نتنياهو يدعو المستوطنين إلى ضبط النفس ويمنع وزراءه من الإدلاء بتصريحات

احتفلوا واستأنفوا أعمال البناء.. وهاجموا الرئيس الأميركي

عمال فلسطينيون لدى وصولهم للعمل في مستوطنة «إرييل» اليهودية بالضفة الغربية التي تم بناؤها عام 1978 وتأوي أكثر من 16 ألف شخص، وذلك قبيل انتهاء مدة تجميد البناء الاستيطاني أمس (أ.ف.ب)
TT

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، المستوطنين إلى «التحلي بالمسؤولية وضبط النفس، مثلما فعلوا خلال فترة تجميد البناء في المستوطنات».

وجاءت دعوة نتنياهو قبل ساعات من موعد انتهاء فترة تجميد البناء الاستيطاني في مستوطنات الضفة الغربية، الذي استمر 10 شهور.

واضطر نتنياهو إلى توجيه مثل هذه الدعوة في وقت بدأ فيه المستوطنون الاحتفالات بانتهاء فترة التجميد، بافتتاح مشاريع استيطانية جديدة، وقد جهزوا عشرات الآليات الثقيلة والمواد اللازمة للبناء، لاستئناف العمل في نحو 2000 وحدة سكنية ابتداء من الساعة العاشرة من صباح اليوم.

كما دفع نتنياهو بمساعديه للتوجه إلى المستوطنات ولقاء قادة المستوطنين في محاولة منه للتخفيف من مظاهر الاحتفال بانتهاء فترة التجميد لأعمال البناء؛ إذ يسعى نتنياهو لاستئناف البناء جزئيا في المستوطنات من دون إثارة ضجة كبيرة، لأنه يعرف أن ذلك يعني نسف المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية، التي انطلقت بداية الشهر الماضي بعد جهود وضغوط أميركية على الفلسطينيين الذين هددوا بالانسحاب من هذه المفاوضات إذا ما استؤنف الاستيطان.

ويواصل نتنياهو الاجتماع بمستشاريه كما تستمر الاتصالات الجارية بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي وبين الجانبين الأميركي والفلسطيني في محاولة للوصول إلى حل وسط.

وطلب ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية من أعضاء الحكومة عدم الإدلاء بأي تصريحات عن موضوع الاستيطان عبر وسائل الإعلام. وأوضحت مصادر مقربة من نتنياهو أن استمرار عملية السلام أمر مهم جدا ولذلك طلب من مختلف الجهات المعنية إبداء ضبط النفس لدى اقتراب موعد انتهاء تجميد البناء الاستيطاني.

وأنهى المستوطنون وضع خطة لإطلاق العمل اليوم في نحو 2000 وحدة سكنية على الرغم من وجود عيد العرش، وقد أفتى حاخامات يهود ببدء البناء حتى في ظل العيد الذي عادة ما يحرم فيه اليهود القيام بأي أعمال.

واحتفل المستوطنون في بعض مستوطنات الضفة بانتهاء فترة التجميد، وقام نشطاء من حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو يرافقهم أعضاء في الكنيست (البرلمان) من أحزاب اليمين ورؤساء مجالس محلية بجولة عبر الحافلات في كثير من مستوطنات الضفة الغربية، أمس، لتشجيع المستوطنين على البدء في عمليات البناء. وفعلا لم ينتظر بعض المستوطنين حتى اليوم، واحتفلوا أمس بوضع حجر الأساس لبناء روضة أطفال في مستوطنة «كريات نتيفيم» شمال الضفة الغربية، كما وضعوا حجر أساس آخر لبناء مدرسة دينية جنوب الضفة في الخليل.

وهاجم رئيس مجلس المستوطنات، جرشون مسيكه الرئيس الأميركي باراك أوباما، أثناء احتفال وضع حجر الأساس لبناء الروضة في مستوطنة «كريات نتيفيم»، وقال: «أتوجه من هذه المنصة إلى الرئيس حسين أوباما وأقول له إن أرض إسرائيل ملك لشعب إسرائيل، وهناك زعماء ينكلون باليهود لكنهم انتهوا من هذا العالم، أما شعب إسرائيل فقد بقي حيا، ونحن سنواصل البناء وتطوير المستوطنات على الرغم من المعارضة في الداخل والخارج».

