حزب الله يواصل حملته على المحكمة الدولية.. والسنيورة يكرر تمسك تيار المستقبل بـ«الحقيقة»

جنبلاط: القرار الظني يضرب إنجازات الطائف ويدخل المقاومة في العبث

فتى لبناني يحمل صورة للفنزويلي «كارلوس» تعترض على تصويره كإرهابي في فيلم يعرض في إحدى دور السينما ببيروت (إ.ب.أ)
TT

لم تحل مساعي التهدئة ومحاولات خفض حدة السجال السياسي، على خلفية المواقف عالية النبرة التي أعلنت في الأسبوعين الأخيرين، من دون متابعة حزب الله، حملته على المحكمة الدولية ومطالبته بمحاكمة شهود الزور ومن فبركهم. وفيما اعتبر النائب وليد جنبلاط أن القرار الظني «يضرب إنجازات الطائف»، ودعا عون إلى محاكمة «شهود الزور»، فقد جددت كتلة المستقبل، على لسان رئيس كتلتها النيابية، الرئيس فؤاد السنيورة، الإشارة إلى أن «الكلام والتهويل والتهديد غير مفيد على الإطلاق».

واعتبر السنيورة أنه «ليست هناك مصلحة في ذلك لكل اللبنانيين، لا سيما للمقاومة التي نحرص على أن تبقي هذه البندقية موجهة نحو إسرائيل ولا تنشغل في الداخل، حتى تستطيع أن تستمر في الهدف الملقى على عاتقها وعلى عاتق جميع اللبنانيين». وأعرب عن اعتقاده بأن «المحكمة ذات الطابع الدولي قضية أساسية ويجب أن نتوحد خلف هذه المحكمة ونتعاون جميعا على ألا يكون لدى المحكمة أي هدف سوى إحقاق العدالة والحقيقة».

ودعا إلى «انتظار النتيجة، وفي ضوء ذلك، فالحقوق الممنوحة لكل واحد لكي يدافع عن نفسه، حقوق مصونة، وبالتالي ربما أكثر من الحقوق المتاحة للمدعي العام، وهذا أمر يجب أن نؤكده حتى لا يصار إلى استعمال المحكمة لأي غرض غير غرض اكتشاف الحقيقة».

وفي موازاة ذلك، اعتبر النائب جنبلاط أنه «كان لا بد من عدوان تموز من أجل تجريد المقاومة من السلاح وتحييد لبنان، وعند فشل هذا المخطط رأت الدول في القرار 1559 خير وسيلة لضرب لبنان وتمرير التسوية في فلسطين واللجوء إلى استخدام المحكمة الدولية عبر قرار ظني، إذا ما صدر ليضرب إنجازات الطائف ويدخل المقاومة في العبث».

وقال، في مأدبة وداع أقامها في المختارة أمس لسفير روسيا لدى لبنان، إن «أفضل طريقة بالعدل تجاه رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري تكون عبر موقف موحد مشترك يكشف حقيقة شهود الزور، ويدحض استخدام المحكمة من بعض الدول في لعبة الأمم، خدمة لمصالحها». وأشار إلى أن «القرار 1559 أرسى تدخلا تفصيليا في الشأن اللبناني، ووضع لبنان في شكل شبه انتداب من قبل بعض الدول الكبرى على سيادته وتضحيات المقاومين»، موضحا أنه «بحجة التمديد كان لا بد لما يسمى بالمجتمع الدولي من ضرب العلاقات اللبنانية - السورية فوق كل اعتبار، فكانت الاغتيالات، وكان العداء لسورية، متناسبين، كفاحا مشتركا بطوليا، تعمد بالدم من سوق الغرب إلى الضاحية والإقليم في مواجهة التقسيميين وإسرائيل».

ومن جزين، جنوب لبنان، رأى النائب عون أن «الجرم الشائن بات محترما، ويستعملونه ليذهبوا إلى محاكمات ثأرية وليس لتطبيق العدالة»، متسائلا «لماذا لا يريدون إرسال الشهود إلى القضاء، طالما بدأ بعض الصيصان في عالم السياسة يقولون إن المعارضة اخترعت شهود الزور؟». ودعا إلى «محاكمتهم، ولنر، فالوقاحة والكذب باتا متحكمين في القضاء والحكم، ومال الدولة يصرف من دون مراقبة».

