تداخل المواسم صيفا يسهم في تغيير الخارطة الإعلانية بالسعودية

رمضان والإجازة أسهما في تشتيت الجمهور.. والتزامن أظهر أوقاتا جديدة للإعلان

TT

انتهت فترة الإجازة الصيفية، ولكن حملت في طياتها مستجدات أدت، في مجملها، إلى تغيير خارطة الإعلانات في وسائل الإعلام، بشتى أنواعها. فأسهم تداخل المواسم، في فترة الصيف، في إحداث حالة من الارتباك الإعلاني.

فلم تكن إعلانات الوجهات السياحية تخرج على السطح، إلا وتلتها، بعد أسابيع قليلة، الإعلانات الخاصة بدخول شهر رمضان المبارك، ثم ما لبثت الإعلانات السياحية أن خرجت مجددا تمهيدا لاستقطاب المسافرين في أيام العيد، والتي عادة تمثل الأيام الأخيرة من الإجازة الصيفية.

والمتمعن في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وما تحتويه من إعلانات، يجد أن هناك شيئا أشبه بالصراع الدائر في أوساط المعلنين؛ فإعلانات البرامج السياحية، وبرامج وإعلانات رمضان، جعلت هناك تنافسا من نوع آخر، وكل فريق يحاول اقتسام الكعكة الكبرى وجذبها إليه، وكل من المنافسين يحاول جذب الآخر من خلال الإعلانات.

فتزامن حلول شهر رمضان مع فترة الصيف، التي تستمر شهرين متتالين، أدى إلى تشتت المعلن الذي يحاول السيطرة على زبائنه من خلال سحب البساط من الآخر، والمعلن عن البرامج السياحية يعمل على جذب الجمهور من خلال اختلاق أجواء رمضانية تسهم في نمو السياحة في رمضان، والمعلن في البرامج الرمضانية يدفع الجمهور إلى التفكير في إجازة العيد والتي تستمر قرابة العشرين يوما. هذا الأمر جعل بعض الجهات السياحية تبث إعلاناتها بعد عيد الفطر المبارك، الأمر الذي جعل الإعلانات السياحة تعاود الظهور بعد أن كانت مختفية خلال أيام العيد في الأعوام السابقة، ما أوجد سوقا قوية للإعلانات بعد عيد الفطر المبارك.

وحاولت بعض الجهات السياحية الحكومية استغلال شهر رمضان، وجعله عامل جذب في القدوم إليها، ولوحظ ذلك إثر قيام هيئة تنشيط السياحة في مصر بإطلاق مهرجان فوانيس رمضان، ضمن الحملة المكثفة لتنشيط السياحة العربية إلى مصر خلال شهر رمضان، الذي سيتزامن خلال السنوات المقبلة مع شهور الصيف لمدة 5 سنوات مقبلة، تحت شعار «مصر روحها في رمضان».

وركزت بعض الجهات على استغلال روحانية شهر رمضان، واستحداث مفهوم جديد للسياحة في رمضان، يتلاءم مع العادات والتقاليد، وإطلاق عدد من الفعاليات المصاحبة للمهرجان؛ لكي يشعر السياح بنفس الأجواء في بلدانهم الأصلية وتشجيع السياحة في رمضان.

وعلى الرغم من التداخل الحاصل في المواسم خلال شهر الصيف، فإن الدكتور عبد الكريم العطر، أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود، يرى عدم تداخل هذه الفئات من المعلنين؛ حيث يرى أن لكل معلن رسالته وأهدافه الواضحة، وجمهوره المحدد، ويتم من قبل المعلنين تشكيل الرسالة الإعلامية من خلال وضع تصورات عن الجمهور المستهدف.

من جهته، يعتقد الدكتور عاطف نصيف، رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز، أن دخول شهر رمضان أثر سلبا على مسار الإعلانات السياحية، مشيرا في الوقت ذاته إلى استمرار هذا التأثر في السنوات المقبلة، كما أن هذا أسهم في خفض العوائد من الإعلانات السياحية، على حد قوله. وقال نصيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الفائز من هذا التنافس هو وسائل الإعلام بجميع أنواعها، وأسهم دخول رمضان مضمار المنافسة مع السياحة، بعوائد قوية لوسائل الإعلام». وأضاف أن الجمهور هو المشتت في هذا المضمار، وليس المعلنين؛ حيث لعبت الإعلانات دورا بتشتت الجمهور وعدم تركيزه على صنف معين، وأسهم بعضها بعدم تخطيطه لقضاء الإجازة الصيفية. وأكد نصيف أن مسيرة الإعلان في السعودية أتت وفق تخطيط مسبق من أكبر المعلنين؛ حيث إن العملية بالكامل مخطط لها وفق دراسات عميقة تعمل عليها الشركات المعلنة. وأضاف نصيف أن التخبط في المعلنين قد يكون من صغار المعلنين، وأنهم قد فوجئوا بدخول رمضان خلال الإجازة الصيفية.