وتلقى المستوطنون تشجيعا من أعضاء في الكنيست، وقال النائب داني دانون من حزب الليكود إنه «يمكن البناء الآن بشكل واسع في المستوطنات كافة، على الرغم من معارضة أميركا، ووجود مفاوضات مع الجانب الفلسطيني. ومنذ يوم غد الاثنين يمكن البناء لأن الحاخام سلومة عمار أجاز العمل السريع في ظل عيد العرش».

وأكد عضو الكنيست من حزب كديما، عتنائيل شلنر، أنه يجب عدم التأثير على المفاوضات الجارية مع الجانب الفلسطيني، وقال إنه «يجب عدم تحويل تجديد البناء الاستيطاني إلى علم يرفع لتخريب المفاوضات مع الفلسطينيين والعلاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية بحيث يتم البناء في المستوطنات من دون إثارة كل هذه الضجة».

أما عضو الكنيست «الليكودي» ياريف ليفين، فدعا نتنياهو إلى عدم الرضوخ للضغوط الهادفة إلى تمديد تجميد البناء في المستوطنات. وقال ليفين في مقابلة إذاعية إن تجميد البناء في المستوطنات لم يؤد إلى إحراز تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين، ويجب أن لا تقدم إسرائيل تنازلات كلما أصر الفلسطينيون على ذلك.

واستبعد ليفين أن يضع وزير الدفاع إيهود باراك صعوبات بيروقراطية أمام المستوطنين، معتبرا أن الوزير باراك شريك مهم في الحكومة، ولكنه لا يترأسها، وهو لا يستطيع العمل من خلال تجاهل حقوق الإنسان.

وكان باراك قال إنه يعمل على إقناع الوزراء في الحكومة بإيجاد حل وسط في موضوع الاستيطان. ويسعى باراك ونتنياهو إلى مواصلة البناء في المستوطنات الكبيرة وإيقافه مؤقتا في المستوطنات الصغيرة، بحيث يتم تقليص البناء وليس إيقافه.

وقال رئيس مجلس كديما، حاييم رامون: «إذا ما اتخذ رئيس الوزراء قرارا بأن تقتصر أعمال البناء على الكتل الاستيطانية الكبرى فقط فسيحظى بدعم غالبية الجمهور، وأعتقد أن هذا القرار سيحظى أيضا بتأييد الفلسطينيين». لكن الفلسطينيين يرفضون هذا الطرح ويريدون وقفا كاملا للاستيطان، ومن المتوقع أن تتوجه السلطة إلى لجنة المتابعة العربية من أجل اتخاذ قرار في ما يخص مواصلة المفاوضات أو وقفها في ظل استئناف الاستيطان.

ويريد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بهذه الخطوة إعطاء وقت للإدارة الأميركية من أجل إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان، لكنه أعلن مرارا أنه لن يستمر في المفاوضات في ظل استئناف الاستيطان.

من جهتها، دعت حركة حماس، أبو مازن «للرد على تعنت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالانسحاب فورا من المفاوضات وإعلان انتهائها، والإسراع في إنجاز مشروع المصالحة». وقال المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، في تصريح صحافي، إن «إصرار نتنياهو على استمرار الاستيطان في ظل المفاوضات تأكيد على أنه كان يريد من المفاوضات غطاء لاستمرار التهويد والاستيطان واستكمال مشروعه القائم على أساس قيام دولة يهودية وتقويض حقوق الشعب الفلسطيني»، وزاد قائلا: «هذا نتيجة حالة الاستفراد الإسرائيلية والأميركية بالطرف الفلسطيني المفاوض، الذي لم يحظ بأي غطاء ولا يستند إلى أي أوراق ضغط على هذا الكيان».

وجدد برهوم تأكيد حركته على أن «استمرار المفاوضات جريمة بحق الشعب الفلسطيني ومنزلق خطير سيدفع ثمنه كل أبناء شعبنا، وسيكون على حساب التوافق الوطني الرافض بمجمله هذه المفاوضات العبثية»، وأضاف أن «المطلوب من الرئيس عباس في ضوء ما يجري من غطرسة وصلف إسرائيلي الانسحاب الفوري من هذه المفاوضات وإعلانه انتهاءها والتوجه مباشرة لدعم وإنجاز مشروع المصالحة». وقال برهوم: «المطلوب من الدول العربية أن تبدأ مرحلة جديدة لمغادرة مربع الصمت والمواقف الخجولة في اتجاه دعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وحماية الأرض والشعب والمقدسات الفلسطينية، وفضح جرائم الاحتلال، من خلال مواقعهم في دوائر صناع القرار».