مفاجأة كبرى: الأصول المتعثرة الأميركية تحقق مكاسب

حققت الصناديق الاستثمارية الثمانية عوائد تقدر بنحو 15.5%

تيموثي غيثنر، وزير الخزانة الأميركي، في طريقه إلى لقاء مع لجنة الإشراف والإصلاح الحكومي في الكونغرس (نيويورك تايمز)
TT

يستعد دافعو الضرائب الأميركيون للحصول على مليارات غير متوقعة من عملية إنقاذ المصارف داخل الولايات المتحدة. وفي الوقت الحالي، يمكنهم الحصول على أرباح كبيرة أخرى من برنامج حكومي أعد من أجل تطهير أصول عقارات متعثرة داخل المنظومة المالية.

جعلت إدارة الرئيس باراك أوباما من برنامج يطلق عليه «برنامج الاستثمار في القطاعين العام والخاص» عنصرا محوريا في خطتها للمساعدة على التعامل مع أسواق الائتمان المجمدة في ربيع 2009 عندما هدد غياب مشتري أوراق الرهن العقاري المعقدة المصارف الأميركية وقوض من عمليات الإقراض.

وبموجب البرنامج، قامت الحكومة بتقديم أموال وقروض رخيصة إلى مؤسسات استثمارية، مثل «ألينس بيرنستين» و«أوكتري كابيتال»، وافقت على شراء أوراق مالية مرتبطة برهن عقاري من مصارف ومؤسسات مالية أخرى.

وكان من المقرر أن يشارك دافعو الضرائب في أي أرباح، على الرغم من أن ذلك كان شيئا ثانويا بالمقارنة مع تحرير الأسواق من الأزمة.

وبعد مرور تسعة أشهر على بدء البرنامج، حققت الصناديق الاستثمارية الثمانية التي اختارتها وزارة الخزانة عوائد تقدر بنحو 15.5 في المائة لدافعي الضرائب، بحسب ما يفيد به تحليل للنتائج حتى نهاية يونيو (حزيران) أجراه لينوس ويلسون، أستاذ التمويل المشارك في جامعة لويزيانا - لافايت.

وحقق صندوقان من بين الصناديق الاستثمارية - أحدهما يديره تحالف يجمع بين «أنغولو» و«غوردن» و«سي إي كابيتال» والآخر يديره «بلاكروك» - نتائج أقوى، حيث سجلا عوائد تبلغ أكثر من 20 في المائة.

ويترجم ذلك إلى زيادة في قيمة الأصول تبلغ قيمتها نحو 657 مليون دولار لصالح دافعي الضرائب. ويتوقع بعض المحللين داخل «وول ستريت» أن دافعي الضرائب سوف يحصلون على ما يصل إلى 6.2 مليار دولار على هذه الاستثمارات خلال الأعوام التسعة المقبلة، من استثمار نحو 22 مليار دولار.

ومن المؤكد أن الأداء البارز للصناديق يمكن أن يرجع إلى تحسن في سوق سندات الرهن العقاري بدأ في نهاية العام الماضي وربما يكون من الصعب تكراره.

ولكن، يعد هذا تحولا كبيرا. ويشار إلى أنه عندما أعلنت الإدارة عن برنامج الاستثمار في القطاعين العام والخاص، وجهت انتقادات لاذعة إليه، وقيل إنها بمثابة مساعدة مجانية إلى شركات أسهم خاصة وغيرها من مديري الصناديق المالية داخل «وول ستريت»، وكان ينظر إلى البرنامج بصورة سلبية لدرجة أن الاقتصادي البارز جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل، وصفه في ذلك الوقت بأنه «سرقة للشعب الأميركي».

ولكن، قللت البداية القوية لهذه الصناديق الكثير من هذه المخاوف. ويقول ديفيد ميلر، مسؤول الاستثمارات الرئيسي داخل وزارة الخزانة والمشرف على حيازاتها المرتبطة بعمليات الإنقاذ: «لدينا مشاعر طيبة جدا إزاء الأداء حتى الوقت الحالي».

