واشنطن حذرة حيال قضية عمر خضر في أول محاكمة عسكرية بغوانتانامو

تساؤلات حول مدى ملاءمة محاكمة جندي طفل

TT

بعد العمل على مدار عام لإصلاح السمعة الدولية للمحاكم العسكرية، يساور مسؤولو إدارة أوباما القلق حيال أول قضية يجري النظر فيها طبقا للقواعد الجديدة، وتخص القضية طفلا جنديا سابقا وجه إليه محقق أميركي تهديدا ضمنيا بتعريضه لاغتصاب جماعي.

كان المتهم عمر خضر في الـ15 من عمره عندما ألقي القبض عليه في أفغانستان واتهم بإلقاء قنبلة يدوية أسفرت عن مقتل جندي أميركي. وأشار مسؤولون رفيعو المستوى إلى أن محاكمته تقوض جهودهم الأوسع نطاقا الرامية لإظهار الإصلاحات التي يؤكدون أنها أضفت على المحاكم العسكرية طابعا منصفا وعادلا.

من جهته، قال ماثيو واكسمان، الذي تولى المنصب المسؤول الأول عن شؤون المحتجزين لدى البنتاغون خلال فترة إدارة بوش: «من الواضح أن هذه القضية تشكل بداية بشعة لعمل المحاكم العسكرية. هناك قدر بالغ من الشكوك والعداء الدوليين حيال المحاكم العسكرية، وهذه قضية بالغة الصعوبة من الصعب استغلالها في التصدي لتلك الشكوك ومشاعر العداء».

على صعيد غير معلن، اتفق مسؤولون بارزون في البيت الأبيض ووزارتي العدل والدفاع على أنه من الأفضل التوصل إلى اتفاق تفاوضي لتخفيف العقوبة في قضية خضر، بحيث تصبح المحاكمة الافتتاحية أقل إثارة للمشكلات، طبقا لما ورد بمقابلات عقدت مع العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين. إلا أن الإدارة من ناحيتها تجنبت ممارسة ضغوط لتحقيق ذلك نظرا لخشية المسؤولين، لأسباب قانونية وسياسية، من أن ينظر للأمر باعتباره تدخلا غير مناسب.

يذكر أن محاكمة خضر داخل القاعدة البحرية في خليج غوانتانامو بدأت في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، لكن تم إرجاؤها بسبب مرض أحد المحامين وسقوطه مغشيا عليه داخل المحكمة. وسمحت فترة التوقف تلك للإدارة بالتفكير في التداعيات السلبية التي أثارتها المحاكمة بالفعل.

على رأس هذه التداعيات التساؤلات المستمرة حول مدى ملاءمة محاكمة جندي طفل. علاوة على ذلك، وفي صفعة لمساعي إقرار صورة للمحاكمة تقوم على الشفافية، فرض البنتاغون حظرا على صحافيين تناولوا معلومات معروفة على الصعيد العام كان قد أمر بضرورة التعامل معها كأسرار.

من جهته، رفض القاضي فرض التكتم على الشهادة التي أدلى بها خضر بعد سعي محقق تابع للجيش لإرهابه بقصة مختلقة حول شاب أفغاني أصاب المحققين بخيبة أمل وتم إرساله إلى سجن أميركي حيث توفي بعد تعرضه لاغتصاب جماعي. خلال جلسة استماع قبل انعقاد المحاكمة، أكد المحقق إصداره هذا التهديد الضمني، لكن القاضي أصدر حكما يقضي بأن هذا التهديد لا يؤثر بالسلب على الاعترافات التي أدلى بها خضر لاحقا.

وجرد المحققون ضابطا من أعضاء هيئة المحلفين من أهليته لهذا الموقع بعدما أعلن اتفاقه في الرأي مع الرئيس أوباما في أن غوانتانامو أضرت بقيم أميركا وسمعتها الدولية. وتحدث مسؤولو الإدارة فقط مع ضمان عدم الكشف عن هويتهم حول النقاشات التي دارت حول ما إذا كان ينبغي إجهاض المحاكمة. إلا أن وجهة نظرهم حيال الحاجة لتحسين الصورة العامة لمصداقية نظام المحاكم العسكرية - بحيث يتمكن حلفاء من التعاون عبر توفير أدلة أو ترحيل متهمين - وجدت أصداء في آراء كينيث إل. وانستاين، مساعد المحامي العام لشؤون الأمن القومي بإدارة بوش.

قال وانستاين: «من المهم بالنسبة للحكومة أن تكون قادرة على المضي قدما في المحاكمة، وأن تحقق ذلك على نحو يتميز بالشفافية، وأن تظهر للعالم عملية قضائية منصفة تحمل ضمانات قوية وإجراءات كاملة مناسبة. وكلما تحقق هذا سريعا، كان أفضل».

اللافت أن أحدا لم يقصد جعل محاكمة خضر الأولى في ظل النظام المنقح.

كان خضر قد وجهت إليه اتهامات بالفعل عندما أصدر أوباما قراره بتجميد المحاكمات في يناير (كانون الثاني) 2009. في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد إصلاح الكونغرس قواعد المحاكم العسكرية، ضم إريك إتش. هولدر، وزير العدل، خضر في مجموعة مبدئية تضم خمسة محتجزين سيبقون داخل النظام العسكري.

وأشار مسؤولون عسكريون إلى أنه في ذلك الوقت كان من المفترض أن هذا القرار سيتبعه تحويل محتجزين آخرين للنظام العسكري سريعا، لكن الجدال حول قرار هولدر بتحويل خمسة محتجزين آخرين إلى نظام المحاكم النظامي لمحاكمتهم في نيويورك بشأن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) تسبب في توقف العملية برمتها، وبدأ المحققون العسكريون في استئناف النظر في قضية خضر.

ولد خضر في تورنتو وينتمي لأسرة على صلة بتنظيم القاعدة، وكان مراهقا عام 2002 عندما عثر عليه داخل مجمع بأفغانستان مصاب بجروح خطيرة بعد تبادل لإطلاق النار مع جنود أميركيين. وتسبب انفجار قنبلة يدوية أثناء المعركة في مقتل سيرجنت بالجيش يدعى كريستوفر سبير.

وخلص المحققون إلى أن خضر ألقى بالقنبلة اليدوية - وهي نظرية يرفضها محامو الدفاع. ويقال إن شريطا مصورا عثر عليه داخل المجمع أظهر خضر وهو يعاون في زرع عبوات ناسفة على الجانب الطرق، لكن يبقى قتل سيرجنت سبير الاتهام الرئيسي بين خمسة اتهامات موجهة له.

* خدمة «نيويورك تايمز»