الاقتصادات الأوروبية تتجه نحو الانتعاش المنشود

البيانات الأخيرة تؤكد هذا الاتجاه رغم المخاوف

البنك المركزي الأوروبي بمدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تؤكد البيانات الاقتصادية الصادرة عن أوروبا يوم بعد يوم، أن اقتصاداتها تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الانتعاش الاقتصادي المنشود، الذي لا يزال محفوفا بالكثير من المخاطر.. وحسب تقارير إعلامية أوروبية، أظهرت الاقتصادات العالمية الكثير من الإشارات لقرب الانتعاش الاقتصادي المنشود على الرغم من المخاوف المسيطرة على الأسواق بشأن مستقبل الانتعاش الاقتصادي العالمي، تتزايد التوقعات بأن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 3.3% خلال هذا العام، وفي منطقة اليورو يتوقع أن تسجل 1%، أما عن الصين فيتوقع أن تنمو بنسبة 10.5% والهند بنسبة 9.4%.

أظهر اقتصاد منطقة اليورو الكثير من التطورات بالإضافة إلى النمو السريع للصادرات، فيواصل القطاع الصناعي والخدمي نموه خلال الأشهر الماضية، وارتفعت مستويات الثقة في البلاد خلال يوليو (تموز) لأعلى مستويات منذ أكثر من عامين، حيث نشرت نتائج اختبارات الملاءة المالية للبنوك الأوروبية الثقة لدى المستثمرين بقدرة القطاع المصرفي الأوروبي على تحمل خسائر الديون العامة، وخاصة بعد فشل 9 بنوك من أصل 91 بنكا أوروبيا، فالنتائج جاءت أفضل من التوقعات، مما أكد أن القطاع المصرفي يستطيع الوقوف في وجه الأزمات.

وأظهر الاقتصاد الألماني الأكبر والأقوى أوروبيا، الكثير من التطورات بالإضافة إلى النمو السريع للصادرات ، فيواصل القطاع الصناعي والخدمي نموه، وارتفعت الثقة بمناخ الأعمال في البلاد خلال أغسطس (آب) لأعلى مستويات منذ ثلاثة أعوام. كما تراجع أداء القطاعات الاقتصادية الأساسية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو أيضا خلال الشهر الحالي، ولكنه لا يزال فوق الحد الفاصل بين النمو والانكماش عند 50، ويرى المراقبون أن تباطؤ نمو القطاعات الاقتصادية الأساسية في منطقة اليورو يعكس احتمالية تباطؤ وتيرة النمو في المنطقة بعد أن استطاعت في الربع الثاني من العام الحالي النمو بنسبة 1.0% بأفضل من الربع الأسبق 0.2% ، خاصة مع قيام الكثير من الحكومات الأوروبية بإقرار خطط تقشفية لتقليص العجز في الميزانية العامة متضمنة تخفيض الإنفاق العام، من المعلوم التأثير السلبي لهذه الخطط على مسيرة الانتعاش الاقتصادي.

ويقول المراقبون: «تقلص الحديث عن أزمة الديون السيادية من منطقة اليورو ولكن هذا لا يعني أسن المعضلة قد حلت ، فالاقتصادات الأوروبية لا تزال تواجه خطر عدم القدرة على سداد الديون العامة. ونما الاقتصاد البريطاني خلال الربع الثاني 1.2% بأسرع وتيرة مقارنة بالقراءة السابقة والتوقعات بنسبة 1.1%، وليسجل أكبر قفزة في النمو منذ 2001 بعد قيام الشركات بإعادة بناء مخزوناتها ، ونمو أداء قطاع البناء بعد الركود الذي أصاب القطاع خلال العامين الماضيين».

وأثبت الاقتصاد البريطاني أنه قادر على مواجهة الصعاب والتحديات ، فلقد استطاع النمو بعد إقرار الحكومة أكبر تخفيضات في الإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية، هذا وارتفعت معدلات التضخم فوق الحد الأعلى الذي وضعته الحكومة عند 3.0%، وأضف لذلك ارتفاع معدلات البطالة في البلاد عند 7.8% لأعلى مستويات منذ عشرة أعوام.

واستطاع اقتصاد منطقة اليورو النمو خلال الربع الثاني من العام الحالي بأفضل من التوقعات، وبأسرع وتيرة منذ عام 2006، كنتيجة لنمو الاقتصاد الألماني بأسرع وتيرة منذ عشرين عاما، وبعد نمو الطلب العالمي على الصادرات الأوروبية بنسبة 5.2% خلال يونيو (حزيران) الماضي، وتباينت مستويات النمو بين اقتصادات منطقة اليورو، فبعضها استطاع النمو بشكل سريع مثل ألمانيا التي استطاعت النمو بنسبة 2.2%، والبعض الآخر نما بخطى ثابتة مثل فرنسا التي نمت بنسبة 0.6% من 0.2% ، وهنالك اقتصادات انكمشت بشكل أعمق، مثل اليونان التي سجلت انكماشا للربع السابع على التوالي.. ونما الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بأسرع معدل في الربع الثاني من العام مدعوما بأداء جيد في ألمانيا وفرنسا، لكن ما زالت هناك مخاوف من تراجع الانتعاش.

وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو التي تضم 16 دولة نما بمعدل 1 في المائة في الربع الثاني بالمقارنة بالربع الأول من العام وبمعدل 1.7 في المائة بالمقارنة بالربع الثاني من 2009، وجاء ذلك بعد أن أقرت الكثير من الاقتصادات الأوروبية سلسلة من الإجراءات التقفشية بهدف تقليص العجز في الميزانية العمومية بعد الفوضى العارمة التي نشرتها أزمة الديون السيادية وأشعلت فتيلها اليونان، تتضمن الإجراءات رفع الضرائب وتخفيض الأجور بالقطاع العام، وهذا ما كان لها الأثر السلبي على مستويات النمو في بعض الدول الأوروبية مثل اليونان.