بترايوس: قواتنا أخذت زمام المبادرة من طالبان

كرزاي يتهم شركات أمنية بالإرهاب

جندي أفغاني يقف فوق عربة مدرعة وفي يديه مدفع رشاش خلال دورية خارج العاصمة كابل أمس (أ.ف.ب)
TT

اعتبر قائد القوات الدولية في أفغانستان، الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس، أمس أن قوات حلف شمال الأطلسي استعادت زمام المبادرة من حركة طالبان في الكثير من المناطق الأفغانية وهي تتوقع «معارك ضارية» لتحقيق ذلك في مناطق أخرى.

وقال الجنرال الأميركي في مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «لقد تم قلب ميزان القوى في الكثير من المناطق التي كانت حركة طالبان قد حققت فيها تقدما خلال السنوات القليلة الماضية, وسيتم قلب المعادلة أيضا في مناطق أخرى». وأضاف «غير أن ذلك ليس كافيا, فعلاوة على قلب المعادلة فإنه يجب بالتأكيد القضاء على المعاقل التي سيطرت عليها حركة طالبان في السنوات الأخيرة، وهذا يعني (وجوب توقع) خوض معارك ضارية». وتابع «لقد قلبنا الموازين في ولاية هلمند. وبدأنا نعود إلى ولاية قندهار، والعدو يرد، وكان ذلك متوقعا. بل إننا نجحنا في تحقيق الأمر ذاته في محيط كابل». ولم يكن الجنرال بترايوس جازما عند كلامه عن الجدول الزمني لانسحاب القوات من أفغانستان. وقال «يوليو (تموز) 2011... هو موعد بدء العملية لا أكثر ولا أقل. وليس الموعد الذي ستبدأ فيه القوات الأميركية رحيلها ولا موعد إطفاء النور قبل الخروج». وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قد كرر القول في منتصف أغسطس (آب) الحالي إن موعد يوليو 2011 لبدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان أكيد, في حين أن الجنرال بترايوس كان قد صرح قبله بيوم واحد بأن هذا الموعد «ليس ملزما». وأوضح المسؤول العسكري «أنه تاريخ بدء عملية انتقالية مع بعض القوى الأفغانية في المناطق التي يمكن فيها القيام بذلك، وبالنسق الذي تتيحه الظروف». وشدد على أنه «خلال الأثناء, علينا بوضوح إحراز التقدم الذي يظهر للرأي العام عبر العالم وللدول التي توفر قوات, كما أن هذه الاستثمارات الضخمة مربحة». ويؤكد الجنرال بترايوس أنه إذا لم تتوفر الشروط لبدء الانسحاب في يوليو المقبل فإنه سيبلغ الرئيس الأميركي بذلك, من دون أن يعني هذا أن باراك أوباما سيوافق على هذا الأمر بالضرورة.

