«الشعبية» تعلق مشاركتها في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

«فتح» تصف القرار بـ«المخيب للآمال»

TT

قررت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أمس، تعليق مشاركتها في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، احتجاجا على قرار «القيادة المتنفذة في منظمة التحرير بالعودة إلى المفاوضات المباشرة في ظل الشروط الأميركية - الإسرائيلية».

وكانت الجبهة أعلنت فور قرار المنظمة بالعودة إلى المفاوضات في أغسطس (آب) الماضي، أنها ستدرس تعليق عضويتها في المنظمة، بسبب اتخاذها قرار الذهاب إلى مفاوضات من دون تصويت، وفي غياب نصف الأعضاء، وهو ما يعني عدم وجود نصاب قانوني.

وحذرت الجبهة الشعبية في مؤتمر صحافي عقدته في رام الله، أمس، بحضور نائب أمينها العام عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبد الرحيم ملوح، وعضو المكتب السياسي للجبهة النائبة خالدة جرار، ومسؤول دائرة الإعلام الحزبي في الجبهة عمر شحادة، من نهج «أوسلو المستكين ونتائجه الكارثية على القضية الفلسطينية، وعلى منظمة التحرير، برنامجا وميثاقا ومشروعا وطنيا ونضالات مديدة».

ووصفت «الشعبية» قرار العودة إلى المفاوضات بأنه «قرار يمثل تراجعا خطيرا عن قرارات المجلس المركزي، ويشكل بطريقة اتخاذه إساءة لمنظمة التحرير وما مثلته من هوية وطنية فلسطينية كفاحية، وصيغة للعمل الفلسطيني المشترك».

وقالت جرار لدى تلاوتها بيانا للجنة المركزية للجبهة الشعبية إن «قرار العودة للمفاوضات المباشرة التي فشلت على مدار قرابة عقدين، ونقضها شعبنا بالدم في انتفاضة الأقصى 2000، إنما يمثل إمعانا في نهج أوسلو المدمر، ويشكل خضوعا لمستجدات الإملاءات الإمبريالية الأميركية والصهيونية التي تستهدف تصفية الحقوق التاريخية والوطنية الثابتة لشعبنا، خاصة حق العودة للاجئين، وحق المواطنة والوجود على الأرض للفلسطينيين في الجانب المحتل عام 1948 من فلسطين، ويساهم في فك العزلة عن الكيان الصهيوني، وحماية قادته من عواقب جرائمهم ومجازرهم، والالتفاف على التضامن الدولي المتنامي مع شعبنا وحقوقه، ويشكل غطاء لممارسات الاحتلال في الاستيطان والتهويد والتهجير والحصار والقتل والاعتقال، ويزيد من تآكل الموقف الوطني وثوابته. ويساهم في تكريس الانقسام الداخلي الكارثي وتعميقه».

وأضافت جرار أن «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تمسكت، وما زالت، في كل المنعطفات السياسية بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتحرص عليها باعتبارها المنجز الوطني الأكبر المعمّد بدماء الشهداء والتضحيات الجسيمة، لا تقبل أن تشكل غطاء لسياسات تدمر القضية الوطنية، وتحيل مؤسسات المنظمة إلى مؤسسات شكلية فاقدة للاستقلالية والكفاحية وأصول العمل الديمقراطي والدستوري. ولذلك، فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعلن تعليق مشاركتها في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية»، وحذرت جرار «من التداعيات والنتائج الخطيرة لسياسة التنازلات والعودة للمفاوضات في ظل الشروط الأميركية الإسرائيلية، بما يغيب رعاية هيئة الأمم ومرجعية قراراتها، وفرض الرعاية الأميركية وطاولة المفاوضات بديلا لها».

وانتقدت الجبهة الشعبية ما وصفته بـ«التمادي في نهج التفرد والاستهتار في صيغ العمل الفلسطيني المشترك، والاستخفاف برفض سياسي فصائلي ومجتمعي وشعبي طاغ لقرار اتخذ بثلث عضوية اللجنة التنفيذية».

وحرصت الجبهة الشعبية على التأكيد أن قرارها بتعليق مشاركتها في اجتماعات اللجنة التنفيذية «لا يعني انخراطها في أية أطر موازية أو بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني جامع لشعبنا في الوطن والشتات».

وأضافت جرار أن «الجبهة الشعبية ليست فقط ضد استخدام منظمة التحرير وتحويل مؤسساتها إلى هياكل شكلية، بل وضد التنكر لها، باعتبارها إنجازا وطنيا كبيرا، قدم شعبنا وفصائل ثورته المعاصرة في إطاره تضحيات جسيمة وغالية».

وأكدت الجبهة على أنها ستواصل النضال «من أجل إصلاح منظمة التحرير وتطويرها وإعادة بنائها على أسس وطنية وديمقراطية عبر الانتخابات الشاملة على أساس التمثيل النسبي الكامل في الوطن، وحيثما أمكن في مواقع الشتات، وفقا لما جاء في إعلان القاهرة الصادر في مارس (آذار) 2005، ووثيقة الوفاق الوطني في يونيو (حزيران) 2006».

ودعت الجبهة الشعبية الجماهير الفلسطينية إلى القيام «بأوسع التحركات لوقف المفاوضات والخروج من مجرى أوسلو، واستبداله بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات، تحضره الأطراف المعنية كافة في إطار هيئة الأمم ومرجعية قراراتها، بهدف إلزام الكيان الصهيوني بتنفيذ هذه القرارات، وفي مقدمتها القرار 194 القاضي بعودة اللاجئين إلى ديارهم، التي شردوا منها، وتفكيك الاستيطان وترحيل المستوطنين».

ولن يؤثر قرار الجبهة الشعبية على سير عمل منظمة التحرير، باعتبارها تملك مقعدا واحدا من بين 18 مقعدا، لكن من شأن القرار إظهار فتح كمتحكم في المنظمة وقراراتها بمعزل عن رأي الفصائل الأخرى.

ووصفت فتح قرار الجبهة الشعبية بـ«المخيب للآمال»، وقال عضو اللجنة المركزية لفتح محمد دحلان، لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية إن «الجبهة الشعبية اعتادت في السابق تعليق مشاركتها في المنظمة، وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها هذا القرار، وعليها العودة إلى صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، وأن تدعم صمود القيادة في وجه الضغوط التي تمارس»، وأضاف دحلان أن هذا القرار «يأتي بالتزامن مع صمود الوفد الفلسطيني في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتأكيد على الموقف الفلسطيني الحازم في عدم التنازل عن الثوابت الفلسطينية التي حددتها المنظمة المتمثلة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الأرض التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وأكد دحلان أن الوفد الفلسطيني المفاوض «متمسك بالثوابت الوطنية وسط الضغوط العالمية الكبيرة الممارسة عليه، وعلى الجميع الوقوف إلى جانبه وحمايته في ظل الاستهداف الإسرائيلي للشعب الفلسطيني والمساعي الدولية لدفع الجانب الفلسطيني إلى تقديم تنازلات في موضوع الاستيطان».