قيادي في كتلة علاوي لـ «الشرق الأوسط»: بايدن اقترح أن نستمر في محادثاتنا مع الحكيم لتقاسم السلطة

مساعد نائب الرئيس الأميركي متحفظا على مشاركة الصدريين: نريد حكومة تهتم بعلاقات طويلة الأمد معنا

TT

عكست تصريحات مسؤولين سياسيين عراقيين حول زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بغداد، التي وصلها أول من أمس، حدة الصراعات التي تعصف بين الكتل السياسية العراقية في حمأة صراعها على السلطة. ففي حين نفت مصادر حكومية أن تكون لزيارة بايدن أي علاقة بموضوع تشكيل الحكومة، فان بقية الكتل السياسية أكدت أن وجود نائب الرئيس الأميركي في بغداد وفي هذا الوقت بالذات ليس لغرض توديع جنوده العائدين إلى ديارهم، بل «من أجل الضغط على الكتل السياسية العراقية للإسراع بتشكيل الحكومة» حسبما أكد مصدر في الائتلاف الوطني العراقي لـ«الشرق الأوسط» أمس.

واعترف توني بلنكن، مستشار بايدن للأمن الوطني، بان زيارة نائب الرئيس الأميركي تأتي في الوقت الذي «يستمر فيه الساسة العراقيون في تناحرهم لتشكيل حكومة جديدة بعد أكثر من خمسة أشهر على إجراء الانتخابات في السابع من مارس (آذار) الماضي»، مشيرا إلى أن «تشكيل حكومة جيدة أمر حيوي لأن حكومة تصريف أعمال في بغداد ليس حلا دائما»، حسبما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز».

وأوضح بلنكن للصحافيين «هناك شعور يتنامى بأن تشكيل الحكومة يجب أن يمضي قدما وبالتأكيد فإن نائب الرئيس سيحض القادة على أن يتوصلوا إلى نتيجة».

وبحسب مصادر فإن السيناريو الذي سيحمله بايدن هو ذاته الذي دعت إليه الإدارة الأميركية في وقت سابق والذي يتضمن تكوين حكومة شراكة وطنية بين القائمتين الفائزتين في الانتخابات بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، والمنتهية ولايته نوري المالكي، وأن يتم التمديد للمالكي لولاية ثانية ولكن بصلاحيات محدودة، بينما يصبح علاوي رئيس مجلس الأمن القومي وبصلاحيات واسعة.

ونبه المستشار الأمني لبايدن بأنه ليس «لدى الولايات المتحدة خطة لكسر الجمود السياسي أو نية دعم شخصية معينة لتولي رئاسة الوزراء».

وحول المرشحين المقربين من التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين مقتدى الصدر، لمح بلنكن إلى أن بلاده لا ترى نفعا في مشاركتهم في الحكومة القادمة، وقال إن الحكومة العراقية يجب أن تضم «ائتلافا يهتم ببناء علاقات شراكة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة».

لكن مقترح استبعاد التيار الصدري جوبه برفض من علاوي، زعيم القائمة العراقية، عندما شدد «على عدم تهميش التيار الصدري في الحكومة المقبلة»، وذلك خلال لقاء بايدن وعلاوي أمس حسبما ذكر محمد علاوي لـ«الشرق الأوسط» أمس.

وكان قادة عسكريون أميركيون قد أعربوا عن مخاوفهم من أن تسند مناصب ووزارات أمنية للتيار الصدري مخافة أن تتسلل الميليشيات إلى صفوف قوات الأمن. وحاربت القوات الأمنية العراقية ميليشيا جيش المهدي الموالية للصدر خلال السنوات الماضية ونجحت في إضعاف نفوذها، غير أن القلق ما زال موجودا خوفا من استئناف أنشطتهم.

غير أن بايدن لم يبد أي اعتراض على مشاركة التيار الصدري في الحكومة المقبلة، بحسب القيادي في القائمة العراقية.

واستهل بايدن مهمته في بغداد أمس بلقاء الرئيس العراقي جلال طالباني، حيث أكد طالباني «سعي جميع الكتل السياسية لتشكيل حكومة شراكة وطنية تضم جميع الأطياف العراقية، وأن تعمل على عدم تهميش أي مكون أو طرف سياسي في هذه العملية»، مشيرا إلى أن «هناك مفاوضات جادة وحقيقية بين الكتل السياسية لتشكيل هذه الحكومة». حسبما نقل الموقع الرسمي لمجلس رئاسة الجمهورية العراقية على شبكة الإنترنت، أمس.

بايدن عبر عن أمله في أن «يتمكن العراقيون من تشكيل حكومتهم المقبلة، والتغلب على المشكلات والعقبات التي تقف دون ذلك، مشيرا إلى أن وجود مثل هذه الحكومة سيكون عاملا مهما في استقرار البلاد، مجددا دعم الولايات المتحدة العملية السياسية في العراق»، مثمنا «الجهود التي يبذلها الرئيس طالباني في لم شمل جميع الأطياف ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الكتل والقوى السياسية العراقية».

