انتقادات للقذافي جراء مطالبته بـ5 مليارات يورو لوقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا

«الفاتيكان» اعتبر تصريحاته بأن يصبح الإسلام «دين أوروبا بأسرها» استفزازا وقلة احترام للبابا

TT

أثارت مطالبة الزعيم الليبي معمر القذافي الاتحاد الأوروبي بدفع ما لا يقل عن خمسة مليارات يورو (6.4 مليار دولار) إلى بلاده مقابل وقف الهجرة غير الشرعية من أفريقيا الكثير من الانتقادات.

وقال القذافي الليلة قبل الماضية في روما إن ليبيا هي بوابة لأوروبا، وإن الأمر متروك لأوروبا حتى لا تتحول القارة إلى أفريقيا أخرى.

وأكد القذافي أن ما تطلبه ليبيا شيء يسير وممكن لمواجهة الهجرة غير الشرعية، مبينا أنه بقدر ما يتم العمل على إيقاف هذه الظاهرة انطلاقا من الأراضي الليبية إلى إيطاليا وأوروبا كلها فعلى الاتحاد الأوروبي بالتالي أن يتحمل المسؤولية، ويقوم بما تطلبه منه ليبيا لأنها مخلصة في جهودها للحد من الهجرة غير الشرعية.

وشدد على أنه ما لم يحصل ما تطالب به ليبيا فإن هذا يعني الاستسلام للأمر الواقع، وأن هذا «سيؤثر على البنية السكانية لأوروبا في الغد، والتي ستكون ليست أوروبا اليوم وقد تكون أفريقيا، لأن الملايين تريد أن تزحف من أفريقيا إلى أوروبا».

وأكد القذافي على ضرورة العمل معا لمكافحة هذا التحدي (الهجرة غير الشرعية)، وأن على إيطاليا أن تعمل على إقناع بقية الدول الأوروبية بالمقترح الليبي.

وانتقادا لتصريحات القذافي، قالت منظمة «برو أسيل» الإغاثية إنه يتعين على أوروبا عدم التعاون مع من «لا يحترم البشر».

ووفقا لاتفاق وقع عام 2009، تقوم روما مباشرة بترحيل اللاجئين المحتملين الذين يتم توقيفهم في المياه الدولية، وهي السياسة التي تقابل بالرفض من زعماء المعارضة ونشطاء اليمين والكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا. وقال كارل كوب، المتحدث باسم المنظمة في أوروبا: «هذا أمر غير غريب على القذافي، فهناك ملايين اليوروات طارت فعلا من بروكسل إلى ليبيا لمكافحة الهجرة (غير الشرعية). كما أن تقصير الاتحاد الأوروبي في التصدي لانتهاك القانون الدولي يعد من أسوأ ما في سياسة اللاجئين المتبعة في أوروبا». يذكر أنه ما بين مايو (أيار) 2009 إلى ديسمبر (كانون الأول) الماضي فقط رحل خفر السواحل الإيطالي أكثر من 1400 مهاجر أوقفوا خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط وانتهى بهم الأمر في مراكز الاعتقال الليبية. وفي بروكسل، رفض الاتحاد الأوروبي التعليق على مطالب القذافي بدفع نحو خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا مقابل وقف الهجرة غير الشرعية من أفريقيا، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

وقال ماثيو نيومان، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أمس في بروكسل: «لقد اطلعنا على التقارير الصحافية وتصريحات القذافي ولن يمكننا التعليق عليها».

وأضاف المتحدث أن المفوضية ترى أن الاتحاد الأوروبي بمقدوره تحسين الأوضاع في منافذ الهجرة غير الشرعية من خلال الحوار والتعاون الشامل.

وأكد المتحدث على بذل الاتحاد الأوروبي كل الجهد لتعزيز الحوار مع الجهات الليبية المسؤولة وخاصة فيما يتعلق بالحد من موجات الهجرة غير المشروعة.

إلى ذلك، رأى مسؤول في مجمع فاتيكاني أمس في دعوة القذافي من روما إلى أن يصبح الإسلام «دين أوروبا بأسرها»، «استفزازا وقلة احترام للبابا وإيطاليا حيث غالبية السكان من الكاثوليك».

وقال سكرتير مجمع تبشير الشعوب، روبرت ساره في حديث لصحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية إن «الدعوة إلى أن يصبح الإسلام دين القارة الأوروبية لا معنى لها لأن الأفراد وحدهم يقررون إذا أرادوا أن يكونوا مسيحيين أو مسلمين أو اعتناق ديانات أخرى». ودعا القذافي الأحد الماضي لدى لقائه 500 شابة اختارتهن وكالة للمضيفات إلى أن يصبح الإسلام «دين أوروبا بأسرها».

وقال المونسينيور ساره إنه «غير قلق لتصريحات القذافي» التي ليست في نظره «سوى استفزاز مجاني وسخيف».

وأضاف أن «الخطر الحقيقي الذي يحدق بالأوروبيين هو قلة الإيمان وضعف الدين وعدم احترام الحرمات»، واصفا هذه العوامل بأنها «العدو الحقيقي للإيمان الذي قد يتحول إلى أرض خصبة لتغلغل الإسلام مستقبلا في كافة أرجاء أوروبا».

وانتقد المونسينيور ساره أيضا «غياب مبدأ المعاملة بالمثل بين الدول الإسلامية والغربية»، ومشكلات «حرية المعتقد في المناطق المسلمة». لكنه أشار إلى أن «العلاقات بين المسيحيين والمؤمنين من ديانات أخرى ممتازة في دول عدة مثل مالي وغينيا وشمال أفريقيا».

وأضاف ساره «لهذا السبب يواصل البابا (بنديكتوس السادس عشر) دون كلل الترويج للحوار بين الأديان».