بريدة.. من معارضة تعليم البنات لمباركة تدريس البنين على يد المعلمات

صاحبة التجربة الأولى في المنطقة تروي قصتها لـ«الشرق الأوسط» وتؤكد مباركة علماء دين

TT

لم تجد مالكة إحدى المدارس الأهلية في بريدة (حاضرة منطقة القصيم الإدارية) إشكالا في الاتجاه نحو التدريس لطلاب الصفوف الدنيا الذكور (الأول، والثاني، والثالث الابتدائي) على يد معلمات نساء، بدلا من التدريس لهم على أيادي رجال معلمين، لقرب المعلمة من احتياج الطفل تربويا، كونها أما تعي احتياجات الطفل نفسيا وتربويا.

وعلى المستوى الرسمي، بدت التجربة تلاقي تأييدا من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، ولم تُلزم أحدا بتطبيق الفكرة، لكنها فتحت الباب أمام الراغبين من ملاك المدارس الخاصة لتطبيق التجربة.

وبارك مسؤول رفيع في وزارة التربية والتعليم - فضل عدم الإفصاح عن هويته ومنصبه - التجربة، وأبرز عدم وجود موانع من أي نوع لتطبيق التجربة، لمراعاة الفوائد التي سيجنيها الأطفال في تلك المرحلة العمرية من تلقي تعليمه الأساسي على يد معلمة هي الأكثر قربا للطفل من الذكر.

ولم تخفِ مالكة إحدى المدارس الخاصة في بريدة التابعة لمنطقة القصيم، تلقيها اتصالات هاتفية من «رجال دين سعوديين» امتنعت عن تسميتهم، لكنها أكدت أن عددا منهم ناقشها في الفكرة بحذافيرها، وبارك التجربة بعد فهمها، وعقب التأكد من عزل الأطفال الذكور عن الإناث.

وجاء هذا التوجه وسط انتقادات لاذعة من متشددين دينيا، عارضوا تلقي الأطفال تعليمهم الأساسي على يد معلمات من المؤهلات علميا وتربويا، في ظل وجود توجه رسمي من قبل وزارة التربية والتعليم – وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن العجلة التربوية في البلاد. وهدفت الوزارة من خلال تلك الخطوة للسعي وراء تحقيق الاستفادة المنشودة من تطبيق تلك التجربة، التي لم يجد مسؤولون تربويون في وزارة التربية والتعليم، إشكالا من أي ناحية في تطبيقها على مدارس أخرى.

فاطمة الغفيص، سعودية تملك إحدى المدارس في بريدة، وهي المنطقة الأكثر «تدينا وتشددا» في السعودية، لم تجد إشكالا في تطبيق تجربة التدريس للأطفال ممن هم في الصفوف الدنيا المدرسية على يد معلمات بدلا من معلمين، وهي التجربة التي ترى النور في السعودية للمرة الأولى.

الغفيص تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، وعارضت وجود «تشدد ديني في بلادها»، خصوصا في بريدة التي تعتبر الأكثر تدينا في المملكة، وقالت «لا أرى تشددا دينيا في هذا الوقت، ربما يكون هناك تخلف، فالدين الإسلامي لا يخالف ما شرعه الله بأي حالٍ من الأحوال».

واعتبرت الغفيص فكرة تعليم الأطفال على يد كادر نسائي، تجربة ناجحة بكل المقاييس، لا سيما أنها تراعي قرب الطفل من الأنثى كسيدة، فهي الأم بالنسبة له، وهي الأقرب لنفسيته على عكس المعلم الذكر، طبقا لوجهة نظرها، وهي الأكثر رحمة والأكثر تحملا، للمرحلة العمرية التي يعيشها الطفل.

ولا ترى فاطمة الغفيص اختلافات دينية بين منطقة وأخرى، فالدين وفقا لنظرتها تعاليمه واحدة، سواء كانت في بريدة أو غيرها، ولا تجد في منطقتها تشددا دينيا على خلاف مدن المملكة الأخرى.

وتروي الغفيص قصتها التي بدأت مع التفكير في تطبيق التجربة فعليا مع بداية العام الدراسي الحالي، والتي واجهت معارضة البعض لتطبيقها بعد إقرارها، إن تم دمج الطلاب الذكور مع الطالبات الإناث في الصفوف الدنيا، وهو الأمر الذي نفته، على اعتبار أن يتم تطبيقها بعزل الأطفال الذكور عن الإناث، فالمدارس المخصصة للذكور معزولة عن الأقسام المخصصة للبنات.

وهنا أكدت الغفيص تلقيها موافقة رسمية واضحة على تطبيق التجربة من قبل إدارة التعليم الأهلي والأجنبي في إدارة تعليم منطقة القصيم، التي لم تجد إلا مباركة التجربة، لما تكتنزه من فوائد عدة، فيما يتعلق بالتعامل مع الطفل الذي يحتاج وفق رأيها للقرب منه في هذا التوقيت من العمر.

وأبرزت فاطمة الغفيص تأييدا تلقته من كثير من المباركين للفكرة، بعد التمعن في الفوائد التي ستعود بها التجربة على نفسية الطفل، وهنا قالت «واجهنا ضغوطا في البداية لعدم فهم البعض للتجربة، وبمجرد فهم فوائد التجربة المرجوة، تحولت المعارضة تأييدا واضحا، بل إن البعض من المعارضين سارعوا في تسجيل أبنائهم لدينا، بعد وعيه بنتائج تعليم الطفل في تلك المرحلة العمرية على يد معلمة».

وعن الأجور المالية التي يحتاجها تدريس الطفل في تلك التجربة، فإن أجور دراسة الطفل الذكر تبلغ 2000 ريال للفصل الدراسي الواحد، فيما تبلغ تكاليف الدراسة لذات الفصل الدراسي للبنات 1800 ريال.