«بريتش بتروليوم» ترى في روسيا حظوظا أفضل لها من أميركا

ستواجه سنوات من التشريعات العدائية والدعاوى القضائية في الولايات المتحدة

المقر السابق للشركة الروسية ـ البريطانية بموسكو.. السبب الرئيسي وراء ذوبان جليد الخلافات مع روسيا دور «بريتش بتروليوم» المتوقع في مساعدتها في طموحاتها النفطية (أ.ب)
TT

على الرغم من نجاحها في السيطرة على التسرب النفطي في خليج المكسيك، فإن شركة «بريتش بتروليوم» ستواجه سنوات من التشريعات العدائية والدعاوى القضائية في الولايات المتحدة.

لكن حظوظ الشركة ستكون أفضل في روسيا، ثاني أهم بلد بالنسبة لعمليات الشركة.

تجري الشركات الروسية محادثات مع شركة «بريتش بتروليوم» لشراء مليارات الدولارات في الحقول النفطية والأصول الأخرى لمساعدتها في تسديد تكلفة تنظيف الخليج والتعويضات، ويتوقع أن تقوم «بريتش بتروليوم» إلى جانب أحد الشركاء الروس باستكشاف آبار النفط الغنية في المياه القطبية الروسية، المنطقة البعيدة عن الولايات المتحدة وكندا.

وقد استقبل الرئيس التنفيذي لـ«بريتش بتروليوم» توني هيوارد، الذي يسلم مهامه غدا الجمعة إلى روبرت دادلي، استقبالا حافلا في مجلس إدارة شركة «تي إن كي بي بي» الشركة المناصفة بين «بريتش بتروليوم» وشركة روسية. العلاقات الجيدة لـ«بريتش بتروليوم» مع الروس تعتبر نقطة تحول مذهلة في موقف الشركة السيئ خلال العامين الماضيين.

كان دادلي الذي رأس شركة «تي إن كي - بي بي» في ذلك الوقت قد أجبر على الاختباء في عام 2008 بعد تزايد النزاعات بين الحكومة وشركاء «بريتش بتروليوم» من الروس مما أدى إلى إلغاء تأشيرة العمل الخاصة به. كانت العلاقات سيئة للغاية حتى إن عملاء الأمن الروس أغاروا على مكاتب الشركة في موسكو وألقوا القبض على محلل على خلفية اتهامات بالتجسس الصناعي.

لكن بحلول أغسطس (آب) تبدلت الأوضاع عندما زار هوارد ودادلي موسكو والتقيا إيغور سيتشين نائب رئيس الوزراء الروسي لسياسات الطاقة والحليف المقرب من رئيس الوزراء فلاديمير بوتين.

وقال فيتالي يرماكوف، مدير مركز موسكو للأبحاث لاستشارات الطاقة الدولية في محادثة هاتفية: «لقد أزيل سبب الخلاف».

السبب الرئيسي وراء ذوبان جليد الخلافات هو دور «بريتش بتروليوم» المتوقع في مساعدة روسيا في طموحاتها النفطية، حيث تنوي «بريتش بتروليوم»، عملاق النفط ومقرها لندن، بيع ما يقرب من 30 مليار دولار من الأصول حول العالم للمساعدة في استقرار تمويلاتها ودفع ما يقرب من 32 مليار دولار من الديون التي تتوقع أن تدفعها نتيجة للتسرب النفطي في الخليج.

ومن ثم تبدي الشركات الروسية - المدعومة من قبل الحكومة التي ترغب في رؤية عمالقة نفط روس دوليين - رغبة كبيرة في الشراء.

من بين مقدمي العطاءات المحتملين لشراء أصول «بي بي» شركة «تي إن كي - بي بي»، مشروع مشترك بين شركة «بريتش بتروليوم» والأثرياء الروس. كما تجري الشركة محادثات لشراء حقول «بريتش بتروليوم» في فنزويلا وفيتنام التي تبلغ قيمتها نحو 1.5 مليار دولار.

ويشير ستان بولوفيتس، المدير التنفيذي للاتحاد المالي الذي يمثل الأثرياء الروس في شركة «تي إن كي - بي بي» أن «بريتش بتروليوم» تحتفظ بعلاقات رائعة مع فريق «تي إن كي - بي بي».

وقال: نحن نقدر عرض «بريتش بتروليوم» لنا شراء الأصول قبل عرضها على الآخرين، فقد كان بإمكانهم التوجه إلى الصين أو الهند.

وقد كانت «بريتش بتروليوم»، على الرغم من رفضها تعيين مدير تنفيذي روسي لإدارة شركة «تي إن كي - بي بي»، فإنها كانت مهذبة إلى حد كبير تجاه المرشح الروسي ماكسيم بارسكي، ما إن صدر القرار، حيث منحت «بريتش بتروليوم» بارسكي جولة لمدة ستة أشهر في عملياتها الخارجية ومن بينها التوقف في ألاسكا وتكساس في منتصف أزمة التسرب النفطي.

من جانبها خففت السلطات الروسية الضغط على «بريتش بتروليوم» خلال التسرب النفطي، رافضة، كما يشير بيتر نيكارسولمر، مستشار شركة «بريتش بتروليوم»، استغلال عثرة الشركة، من أجل استكشاف شراكة أعمق مع «بريتش بتروليوم» عالميا.