ولم تقدم الإدارة حتى الآن توقعاتها الخاصة بالأرباح، وسوف تستخدم كل العوائد من أجل دفع الديون الكبيرة على الولايات المتحدة. ومع ذلك، ستكون أي أرباح إضافة جيدة لصالح دافعي الضرائب، بحسب ما يقوله ميلر.

ويشير ميلر إلى أن الفائدة الرئيسية من البرنامج كانت تتمركز في المساعدة على إحياء سوق سندات الرهون العقارية المعقدة، التي تراجع التداول فيها قبل عام ونصف العام. وقد ساعد ذلك على وقف عملية تراجع أسعار الأصول ومهد الطريق أمام موجة من صفقات السندات الجديدة، التي يعتمد عليها المقرضون في تمويل رهون عقارية جديدة. ويقول ميلر: «ننظر إلى ذلك على أنه مهمة أنجزت».

وقد تراجع نطاق الإجراء الحكومي قبل أن يبدأ. وفي الواقع، كان الهدف الأصلي لبرنامج إنقاذ فيدرالي قيمته 700 مليار دولار، أقرها الكونغرس خلال فترة وزير الخزانة هنري بولسون، شراء أصول رهون عقارية بنسبة كبيرة. وبدلا من ذلك، استخدمت هذه الأموال من أجل القيام باستثمارات مباشرة في المصارف المتعثرة.

وعليه، فإنه من أجل إعادة بدء التداول في أصول الرهون العقارية، أعلن وزير الخزانة التالي تيموثي غيتنر عن بدء برنامج استثمارات في القطاعين العام والخاص، وهو برنامج أصغر نسبيا. وكانت الإدارة تأمل تحديد أسعار سوقية للأصول حتى لا تضطر المصارف إلى بيعها بأسعار زهيدة.

ولكن، كأثر جانبي حول هذا التدخل الحكومي غير المسبوق في القطاع المصرفي، الذي كان نتيجة الأزمة المالية، الحكومة الأميركية إلى أحد أكبر المستثمرين الذين يشترون ديون مؤسسات أملا في تحقيق أرباح من خلال إعادة الهيكلة.

وبالإضافة إلى 22 مليار دولار استثمرتها وزارة الخزانة الأميركية في برنامج القطاعين العام والخاص، جمع الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي داخل الولايات المتحدة) نحو 69 مليار دولار في صورة قروض وسندات خلال ساعات الإنقاذ الـ11 لـ«بير ستيرنز» و«أميركان إنترناشيونال غروب». وبدا أن هذا البرنامج سيحول مليارات الدولارات لديه إلى أرباح لصالح دافعي الضرائب.

وقامت وزارة الخزانة مع الاحتياطي الفيدرالي بتخصيص ضعف ذلك من أموال دافعي الضرائب لأصول عقارية متعثرة لتكون أكبر قيمة مجتمعة قامت أكبر عشرة صناديق استثمار عقاري خاصة بتجميعها هذه النوعية من الأصول خلال العقد الماضي، بحسب ما ذكرته «بروكوين» التي تقدم معلومات مالية.

وفي الظروف العادية، تمثل هذه الصناديق شريان الحياة لتمويل العقارات.

ولا يزال جميع هذه الأموال التي استثمرتها الحكومة شيئا صغيرا بالمقارنة مع 1.8 تريليون دولار قيمة أوراقة مالية متعثرة مرتبطة بالرهن العقاري التجاري والسكني كانت مؤهلة للبيع عندما بدأت الصناديق الاستثمارية التي حددها برنامج الاستثمار في القطاعين العام والخاص عمليات الشراء في فصل الخريف الماضي، بحسب ما يذكره تقرير بحثي لـ«باركليز كابيتال». ولا تزال هذه الأصول في أرصدة الكثير من المصارف وشركات التأمين ومؤسسات الاستثمار داخل «وول ستريت».

