المخاطر لا تزال تحيط بالجنود الأميركيين في العراق رغم انتهاء مهمتهم القتالية

ضابط مخاطبا جنوده: الأول من سبتمبر لا يعني تبدل الأوضاع بلمسة زر

جندي أميركي يوزع أدوية على عراقيات ببغداد أمس في إطار برنامج للمعونات الإنسانية (رويترز)
TT

علم الكولونيل مالكوم فروست أن هناك تساؤلات، فالنهاية الرسمية للمهمة القتالية الأميركية في العراق تقترب، لكن جنوده الذين يعملون في اثنين من أخطر المحافظات العراقية لا يزالون موجودين هناك.

جلس فروست وكتب خطابا لعائلات جنوده يقول لهم فيه: «إن الأول من سبتمبر (أيلول) لا يعني تبدل الأوضاع بلمسة زر، بل إن المسؤولية الملقاة على عاتقنا عظيمة، ولا بد لنا أن نكملها حتى النهاية».

ويرى الجنود في كتيبة فروست أن الأول من سبتمبر يمثل نقطة تحول كيفي، حيث سينخفض عدد الجنود إلى أقل من 50000 جندي، بالتوافق مع وعد إدارة الرئيس أوباما، ولن تضطر القوات إلى مغادرة القاعدة بصورة كبيرة، لكن الأميركيين لا يزالون يموتون في العراق، والقتال من أجل استقرار الأوضاع في العراق لا توجد له نهاية قريبة في الأفق. كما يرى الجنود الأميركيون أن العراق لا يزال ساحة حرب حتى وإن لم يعودوا يقومون بمداهمات لمنازل العراقيين.

وبدلا من تنفيذ مهام قتالية، تم تخصيص وحدة فروست كفرقة مساعدة واستشارة، مثل 5 ألوية أخرى لا تزال موجودة في العراق. وتتلخص مهام الوحدات الست في تدريب القوات الأمنية العراقية وجمع المعلومات الاستخبارية ومساعدة القوات الجوية العراقية الناشئة، وفي النهاية يتم إنهاء مهمتها القتالية والعودة إلى الولايات المتحدة. وهذا الدور الجديد المحدود للقوات الأميركية في العراق في إطار عملية «الفجر الجديد» هو أحدث خطوة في سياق عملية الانتقال التي بدأت قبل أكثر من عام عندما انسحبت القوات الأميركية من المدن الكبرى وتراجعت إلى قواعدها. غير أنه في غضون أقل من شهرين من اضطلاع وحدته بدورها الجديد قتل اثنان من جنود فروست. فلا تزال المهمة تحتمل التعرض للمخاطر خاصة عندما يصاحب الجنود القادة أو المدربين إلى مقابلات مع المسؤولين العراقيين.

وكانت التقارير الإخبارية في الولايات المتحدة قد أثنت على قرار سحب آخر لواء مقاتل من العراق، مما دفع عائلات الجنود الأميركيين الذين لا يزالون هنا إلى الاتصال بأبنائهم يسألونهم عما إذا كانوا سيعودون أيضا، لكن الجنود قالوا لزوجاتهم وآبائهم وأجدادهم إنهم لا يزال أمامهم 300 يوم أخرى.

وغداة احتفال بقية الجنود الأميركيين برحيلهم عن العراق، كان الجنود في قاعدة «وورهورس» الأميركية الأمامية في حداد على السارجنت جمال ريهت، المسعف الطبي الذي قتل يوم 15 أغسطس (آب)، إثر انفجار قنبلة يدوية في شاحنته عندما كانت مجموعته تغادر مقر قوات الشرطة الفيدرالية العراقية في بعقوبة، شمال بغداد، في مهمة تدريبية.

وعلى الرغم من لقبهم الجديد فإن الجنود يعلمون أن المهمة لم تنته بعد، بالنسبة إليهم على الأقل، لا للعراق. فأسماء مثل ريهت ومايكل رونيان جنديي الكتيبة الأولى من الفوج 21 مشاة، أضيفت إلى نصب تذكاري يحيي أسماء الجنود الذين سقطوا، حيث يضم خمسة ألواح خراسانية على الأقل داخل القاعدة.

ويقول السارجنت بول رودريك (29 عاما): «آمل أن نترك هذا المكان أفضل مما كان عندما جئناه».

لكن الكثير من الجنود يرون أن العراق صار أكثر أمنا خاصة مع وجود المزيد من القوات الأمنية العراقية المزودة بأسلحة متقدمة وانخفاض العنف مقارنة بالأيام التي شهدت زيادة أعداد القوات الأميركية، حيث تزايدت أعداد القتلى بين الجنود الأميركيين والمواطنين العراقيين. لكن تفاعل الجنود مع المجتمع هنا محدود ولا يرون سوى القليل مما يحدث خارج القاعدة.

وتحدث الليفتنانت مايك ماكروسكي أمام رجاله خارج عربتهم المدرعة من طراز «سترايكر» قائلا «بالأمس (أول من أمس) انفجرت سيارة مفخخة في بعقوبة قتلت اثنين وأصابت 12 آخرين، وقام فريق مكافحة الألغام بتعطيل قنبلة أخرى كانت تستهدف الحكومة المحلية، فعمليات الاغتيال كثيرة جدا».

كانت مهمتهم خلال ذلك اليوم حراسة قائدهم بيرت إيسلر إلى اجتماع مع القائد العراقي في المقدادية خارج العاصمة المحلية، كان الطريق جديدا بالنسبة إليهم، وحذر ماكروسكي الجنود من القنابل المزروعة على جانب الطريق، وطلب منهم ألا يطلوا برؤوسهم خارج العربة قدر الإمكان. وقال ضابط الصف جوشوا جونسون (25 عاما) متخصص المدفع الرشاش على السيارة، وهو يرتدي ملابسه ويتخذ مكانه على العربة: «في أغلب هذه المهمات يصحبون الأفراد إلى مقاصدهم وينتظرونهم بالخارج». وفي منتصف الطريق توقفوا لانتظار وصول حراسة من الشرطة العراقية قبل أن يستكملوا طريقهم. دخل إيسلر إلى مقابلة القائد العراقي، بينما انتظر أغلب الجنود في الخارج، وقد خلعوا خوذاتهم وتركوا أبواب السيارات مفتوحة.وقال السارجنت جستن أوستن (23 عاما)، وهو يشير إلى الجدران الخراسانية المحيطة بالمنطقة: «إننا آمنون هنا إلى حد ما، فالمقدادية واحدة من أسوأ المناطق في العراق الآن، ربما تكون الحرب قد انتهت، لكن المؤكد أن القتال لم ينته بعد. فالناس لا يزالون يسقطون هنا».

* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»