تجمع لـ«حزب الشاي» في مكان إلقاء مارتن لوثر كينغ كلمته الشهيرة.. يثير انتقادات

منتقدوه وصفوه بأنه «مهين» وقالوا إن التوقيت سياسي بامتياز

سارة بالين المرشحة الجمهورية السابقة لمنصب نائب الرئيس الأميركي تلقي كلمة وسط انصارها في واشنطن امس (رويترز)
TT

في الذاكرة الجماعية لكثير من الأميركيين، تجسدت حياة القس مارتن لوثر كينغ جونيور في لحظة واحدة قبل 47 عاما على درجات سلم نصب لينكولن التذكاري. ويقول أشخاص من مختلف الآيديولوجيات السياسية إنهم يستلهمون أفكارهم من «الحلم» الذي وصفه كينغ في ذلك اليوم؛ بأن لا يُحكم على الأطفال «بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم». وقد أثار التجمع الذي عقده المعلق المحافظ غلين بيك على درجات السلم نفسه أمس، متوجها إلى جماهير «حزب الشاي»، في ذكرى خطاب كينغ، من جديد نقاشات حول ما يمثله كينغ ومَن هم ورثته الحقيقيون.

ووصف بيك، الذي يقول إن رسالة كينغ تعرضت للتشويه، هذا الحشد بأنه بصورة جزئية فرصة «لبدء حلم مارتن لوثر كينغ من جديد» ولـ«استعادة هذا الحلم وإتمامه». ولكن يوجه منتقدون اتهامات إلى بيك، ويقولون إنه يسعى إلى خطف هذا «الحلم» من أجل تحقيق مكاسب سياسية حزبية.

ووفق ما يقوله مؤرخون، فإن ذكر كينغ من جانب معجبين من مختلف الأطياف السياسية بدأ منذ وفاته بعد خمسة أعوام من مسيرة عام 1963 من أجل الوظائف والحرية. ويقول كلايبورن كارسون، وهو مؤرخ وأكاديمي في جامعة ستانفورد، إن جنازة كينغ حضرها أشخاص لم يدعموا قضيته ولكنهم أرادوا الربط بينهم وبينه بعد وفاته. ويزعم كثيرون في الحياة العامة أنهم ساروا مع كينغ في فعالية أو أخرى، واضطر ميت رومني، الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس والمرشح الرئاسي الجمهوري إلى التراجع عن زعم بأن والده، الذي كان يدعم أفكار كينغ، قام بذلك.

ويجد سياسيون من مختلف الاتجاهات في أعمال كينغ مرجعا لهم. ويرى ليبراليون كلماته تدعم التمييز الإيجابي، وتمول مجموعة من المحافظين السود حملة إعلانية تقول إن كينغ كان جمهوريا. وفي عام 2008، اقتبس باراك أوباما فقرات من خطاب كينغ عندما قبل ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئيس في ذكرى تلك المسيرة. وقبل عقدين، استخدم المؤلف المحافظ شيلبي ستيل جزءا من الخطاب كعنوان لكتابه.

ويقول كارسون: «بمجرد أن رحل (كينغ)، أصبح بطلا مناسبا للجميع، لأن حينها ربما تراه شخصا وجه بعض الانتقادات للمجتمع الأميركي، ولكن نحن، كأميركيين، كنا نرعى هذه الأخطاء. ومن خلال الاحتفال به، نحتفل بأنفسنا، كما أننا لا نتعامل معه على أنه منتقد دائم».

ويقول بيك إنه لم يخطط عن قصد لأن يكون حشده لـ«استعادة الشرف» في ذكرى الخطاب، ولكن ينظر إلى التوفيق في التوقيت على أنها «عناية إلهية». ويقول بيك الذي يعارض التمييز الإيجابي والرعاية الصحية الشاملة، إن رسالة كينغ «استُعلمت بصورة غير صحيحة على نطاق واسع.» وقد بث أخيرا مقطعا للقس آل شاربتون يقول فيه إن الحلم «لم يكن من أجل رجل أسود داخل البيت الأبيض، ولكن كان الحلم من أجل جعل الأشياء كافة متساوية داخل منازل الجميع».

