستمر، وهناك عدة علامات استفهام حولها»، مشيرا إلى أن «الإحصاءات التي تتم تشير إلى أن هناك فوق الـ60 في المائة من اللبنانيين غير مقتنعين بأنه يمكننا الوصول إلى الحقيقة من خلال المحكمة وطريقة إدارتها». وأوضح أن ذلك «يجب ألا يفسر على أن في لبنان من هو ضد الوصول إلى الحقيقة»، وشدد على أن «جميع الجهات في لبنان تريد معرفة حقيقة من اغتال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري»، معتبرا أن «هناك من كان يأخذ الحقيقة لغير مكانها من خلال شهود الزور».

واعتبر العميد مصطفى حمدان، أحد الضباط الأربعة الذين تم توقيفهم بعد اغتيال الرئيس الحريري، أن «القضاة الذين تناوبوا على ما يسمى بالمحكمة الدولية، بدءا من فيتزجيرالد إلى ميليس وبرامرتس وبلمار ورالف رياشي وكاسيزي، هم مجموعة من التناقضات والاستغلال السياسي، ومجموعة من التلفيقات والافتراءات التي قام بها شهود الزور». ودعا إلى «التركيز على من كان وراء شهود الزور ومن فبركهم للتوصل إلى حقيقة من اغتال الرئيس الحريري»، منتقدا «نقل ملف شهود الزور إلى وزير العدل، لأن هؤلاء، على حد تعبيره، واضحون.