من جهته، قال بند عسيري، عن التداخل الواقع في سوق الإعلان إنه «أسهم بشكل واضح في زيادة تشتت المعلَن الذي هو في الأصل يعاني تشتت المعلِنين».

وأضاف عسيري أن هذا الحدث وقع لأول مرة منذ عشرات السنين، ما أسهم في تداخل المعلنين ونشوب بعض الصراعات، وتغيرات في الرسالة الإعلامية الموجهة لكل فئة.

فيما يبرز مفهوم السياحة الدينية، والذي يحاول المعلنون المختصون بالشأن السياحي إبرازه، وجذب الجمهور إلى السياحة في رمضان، وذلك في دول شبيهة بالعادات نفسها التي لا تختلف عن السياحة في رمضان.

وأضاف عسيري أن الإعلانات السياحية هي الأقوى قبل دخول شهر رمضان في ساحة الإعلانات في جميع الوسائل الإعلامية، فيما أكد محاولة القنوات التلفزيونية جذب المعلنين في شهر رمضان، وذلك لكثرة المشاهدة للقنوات التلفزيونية، والعائد من الإعلانات الرمضانية يمثل نصف الدخل في السنة الواحدة.

وأشار عسيري إلى أن قلة مدة الإجازة الصيفية، بالإضافة إلى تداخل شهر رمضان في الإجازة، سيلقيان بظلالهما على الخريطة الإعلانية في السنوات المقبلة.

وأوضح نبيل بكر، الرئيس التنفيذي لشركة الخماسية «أي كوم»، المتخصصة بشراء المساحات الإعلانية، أنه لا تظهر منافسات على السطح في الوسائل الإعلانية. وعلل ذلك بتوافر المساحات الإعلانية، مشيرا إلى أن العرض والطلب قائمان، إلا أن هذا سيؤثر في الرسالة الإعلانية ومحتواها الذي سيتغير في المستقبل.

بدوره، قال عبد الله العسوج، مدير شركة العسوج للعلاقات العامة والإعلان: إن الفنادق، هذا العام، قلصت ميزانيها الإعلانية، وتم اللجوء إلى الخيم الرمضانية؛ حيث يعتبر أن هذا الأسلوب يأتي من الفنادق لإنعاش سوقها، خصوصا مع تزامن الإجازة مع رمضان، ولجوء تلك الفنادق، التي تعتبر الوجهة الأولى للسياحة، إلى إدخال الفوانيس الرمضانية وجلب الأطباق الرمضانية العربية.

وأضاف العسوج أن شهر رمضان سبب في إعادة ترتيب الجداول السياحية، فيما حاولت الشركات الفندقية، على حد قوله، تجديد قوائم الطعام المقدمة وإضافة بعض الوجبات المعتاد تقديمها في رمضان.

ودفع هذا الأمر بالسعوديين إلى التحول للسياحة المحلية، وبالتالي انتعاش الفنادق المحلية، خاصة الفنادق في المناطق القريبة من المشاعر المقدسة. وأكد العسوج وجود منافسة وتداخل في العملية الإعلانية التي، على حد قوله، لن تتأثر؛ لأنها منتج استهلاكي موسمي. وقدرت جهات، تعمل على قياس حجم الإنفاق الإعلاني في السعودية في رمضان بأنه بلغ 1.067 مليار دولار خلال العام السابق 2009، بينما أشارت إلى عدم وجود تغيرات كبيرة في مسار الإعلان في هذه السنة.

أما وسام أفندي، مخطط إعلامي، فيقول: إن إعلانات رمضان تعتبر الأقوى. وأرجع هذا إلى وجود نسب مشاهدة عالية، ما يجبر المعلن على القيام بالإعلان؛ لأنه واثق من نسب المشاهدة العالية حتى مع التكلفة العالية؛ لأن الشركات المعلنة في رمضان تتيقن بوجود عائد من الإعلان حتى مع مشاهده. كما طالب أفندي الشركات المعلنة بالرجوع إلى السنوات السابقة؛ وذلك للاستفادة من التجربة الإعلانية التي قام بها المعلنون، فيما لمح إلى صعوبات ستواجه المعلنين بخصوص اتخاذ قرار الإعلان في السنوات المقبلة، خاصة مع تزامن الإجازة الصيفية وحلول الإجازتين في وقت واحد.