وقال بيك لجمهوره: «هذا ليس الحلم، ولكنه سوء استخدام للحلم، نحن شعب حركة الحقوق المدنية، ويجب أن يكون نحن مَن يرمز إلى الحقوق المتساوية والحقوق المدنية، الحقوق المتساوية والعدالة، وليست العدالة المخصوصة وليست العدالة الاجتماعية ولكن العدالة المتساوية، نحن ورثة وحراس حركة الحقوق المدنية، إنهم يشوهون هذا الحلم ويقومون بذلك عن قصد، لا يمكن أن توجد منازل متساوية أو أشياء متساوية».

ويقول روغر ويلكينز الذي كان في مسيرة عام 1963، إنه ليس من حق بيك أن يربط قضاياه السياسية بالنضال من أجل الاندماج العرقي. ومن بين منتقدي التجمع، مارك موريال، رئيس الرابطة الوطنية الحضرية، الذي وصف اختيار بيك ليوم ومكان الحشد بأنه «شيء مهين». وقد فصل ابن كينغ، مارتن لوثر كينغ الثالث، بلطف والده عن فعالية بيك في مقالة رأي نشرت هذا الأسبوع في «واشنطن بوست». ووصف النائب كريس فان هولن (الديمقراطي من ولاية ماريلاند)، رئيس حملة الحزب الديمقراطي لانتخابات الكونغرس، حشد بيك بأنه «سياسي على نحو فاضح».

ويقول بيك إن الفعالية لا علاقة لها بالقضايا السياسية. ومن غير المقرر أن يتحدث أي مسؤول منتخب أو استخدام أي شارات سياسية. وفي بعض الأحيان يصف هذا الحشد بأنه فرصة لتكريم من خدموا في الجيش الأميركي. وخلال ترويجه للتجمع في يونيو (حزيران)، قال: «بينما نصنع التاريخ معا، سيكون أطفالكم قادرين على أن يقولوا: (أتذكر. كنت هناك)، وفي الوقت الذي نستعيد فيه حلم مارتن لوثر كينغ الذي تعرض للتشويه وضاع، نقول: (لقد آمنا به عندما قاله لأول مرة لقد حان الوقت لاستعادة الحلم وإتمامه».

ويقول كارسون ومؤرخ آخر إن زعم الارتباط بحركة الحقوق المدنية سببه تبسيط القضايا التي قاتل كينغ من أجلها. ويقولان إنه على الرغم من أن كينغ في الذاكرة بنضاله من أجل العدالة بين الأعراق، فقد قاتل أيضا من أجل العدالة الاجتماعية وكان ينتقد كثيرا من ملامح المجتمع الأميركي، لا سيما معاملة الدولة للمواطنين الفقراء. (في برنامج عرض مؤخرا، دعا بيك مشاهديه إلى التحول عن الكنائس التي تروج لـ«العدالة الاجتماعية» التي شبهها بالاشتراكية).

ويقول ستيفن توك، وهو مؤرخ في جامعة أكسفورد درس حركة الحقوق المدنية: «بعيدا عن النقاش المتعلق بحركة (حفل شاي) والعرق، ثمة اختلاف واضح، وهو أن حركة الحقوق المدنية كانت تدفع الحكومة إلى التدخل في أنماط الحياة اليومية من أجل حماية حقوق الأميركيين الأفارقة، بينما تريد حركة بيك من الحكومة أن تتوقف عن التدخل في الحياة اليومية».

ولكن يقول برندان ستينهوسر، الذي يساعد على تنظيم مجموعات «حفل شاي» لدعم حشد بيك، إنه يستقي أفكاره من كينغ ومن حركة الحقوق المدنية.

ويقول ستينهوسر، وهو مدير مجموعة «فريدام وركس»: «كانت مسيرة 1963 عبارة عن تجمع جميل لمواطنين في احتجاج غير عنيف للتأكيد على حقوقهم في إطار الدستور. ويوجد تشابه من ناحية حركة (حفل شاي) حيث إنها حركة اجتماعية جماهيرية تهدف إلى إعادتنا لمبادئنا التأسيسية في إطار الدستور. نحن هنا من أجل القيام بذلك. وهذا حقنا بموجب التعديل الأول».

يشار إلى أن ألفيدا كينغ، وهي ناشطة محافظة، كانت صغيرة جدا عندما كان عمها يتحدث في المسيرة قبل 47 عاما. ولكنها ترى عناصر مشتركة بين الفعالية والحشد الذي يروج له بيك، وقالت خلال مقابلة أجريت معها: «دارت حوارات كثيرة بيني وبين غلين خلال تطور هذا الأمر، وتسمع غلين يقول طوال الوقت إننا عرق واحد وهو العرق البشري».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»