ولكن، قدم البرنامج جرعة كبيرة من الثقة في الأسواق، وطمأن المستثمرين بأنه سيكون ثمة تدفق منتظم من المشترين لشراء الأوراق المالية المتعثرة.

وقد قدمت أكثر من 100 شركة استثمار طلبات للمشاركة في البرنامج وحصلت على أموال من مستثمرين في القطاع الخاص. وعلى الرغم من أن ثمانية صناديق فقط اختيرت للحصول على أموال حكومية، بقيت الكثير من الشركات الأخرى في الأسواق لتساعد على رفع الأسعار. ويقول ويلبر روس، وهو مستثمر مخضرم يساعد على إدارة الصندوق «إنفسكو»: «لقد غير ذلك من العرض والطلب».

ويوجد في برنامج الاستثمار في القطاعين الخاص والعام بعض المشكلات. وعلى سبيل المثال، لم يستخدم حتى الآن عنصر آخر ضمن البرنامج، المقرر أن تديره مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية ويستهدف التشجيع على شراء قروض العقارات بدلا من السندات.

كما لم يتم تحقيق بعض التعهدات الأولية بأن يكون المستثمرون العادون قادرين على «تحقيق أرباح من عملية الإنقاذ» من خلال امتلاك أسهم في صناديق للاستثمار في القطاعين العام والخاص. وعلى سبيل المثال، عجزت «بلاك روك» عن الحصول على موافقة لإنشاء صندوق استثمار تبادلي لمستثمرين عاديين كان من المفترض أن يستثمروا بدرجة كبيرة في صندوق القطاعين العام والخاص التابع للشركة.

وعرضت «ليغ ماسون» و«نوفين إنفستمنتس» على العملاء فرصة لامتلاك أشياء أصغر في استثمارات البرنامج من خلال صناديق «مورتغاج أوروبتيونتي» الاستثمارية التبادلية التي يبيعونها.

وقد أثار مراقبون حكوميون مخاوف بشأن البرنامج. وقال نيل باروفسكي، المفتش العام المكلف مراقبة استخدام أموال خطط الإنقاذ، إن وزارة الخزانة أخطأت عندما قالت إنها عجزت عن تحديد «معايير مناسبة وضوابط داخلية».

ويقوم مديرو الصناديق بإرسال تقارير عن الأداء إلى مسؤولين فيدراليين مرة شهريا على الأقل، ولكن خلص باروفسكي إلى أن توقع أن تقوم شركات خاصة بصياغة سياسات وإجراءات مفصلة «غير مناسب على ضوء مخاطر تضارب المصالح الموروث» في برنامج الاستثمار في القطاعين العام والخاص. ومن المقرر أن تنتهي مراجعته مديري صناديق القطاعين العام والخاص في سبتمبر (أيلول).

وفي هذه الأثناء يتساءل مشككون، مثل البروفسور ويلسون، فيما إذا كانت شروط التمويل المفضلة للحكومة كانت تشجع مديري الصناديق المشاركة في البرنامج للقيام برهانات محفوفة بالمخاطر من دون إعطاء دافعي الضرائب هامشا كبيرا من الميزات.

وعلى الرغم من أن الصناديق الاستثمارية الثمانية المشاركة في البرنامج سجلت نتائج يعتمد عليها حتى الآن، فقد استثمرت نحو 16.2 مليار دولار فقط أو أكثر قليلا من 55 في المائة من 29.2 مليار دولار إجمالي الأموال التي حصلت عليها، حسب ما تفيد به بيانات حكومية حتى يونيو (حزيران).

وقد وضعت وزارة الخزانة قرابة ثلاثة أرباع هذا المجمل، في مقابل أموال قدمها مستثمرون من القطاع الخاص مع تقديم مساعدة أكبر لتمويل الديون بنحو 1.3 في المائة، وهو أقل من معدلات الفائدة المعتادة.

* خدمة «نيويورك تايمز»