مفاوضون إسرائيليون سابقون ينصحون نتنياهو بالتعامل الجاد مع الفلسطينيين

جلعاد شير: إضعاف أبو مازن ليس من مصلحتنا

TT

توجه 4 مفاوضين إسرائيليين سابقين بالنصح إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يتعامل بجدية مع استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين. وقدم كل منهم اقتراحات عينية تعينه على تحقيق أهدافه منها. ومن هذه النصائح أن فكرة إضعاف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، التي يحاول تطبيقها مسؤولو اليمين الإسرائيلي باستمرار، ليست في مصلحة إسرائيل. بل إنه كلما كان قويا أكثر كان السلام مع الفلسطينيين أكثر قوة وثباتا.

وكان نتنياهو نفسه قد قرر أن يقيم طاقما مهنيا صغيرا لإدارة المفاوضات، يتألف من مهنيين ومن دون سياسيين، حتى يضمن عدم تسريب معلومات إلى الصحافة ويضمن نجاعة المفاوضات. وقال إنه سيختار طاقمه من موظفين مهنيين مقربين منه ومخلصين له وفقط له. وعندما نفى نتنياهو أن يكون قد اتفق مع الإدارة الأميركية حول صيغة توافقية تتعلق باستئناف البناء في المستوطنات وقالوا إن الموضوع سيطرح على جلسة المفاوضات الأولى، من خلال الإصرار الإسرائيلي على استئناف البناء فور انتهاء فترة التجميد في 26 سبتمبر (أيلول) المقبل، بادر المفاوضون الأربعة، كل من طرفه، إلى تقديم اقتراحات له حول أفضل السبل لمواجهة هذه المشكلة. وقد تكلموا في ندوة سياسية في بئر السبع، أمس.

فقال أوري سفير، المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية والمفاوض الرئيسي حول اتفاقيات أوسلو ويشغل حاليا منصب مدير مركز بيريس للسلام في يافا: «هناك خياران لا ثالث لهما، لكي تكون هذه المفاوضات سليمة. فإما أن يفضل نتنياهو المستوطنين وحلفاءه في اليمين وإما أن يفضل عملية السلام. المسألة تحتاج إلى قرار استراتيجي شجاع منه، يفاجئ العالم ويدخل في مواجهة مع اليمين ويزعزعه حتى لا يعود ليكبل يديه في المحطات المقبلة. والقرار يجب أن يكون باستمرار تجميد البناء في جميع المستوطنات. فإذا سمحوا له بالبناء في الكتل الاستيطانية، سيربح بعض الوقت لا أكثر، بينما إذا جمد الاستيطان، سيتحول العالم كله لصالحه وسيبدأ بممارسة الضغوط على الفلسطينيين حتى يقدموا تنازلات من طرفهم ترضي هذا اليمين».

وقال زلمان شوفال، السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن وكان قد شارك في المفاوضات مع الفلسطينيين في زمن حكومة نتنياهو الأولى، أواسط التسعينات: «ينبغي أولا التوصل مع الإدارة الأميركية إلى برنامج عمل للمفاوضات والإصرار على رفض الشروط الفلسطينية المسبقة. موضوع الاستيطان، يجب أن يكون وفقا للحسابات التي تضمن بقاء الائتلاف الحالي، ولكن من دون إعلان. على نتنياهو أن يتفق مع المستوطنين على تحويل موضوع البناء في المستوطنات إلى موضوع سري. وإذا وجد أنه مضطر لتجميد جزئي بسيط للبناء، فيجب أن يترافق الأمر مع سن قانون يلزم بطرح أي اتفاقيات سلام على الكنيست والحصول على أكثرية ثلثي الأصوات في الكنيست». ويرى شوفال أن حكومة نتنياهو تترك الرأي العام العالمي خاضعا للدعاية الفلسطينية والعربية، ويدعو إلى حملة إعلامية واسعة لشرح الموقف الإسرائيلي.

وأما السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن، البروفسور إيتمار رابينوفتش، الذي أدار في حينه المفاوضات مع سورية، فيرى هناك حلولا سحرية للكثير من القضايا الخلافية. ولكن يجب الانتظار وعدم طرحها في الوقت الحاضر وتأجيلها إلى المفاوضات السرية بين الطرفين. ويقترح على نتنياهو أن لا يوافق على جعل قضية استئناف البناء الاستيطاني أو تجميده قضية مركزية، «فهذه مسألة تقنية. وإذا كنت تريد تقديم تنازل للفلسطينيين حولها، لا تطرحه اليوم بل انتظر حتى تبدأ المفاوضات. فعلى طاولة المفاوضات تحصل على ثمن لكل شيء. بينما كل تنازل قبل المفاوضات، سيكون مجانيا».

ويقول جلعاد شير، مدير ديوان رئيس الوزراء في زمن إيهود باراك رئيس طاقم المفاوضات مع الفلسطينيين، إن على نتنياهو أن يناور بنجاح ما بين ائتلافه اليميني وبين الفلسطينيين والأميركيين. فأولا يمكن أن يقرر الاستمرار في تجميد البناء في المستوطنات القائمة في قلب الضفة الغربية ويستأنف البناء في القدس والكتل الاستيطانية. وثانيا، يجب الانتباه إلى الرئيس الفلسطيني. فليس من مصلحة إسرائيل أن يكون هذا الرجل ضعيفا. فمع قائد فلسطيني ضعيف، لا يصمد اتفاق السلام. وبما أن نتنياهو يبدي تفهما لمصالح إسرائيل في عملية السلام، إذ أنها الضمان الوحيد لوجود إسرائيل دولة ديمقراطية ذات أكثرية يهودية، عليه أن يسعى لهذا السلام مع عباس بالذات قبل أن يفوت الأوان.

وجدير بالذكر أن مصادر في الخارجية الإسرائيلية ذكرت أول من أمس أن نتنياهو حاول جس نبض نائبه ووزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، إن كان مستعدا لمرافقته إلى مؤتمر القمة في واشنطن لافتتاح المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، الخميس المقبل، لكن ليبرمان رفض وعلل رفضه بأنه لا يؤمن بأن هذه المفاوضات سوف تسفر عن أي نتيجة.

وأضافت هذه المصادر أن ليبرمان قال لنتنياهو إنه لن يشوش على احتفالات البيت الأبيض، ولكنه لا يريد أيضا أن يكون فيها شريكا. ونقل عنه القول «فأنا مصر على رأيي أن الفلسطينيين يأتون إليها مجبرين، وسيتحينون الفرصة للانسحاب منها في اللحظة التي يصبح ممكنا أن تلصق تهمة إفشالها بإسرائيل»، وتابع القول: إن «هذا مطب فلسطيني يحاولون إيقاعنا فيه».