ويرى فاضل غيط، كبير محللي النفط في «أوبنهايمر وشركاه» أن صمود روسيا من شأنه أن يؤتي ثماره، فقال «عندما كان الناس يقولون إن أيام (بي بي) باتت معدودة في الولايات المتحدة وروسيا، قالت روسيا نحن سنأخذ بيدك. ولذا فإن مساعدة روسيا (بريتش بتروليوم) في أحلك الساعات التي مرت بها من شأنه أن يرفع مكانتها بين الدول الغربية».

هذا الترحيب بـ«بريتش بتروليوم» في روسيا ليس بالأمر الهين: فموقف «بريتش بتروليوم» من الحكومة الروسية وشركاء الأعمال الروس يمثل على الأقل أمرا جوهريا بالنسبة للشركة خلال تنقيبها المستقبلي عن النفط في خليج المكسيك.

تجري «بريتش بتروليوم» نحو ثلث عملياتها النفطية على مستوى العالم و40 في المائة من حملة أسهمها في الولايات المتحدة. لكن روسيا تنتج 840000 برميل نفط يوميا، نحو ثلث إنتاج الشركة من النفط حول العالم وأكثر من 665000 برميل نفط في اليوم من الولايات المتحدة.

جلبت شركة «تي إن كي - بي بي» نحو 1.7 مليار دولار العام الماضي من نصيبها في الأرباح وسمحت للشركة البريطانية بالمطالبة باحتياطيات ضخمة من النفط في سجلاتها.

تتعدى طموحات «بريتش بتروليوم» في روسيا حدود شركة «تي إن كي - بي بي»، فلديها اتفاقات شراكة مع شركة «روزنفت»، شركة النفط المملوكة للدولة، للاستكشاف خارج جزيرة سخالين والحافة القطبية.

لكن التطوير في هذه المناطق يعتمد، مثل كثير من الأمور هنا، على النوايا الطبية للحكومة الروسية. حيث وضع بوتين قيودا على إمكانية وصول الشركات الغربية الكبرى باستثناء ترتيبات المقايضة.

وكانت السلطات الروسية قد سعت إلى إنشاء رابط مباشر بين شركة «بريتش بتروليوم» داخل البلاد ورغبة الشركة في مساعدة شركة «غاز بروم» النفطية العملاقة على التوسع في الخارج عبر مذكرة تفاهم عام 2007. وبموجب الاتفاقية، التي تفاوض عليها هيوارد، عرضت «بريتش بتروليوم» مساعدة «غاز بروم» على القيام بعمليات استحواذ خارج روسيا، وهو ما لم يكن بالأمر الهين خاصة أن الحكومات الغربية في تلك الفترة كانت مترددة حيال صعود نجم عملاق الطاقة الروسي عالميا.

وفي مقابل هذه المهمة السياسية الخطرة ستحصل «بريتش بتروليوم» على مساعدة «غاز بروم» في عملها المهم داخل روسيا. وبموجب الاتفاق ستقوم «غاز بروم» بشراء حقل غاز في سيبيريا من شركة «تي إن كي - بي بي» الذي كان على حافة إلغاء ترخيصه، لتحل المشكلة، ومن ثم تبيع مرة أخرى حصة 25 في المائة إذا قدمت «بريتش بتروليوم» أصولا أجنبية لشركة «غاز بروم».

بعد التسرب النفطي في الخليج أعادت «بريتش بتروليوم» المحادثات حول مساعدة «غاز بروم» في توسع علمياتها خارج روسيا. فإذا باعت «بريتش بتروليوم» بعضا من أصولها إلى شريكها في روسيا فسيثمر ذلك نوايا طيبة لدى السلطات الروسية وشركاء الأعمال وتجمع الأموال، كما سيترك لـ«بريتش بتروليوم» حصة غير مباشرة في الأعمال.

وقال ميخائيل فريدمان، رئيس شركة «تي إن كي - بي بي» في مقابلة مع شبكة «بلومبيرغ نيوز» إن الشركة ستتمكن عبر شراء الأصول المقترحة من التوسع عالميا. وتأمل في إنتاج 50 في المائة من نفطها خارج روسيا خلال عقد.

وقال جيرمي هاك، رئيس شركة «بريتش بتروليوم» روسيا، دون الإشارة إلى أي مفاوضات: «يمكن لـ(بريتش بتروليوم) أن تكون جسرا عالميا».هذا الدفء في العلاقات مع روسيا يمكن أن يلطف من إقالة هيوارد، الذي أصبح شخصية مقيتة في واشنطن ومنطقة خليج المكسيك قبل أن يجبر على الاستقالة من منصبه كمدير تنفيذي لـ«بريتش بتروليوم».وقد رفضت كل من «بريتش بتروليوم» و«تي إن كي - بي بي» الكشف عن التعويض المستقبلي لهيوارد في مجلس إدارة شركة «تي إن كي - بي بي».

وستقرر أول جلسة تصويت مجلس إدارة تضم هيوارد شراء الشركة لأصول «بريتش بتروليوم» خارج روسيا.

* أسهم كليفورد كرايوس في التقرير من هيوستن

* خدمة «نيويورك تايمز»