وحسبما يبدو، فإن اللقاء الثاني لنائب الرئيس الأميركي، وكان مع نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، لم يستغرق طويلا، واعتمادا على بيان الحكومة العراقية فإن «الجانبين بحثا عملية الانسحاب بموجب الاتفاق الموقع بين البلدين وأهميتها وضرورة الانتقال إلى العمل وفق اتفاق الإطار الاستراتيجي وتطوير العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية»، مضيفا: كما جرى «بحث الجهود التي تبذلها الكتل السياسية لتشكيل حكومة شراكة وطنية».

وحسب بيان الحكومة العراقية، فإن بايدن عبر «عن ارتياحه للتعاون بين الحكومتين العراقية والأميركية الذي أدى إلى المضي بتنفيذ الاتفاق وسحب القوات في المواعيد المتحدة وتمنى للشعب العراقي حياة آمنة مستقرة ومزدهرة وللقوات العراقية النجاح في مهمتها وعبر عن ثقته بقدرتها على بسط الأمن والاستقرار في عموم العراق».

محمد علاوي، القيادي في ائتلاف العراقية، وصف لقاء بايدن بزعيم القائمة، أياد علاوي، بالناجح، وقال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، إن «نائب الرئيس الأميركي لم يطرح اسم المالكي كرئيس للحكومة القادمة، وفي رأينا هذا تطور كبير بعدما كان بايدن قد أبدى عدم ممانعتهم ببقاء المالكي رئيسا للحكومة المقبلة في اللقاء السابق»، مشيرا إلى أن «الموقف الأميركي يفضل تحالف بين العراقية ودولة القانون، لكن إصرار المالكي على البقاء في منصبه وقف عقبة أمام تحقيق هذا المقترح لا سيما أن العراقية أبلغت نائب الرئيس الأميركي برفضها لترشيح رئيس الحكومة المنتهية ولايته لرئاسة الوزراء للمرة الثانية».

وأضاف علاوي، قائلا «إن بايدن اقترح أن تمضي العراقية في مباحثاتها مع الائتلاف الوطني، إذا كانت هذه المباحثات ناجحة»، مشيرا إلى أن نائب الرئيس الأميركي قال «لقد قرأت الأنباء (التي انفردت «الشرق الأوسط» بنشرها أمس) عن وجود اتفاق وشيك بين العراقية والائتلاف الوطني العراقي لتقاسم فترة رئاسة الحكومة بين علاوي وعادل عبد المهدي، وإذا كانت هناك مثل هذه الخطوات فهي جيدة، وانتم تتمتعون بنقاط قوة كون الاستحقاق الانتخابي معكم».

من جهته، أوضح نائب رئيس الجمهورية، الدكتور عادل عبد المهدي، أن «نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أكد أن بلاده لا تدعم مرشحا بعينه لرئاسة الوزراء، وأنها ترحب بما تتفق عليه القوى السياسية لقيادة حكومة شراكة وطنية قادرة على قيادة البلد بروح ديمقراطية وتشاركية».

وبدت «دولة القانون» متناقضة في تصريحات قيادييها حول زيارة نائب الرئيس الأميركي إلى بغداد، فعلى الرغم من أن البيان الصادر عن حكومة المالكي أكد أن النقاش دار بين بايدن والمالكي حول تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، فإن علي الدباغ، الناطق الرسمي باسم الحكومة وعضو ائتلاف دولة القانون، نفى لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون بايدن قد جاء محملا بسيناريوهات لحلحلة موضوع تشكيل الحكومة، مؤكدا أنه لن يتطرق لهذا الموضوع كونه شأنا عراقيا وبايدن حريص على ألا يتدخل في كل تفاصيله».

في حين قال عزة الشابندر، عضو ائتلاف المالكي «أعتقد أن بايدن سيعاود اليوم طرح الفكرة رغم إدراكنا أن الجانب الأميركي ليس له نفس طويل في موضوع حسم تشكيل الحكومة حيث يطرح مشروع وسرعان ما يذهب لمشروع آخر دون متابعة النتائج المتحققة من المشروع الأول»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

ومن المقرر أن يقوم بايدن بزيارة إلى إقليم كردستان اليوم للقاء رئيس الإقليم مسعود بارزاني، حسبما أوضح فيصل الدباغ السكرتير الصحافي لرئيس الإقليم لـ «الشرق الأوسط» أن الزيارة ستتم اليوم، وستتركز المباحثات حول أزمة الحكومة والعلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن نائب الرئيس الأميركي «سيبحث أثناء لقائه مع بارزاني أيضا في الضمانات الأميركية لإقليم كردستان بإبقاء الدعم الأميركي لقيادة الإقليم بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق».

وكان بايدن قد أجرى اتصالا هاتفيا مع بارزاني لتبادل وجهات النظر حول العملية السياسية في العراق وأزمة تشكيل الحكومة القادمة. ونقل مصدر في مكتب الرئيس بارزاني أن «رئيس الإقليم تمنى نجاح مساعي نائب الرئيس الأميركي لإنقاذ العراق من أزمته الراهنة، مؤكدا دعمه لجهود بايدن واستعداده لبذل أقصى الجهود من أجل تقريب الفرقاء العراقيين للخروج من الأزمة الحالية».