النائب العام المصري يحفظ التحقيقات في بلاغات إهدار المال العام بمشروع «مدينتي»

محامي «مجموعة طلعت مصطفى»: القضية سياسية وليس لها علاقة بالقانون

TT

وافق النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود، أمس، على قرار حفظ التحقيقات في قضية إهدار المال العام بمشروع «مدينتي»، والذي تقدم به برلمانيون من المعارضة والمستقلين، واستمعت فيه نيابة الأموال العامة إلى أقوال الدكتور محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق، وإلى أقوال قيادات هيئة تنمية المجتمعات العمرانية بوزارة الإسكان والمستشارين القانونيين بـ«مجموعة طلعت مصطفى».

وكان 45 نائبا بالبرلمان المصري قد تقدموا ببلاغ للنائب العام قبل عدة أشهر ضد وزير الإسكان السابق اتهموه فيه بإهدار المال العام والتفريط في أملاك الدولة المتمثل في تخصيص مساحة من الأرض تصل إلى 8 آلاف فدان لرجل المصري هشام طلعت دون تحديد ثمن الأرض، أو تحديد نظام لسداد الأقساط وبمقابل عيني لبعض الوحدات السكنية، وخصصت من خلال الأمر المباشر بالمخالفة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات.

واستغرقت التحقيقات نحو 5 أشهر وانتهت أمس بقرار النائب العام بحفظ التحقيقات لعدم وجود شبهة إهدار للمال العام ووجوب حفظ القضية، وقال بيان صادر عن مكتب النائب العام إن لجان إدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة بوزارة العدل انتهت إلى عدم وجود ضرر بالمال العام من جراء التعاقد، حيث تحصل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على مبالغ تصل إلى 13 مليار جنيه نظير الحصة العينية المتفق عليها، بما مؤداه قيام الشركة بشراء متر الأرض بمشروع مدينتي بمبلغ يصل إلى 391 جنيها للمتر الواحد دون مرافق الكهرباء والاتصالات وهو سعر يزيد على سعر المثل الذي كانت تبيع الهيئة به للغير وقت التخصيص عام 2005 الذي لا يصل إلا إلى 237 جنيها للمتر بكامل مرافقه.

وأشار النائب العام إلى أنه تمت دراسة تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الوارد بشأن ذات العقد والذي أشار إلى بعض المخالفات التي لا يستدل منها على ما يقطع بأن هذه الأرض قد تم تخصيصها بسعر يقل عن ثمن الأرض وقت التخصيص، كما أن ما أشار إليه ذات التقرير من وجود إضرار بالمال العام إذا قامت الهيئة ببيع متر المباني المسلمة إليها بسعر 3315 جنيها، فإن ذلك لا يتفق مع المستقر عليه من أن الهيئة غير ملزمة بالبيع بهذا السعر وأن البيع سيكون بسعر السوق الذي يصل إلى 5500 جنيه للمتر.

وقال النائب العام إنه ثبت من التحقيقات أن القيمة السعرية التي تم البيع بها لأرض «مدينتي» بطريق الأمر المباشر وقت التخصيص تزيد على أسعار البيع بطريق المزاد، حيث إن آخر مزاد سابق على تخصيص أرض «مدينتي» أجرته الهيئة عام 2004 على مساحة 100 فدان بمدينة القاهرة الجديدة تم البيع فيه بسعر 200 جنيه بكامل المرافق وهو أقل من سعر المتر في أرض «مدينتي» الذي يصل إلى 391 جنيها للمتر على الرغم من تميز الموقع في مدينة القاهرة الجديدة واكتمال المرافق فيها خلافا لموقع أرض «مدينتي» وعدم اكتمال مرافقه. وقال النائب العام إن آخر مزاد علني أجرته الهيئة بعد تخصيص أرض «مدينتي» تم في عام 2007 ومن ثم فلا يجوز القياس على سعر الأرض الذي بلغه هذا المزاد وهو 660 جنيها للمتر وذلك لأسباب حاصلها اختلاف التوقيت، إذ إن هذا المزاد تم بعد عامين من تخصيص أرض «مدينتي» وهي فترة زمنية ارتفعت خلالها أسعار سوق العقارات بقدر كبير وكذا اختلاف الموقع، إذ إن هذا المزاد تم على أرض تمثل مركزا لمدنية القاهرة الجديدة وبعد تمام إعمارها إضافة إلى اختلاف الحال إذ إن المزاد تم على أرض مجهزة بعد تمام تسويتها وتوصيل كامل المرافق لها، كما أن الأرض التي ثبت تخصيصها لشركة المقاولون العرب والبالغ مساحتها 11 ألف فدان بقيمة تم تقديرها بمبلغ 42 جنيها للمتر، وهو مبلغ لا يقارن مع سعر المتر بأرض «مدينتي».

وقال الدكتور شوقي السيد المحامي عن «مجموعة طلعت مصطفى» لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار النائب العام يكشف عن وجه الحق لأن القضية منذ البداية قضية سياسية تكشف عن تيارات حزبية متنافسة وليس لها علاقة بالقانون، وزج فيها اسم هشام زجا». وأشار السيد إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية ساعة توقيع العقد كانت تتعامل مع شركة رأسمالها 780 مليون جنيه، لافتا إلى أن التحقيقات التي أجريت لم تترك كبيرة أو صغيرة إلا وعالجتها. وتساءل السيد مستنكرا عن موقف الجهاز المركزي للمحاسبات الذي «أصدر تقريرا في غير محل ولا مناسبة قبل ساعات من جلسة المحاكمة في قضية منظورة أمام المحكمة» بحسب تعبيره.

وكانت دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة قد حددت جلسة 14 سبتمبر (أيلول) المقبل للنطق بالحكم، والفصل بشكل نهائي في الطعن المقدم من وزارة الإسكان و«مجموعة طلعت مصطفى العقارية» لإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري (أول درجة)، التي أصدرت حكما أواخر شهر يونيو (حزيران) الماضي قضى ببطلان عقد البيع المبرم بين الوزارة و«مجموعة طلعت مصطفى» حيث استندت المحكمة في حكمها إلى وجود مخالفات لقانون المزايدات والمناقصات شابت العقد وتستوجب بطلانه.

وعلق الدكتور شوقي السيد على إمكانية الاستفادة من حفظ التحقيقات خلال جلسة النطق بالحكم بقوله: «لكل مجال مقال، لكن القرار سيكون عنصرا مهما بالتأكيد، ويمكن تقديم مذكرة بالقرار خلال الجلسة».

ومن جانبه قال حمدي حسن أمين الإعلام بالكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، أحد مقدمي البلاغ «نأسف لهذا القرار فنحن نشهد حالة من الفساد غير مسبوقة»، وأضاف: «طالبنا مرارا أن يكون منصب النائب العام في مصر غير تابع لوزارة العدل».

وأشار حسن إلى أن النواب يمتلكون الأدلة ولم يكن بلاغهم مجرد كلام مرسل، وقال «هناك شروط مجحفة وغير مسبوقة، والقضية تحتاج لمعالجة بشكل مختلف وندعو الناس إلى صندوق الانتخابات (مشيرا إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول) لكي نقيم العدل ونحاسب الفاسد».