وتناول قضية «شهود الزور وسرقة الأموال العامة وجهاز أمني غير شرعي وخارج عن مراقبة القضاء، ولا نعرف مهمته وارتباطاته ولا صفة له»، معتبرا «أننا مجبرون على السكوت وإلا اتهمنا بالمذهبية، ولكننا لن نخاف من الاتهام المذهبي».

إلى ذلك، كشف نائب حزب الله، حسن فضل الله، أن «الموقف النهائي من المحكمة سيعلن في الوقت المناسب، وسيعلنه الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله»، معتبرا أن «المطلوب أن نتحين الفرصة واللحظة السياسية المناسبة للخروج من هذه السجالات العقيمة، وفي النهاية سوف يكون الجميع مجبرين على الجلوس حول طاولة واحدة لمناقشة الملفات السياسية الجوهرية للبلد». وأشار إلى أن «هناك فريقا سياسيا حاول منذ خمس سنوات سلوك طريق لم يأت إلينا إلا بالويلات، وما زال يحاول اليوم سلوك الدرب ذاته، ولكننا نقول له إن هناك طريقا آخر». ولفت إلى أن «الإصرار على تبرئة إسرائيل يشكل إشكالية في حد ذاته»، مؤكدا أن «حزب الله لا يخاف من قرار ظني، ولكننا نخاف على البلد».

وطالب فضل الله رئيس الحكومة، سعد الحريري، بأن «يفعل أكثر مما يتكلم»، مشيرا إلى أن على «فريقه السياسي أن يدرك أن موقع رئيس الحكومة يتطلب مواقف وطنية، وليس مواقف مذهبية». وذكّر بأن «المسار الذي سلكه التحقيق الدولي أوصل أربعة ضباط إلى السجن، ومعاداة سورية، وإلى إساءة لشريحة كبيرة من اللبنانيين، وعزل مسؤولين كبار في الدولة».

وأشار رئيس كتلة حزب الله، النائب محمد رعد إلى أن «مقبرة الحقيقة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري هي في اعتماد منهجية المحكمة الدولية الراهنة، لأن هذه المحكمة نشأت مسيسة، وتعمل وفق إرادات القوى النافذة والممولة، التي أصدرت قرار المحكمة تحت الفصل السابع في مجلس الأمن بمعزل عن إرادة اللبنانيين وتوافقهم في لبنان». وقال: «الهدف الذي تريد الوصول إليه هذه المحكمة واضح في تسييسه وتوجيهه لمصلحة حماية الكيان الصهيوني ومشاريع الهيمنة الأميركية والغربية على بلدنا والمنطقة».

وفي سياق متصل، شدد النائب نواف الموسوي على أن «التحقيق الدولي بتفاديه ملاحقة شهود الزور قد سقط في الاختبار الأول للنزاهة والثقة، وأعطى لنا شهادة واضحة بأنه خاضع للتسييس لأنه يعمل على حماية فريق سياسي جند شهود الزور، استجابة لإرادة سياسية دولية لا ينفع لإخفائها أن يقف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان، ليقول «إن التحقيق الدولي ليس مسيسا».

واعتبر أن «هذه الشهادة في حد ذاتها دليل على تسييسها»، مؤكدا أنه «لا تهاون في الدفاع عن أنفسنا أو في مواجهة اتهامات الزور، ولنا الحق المطلق في استخدام ما نراه مناسبا لذلك».

وتعليقا على كلام البعض عن أن هيبة الدولة استبيحت بسبب ما حصل في المطار، أشار الموسوي إلى أن «هيبة الدولة مستباحة أصلا، لأن ثمة من في الدولة سلم أمورها إلى جهات خارجية، ففتح ملفاتها بكاملها أمام أجهزة استخبارية، كما أنها مستباحة بقضاء يخضع للتوجهات السياسية، وحوّل مؤسساتها إلى مزرعة أو شركة خاصة وأجهزتها الأمنية إلى ميليشيا خاصة به بعدما عجز فيما بناه وأنشأه بشركات أمن خاصة، ما كان يأمل أو يتوخى».