وفي واشنطن حث الرئيس الأفغاني حميد كرزاي دافعي الضرائب الأميركيين أول من أمس على التوقف عن الدفع للمتعهدين الأمنيين الخارجيين في أفغانستان، الذين قال إنه على علاقة بمجموعات تشبه المافيا, وربما بالمتمردين. وقال كرزاي، الذي أصدر مرسوما بضرورة حل مجموعات المتعهدين الأمنيين الأجانب خلال الأشهر الأربعة المقبلة لقناة «إيه بي سي» التلفزيونية: إن هؤلاء المتعهدين يعرقلون تطور الشرطة وقوات الأمن الأفغانية. وقال الرئيس الأفغاني أدعو دافعي الضرائب الأميركيين لئلا يتركوا أموالهم التي جمعوها بكدهم تهدر على جماعات لا تتسبب فقط في الكثير من المضايقات للشعب الأفغاني، لكنهم في الحقيقة، والله أعلم، على صلة بجماعات تشبه المافيا، وربما أيضا يمولون المتشددين والمتمردين الإرهابيين من خلال هذه الأموال. وأضاف كرزاي أن الأجور الأعلى نسبيا التي تدفعها شركات الأمن الأجنبية تبعد الأفغان عن الانضمام إلى الشرطة الأفغانية وقوات الأمن. وقال لماذا يأتي شاب أفغاني إلى الشرطة إذا كان يمكنه الحصول على وظيفة في شركة أمن لديها الكثير من الفسحة وليس فيها انضباط. لذا فمن الطبيعي أن تجد قواتنا الأمنية صعوبة في النمو. ومن أجل أن تنمو قوات الأمن يجب حل هذه المجموعات. وتحدث كرزاي كثيرا ضد شركات الأمن الخاصة، وقال مرسومه إن هذه الشركات حظرت لتفادي إساءة استخدام الأسلحة التي تسببت في حوادث مرعبة ومأساوية. غير أن كرزاي قال إن المتعهدين الأمنيين، الذين يحمون الدبلوماسيين وعمال الإغاثة سيسمح لهم بالعمل. لكنه أضاف بالتأكيد لن نسمح لهم بأن يكونوا في الشوارع والأسواق وفي الطرقات وعلى الطرق السريعة ولن نسمح لهم بالتقديم إلا لخطوط الإمداد. هذه مهمة الحكومة الأفغانية والشرطة الأفغانية. وضغط الرئيس الأميركي باراك أوباما على كرزاي في وقت سابق من هذا العام كي يبذل المزيد من الجهد في التصدي للفساد في أفغانستان. وترى وزارة الدفاع الأميركية الجدول الزمني الذي وضعه كرزاي، ويقضي بانسحاب المتعهدين الأجانب بنهاية العام الحالي جدولا شديد العدوانية، وينطوي على تحد. وتشير سجلات الشركات الأمنية الأجنبية التي لا تحظى بقبول في أفغانستان إلى وجود ما يزيد على 30 ألف حارس محلي في أفغانستان.

ونفى الرئيس كرزاي في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية «أي بي سي» وجود «عملية رسمية» للتفاوض مع حركة طالبان، مؤكدا في المقابل حصول اتصالات فردية مع عناصر من هذه الحركة. وقال كرزاي «بالطبع هناك اتصالات فردية مع عدد من عناصر طالبان إلا أنه لا يمكن وصفها في الوقت الحاضر بأنها عملية رسمية». واعتبر أن «خريطة الطريق» لعملية سلام مع المتمردين «واضحة». وتابع الرئيس الأفغاني «إن أفغانستان مستعدة للتحادث مع عناصر طالبان الذين يأتون من أفغانستان, والذين لا يشكلون جزءا من تنظيم القاعدة ولا من أي تنظيم إرهابي, ويوافقون على الدستور الأفغاني وعلى التقدم الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة, على أن يكونوا مستعدين للعودة إلى حياة مدنية طبيعية وألا تكون لهم علاقة بأي منظمات خارج أفغانستان». وتمكنت حركة طالبان خلال الفترة الأخيرة من تعزيز مواقعها في معاقلها في الجنوب، وفي شرق البلاد على طول الحدود مع باكستان, وحتى في مناطق بشمال البلاد كانت حتى زمن قصير هادئة نسبيا, على الرغم من وجود أكثر من مائة ألف عنصر من القوات الدولية. وشدد كرزاي على أنه «من الممكن جدا الانتصار في الحرب على الإرهاب»، مشددا على أهمية تغيير الوسائل المعتمدة. وتابع «لا بد من حماية الشعب الأفغاني بدلا من التسبب في قتل المدنيين, ولا بد من وضع حد للفساد وللممارسات الفاسدة بسبب الطريقة التي يمنح فيها المجتمع الدولي العقود, ولا بد من وضع حد للهيكليات الموازية للحكومة ووضع حد للشركات الأمنية الخاصة التي تنفق مليارات الدولارات وتمنع أفغانستان من تعزيز قوات الشرطة». وشدد كرزاي على أن أي اتفاق سلام مع طالبان لا يمكن أن يعيد النظر في المكاسب التي حققتها المرأة الأفغانية على طريق استعادة حقوقها. وكانت فترة حكم طالبان حتى نهاية عام 2001 قد شهدت انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان، خاصة لحقوق المرأة بشكل خاص.