تحذير من انتشار السلاح في أحياء بيروت.. وحزب الله يأسف لـ«الاستغلال السياسي»

5 موقوفين في أحداث بيروت.. والتحقيق يكشف هوية عدد كبير من المتورطين

رئيس الوزراء سعد الحريري مستقبلا ممثل الامم المتحدة في لبنان مايكل وليامز لمناقشة التطورات الامنية (دالاتي ونهرا)
TT

تشهد التحقيقات التي تجريها الأجهزة القضائية والأمنية في الأحداث التي حصلت يوم الثلاثاء الماضي بين الأحباش وحزب الله في بيروت «تقدما ملموسا»، بحسب ما كشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط». وقال إن «التحقيق وضع يده على معلومات مهمة، تتعلق بأسباب الحادث وتطوراته، وهو توصل إلى تحديد أسماء الكثير ممن أطلقوا وتسببوا بسقوط ضحايا، وشاركوا في الاعتداء على مسجدي برج أبو حيدر والبسطة وبعض المنازل، وإحراق وتكسير محال تجارية». وأوضح المصدر أن «عدد الموقوفين تجاوز حتى الآن الخمسة أشخاص، وأن التوقيفات لن تقتصر على هذا العدد، وإنما ستشمل كل من شارك في ترويع الناس». وأشار إلى أنه «كلما توصل التحقيق لكشف أحد من المتورطين في هذه الأعمال تجري مداهمته وتوقيفه من قبل الجيش وبناء على إشارة القضاء»، وقال عندما «نتثبت من هوية أي مشترك في هذه الحادثة يجري توقيفه تلقائيا من دون أن نستعطي أحدا أو نطلب من أي فريق تسليمه».

إلى ذلك، بقيت أحداث برج أبو حيدر في صدارة المتابعة السياسية، لا سيما من وزراء ونواب وأحزاب «14 آذار» الذين نبهوا إلى خطورة التغاضي عن انتشار السلاح في الأحياء السكنية والعودة إلى نغمة «الأمن بالتراضي». وقد حيا وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور سليم الصايغ صمود أهالي بيروت، وشدد على «هيبة الدولة اللبنانية»، واضعا المعادلة الآتية «إما دولة أو لا دولة». وطالب «بأن تكون بيروت منزوعة السلاح»، وقال: «إما أن يفرض الجيش سلطته ويحكم ويحافظ على كرامة الإنسان، وإلا فلا أسف على دولة كهذه، وهذا الكلام طرحناه في مجلس الوزراء». وتوجه إلى حملة السلاح بالقول: «من يعتقد أن سلاحه يحميه اسألونا نحن، لا شيء يحميكم إلا الدولة اللبنانية، والمعادلات الثلاثية (الجيش والشعب والمقاومة) لا تحميكم».

وحذر وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي، من «خطورة انتشار السلاح بصورة عشوائية بين الناس في جميع المناطق»، داعيا إلى «معالجة هذه الظاهرة بطريقة حاسمة وسريعة، لأن أي تهاون فيه يؤدي إلى إضعاف هيبة الدولة ويشجع العابثين بالأمن والذين يريدون شرا بلبنان». وقال: «إن القبض على مطلقي النار إلى أي جهة انتموا، ومحاكمتهم وفقا للقوانين، يعطي المواطنين ثقة بالدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية، وإلا سيتجرأ أي كان على الإخلال بالأمن وتهديد السلم الأهلي وترهيب الناس».

ورأت وزيرة الدولة منى عفيش أن «نزع السلاح يجب أن يبدأ من بيروت ليشمل كافة المناطق اللبنانية»، رافضة «تطبيق مبدأ الأمن بالتراضي»، ومذكرة بأن «البيان الأخير لمجلس الوزراء دعا الجيش اللبناني إلى التدخل فورا لضبط الأمن عند حصول أي اشتباكات». وشدّدت على أن «مهمة الجيش الأساسية هي المحافظة على الأمن في البلد ومن غير المسموح أن يكون في أيدي المواطنين أسلحة من النوع الثقيل الذي استخدم خلال اشتباكات بيروت وبالتالي يجب أن يوضع حد لانتشار مثل هذا السلاح».

في هذا الوقت، أكد عضو كتلة حزب الله النائب نوار الساحلي لـ«الشرق الأوسط» أن «ما حصل هو حادث فردي، ليست له أي خلفيات أو أبعاد سياسية، وتتم معالجة ذيوله عبر التحقيقات التي يجريها الجيش اللبناني الذي نثق به»، ورأى أن «البعض استغل هذا الحادث استغلالا رخيصا، واستغل دماء شباب لبنانيين، ويحاول الآن استثماره في السياسة وإعطاءه أبعادا ملتوية لا تمت إلى الواقع بصلة، وهذا أمر ليس بريئا ولا يصب في مصلحة بيروت وأهلها»، مذكرا بأن «بيروت هي لكل اللبنانيين ونحن الأكثر حرصا عليها».

إلى ذلك استغرب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع الكلام عن 4 موقوفين بعد مرور أكثر من ثلاثة أيام على حادثة برج أبو حيدر، على الرغم من نزول مئات المسلحين المعروفين إلى الشوارع، وسأل «ما هي أسباب وأهداف وجود تركيبة قتالية بهذا الحجم وبهذا الكثير والعتاد في قلب العاصمة بيروت؟». واعتبر أنه «يمكن أن يكون الحادث فرديا ولكن كيف نفسر مسألة انتشار مجموعات مسلحة منظمة في فترة أقل من ساعة اتخذت طابعا قتاليا كاملا وقامت بعمليات اقتحام ومداهمة طالت مواطنين وأماكن كثيرة». وقال «إن الدولة أمام اختبار دقيق كبير وحاسم، فإما أن تسترد سلطتها على كامل أراضيها وخصوصا في العاصمة من خلال توقيف المشاركين جميعهم في هذه الأحداث ومصادرة أسلحتهم، وكل أسلحة أخرى يعرفون بوجودها، وإما أن تكون قد فقدت سلطتها وهيبتها وثقة اللبنانيين فيها».

ولفت عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري إلى أن «الحديث الدائر عن نزع السلاح من بيروت إنما يطال سلاح (الزعران) المنتشر في الأزقة». وشدد على أن «بيروت منزوعة السلاح إنما ترمز لكل الوطن فالسلاح الذي أحرق مسجدا في بيروت لا يفترض أن يكون سلاح مقاومة». وقال: «السلاح الذي أطلق 90 قذيفة على منطقة آمنة، وقتل الأبرياء لا يمكن أن يكون سلاح مقاومة، لذلك نحن لا نتحدث عن سلاح مقاومة بل نتحدث عن سلاح الزعران، الذي يرهب الناس».

وشدد عضو كتلة المستقبل النائب محمد قباني على وجوب «ألا يكون السلاح موجودا علانية بين المنازل وفي الأحياء والأزقة»، موضحا أن الدعوة إلى جعل مدينة بيروت على وجه الخصوص منزوعة السلاح جاءت «على خلفية تكرار الأخطاء في السنوات الأخيرة في بيروت والتداخل بين سكان ينتمون لمشارب سياسية مختلفة».