وفد من مجلس الأمن يزور السودان الثلاثاء.. ولم يرتب للقاء البشير

وزير الدولة في الخارجية السودانية لـ«الشرق الأوسط»: إذا رفضوا لقاء الرئيس فلن نرحب بهم

TT

يصل إلى العاصمة السودانية الخرطوم، الثلاثاء المقبل، وفد من أعضاء مجلس الأمن الدولي، لإجراء مناقشات مع الحكومة السودانية حول التطورات في الجنوب، وعملية السلام بدارفور، غير أن مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن كشفت عن أن الوفد لن يقابل الرئيس السوداني عمر البشير، بسبب توجيه اتهامات له بارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وفيما تمسكت الخرطوم بموقفها الرافض للزيارة حال إصرار الوفد على عدم مقابلة البشير، استدعت الخارجية السودانية السفير الهولندي لديها وأبلغته احتجاجا شديد اللهجة لتعرض أمستردام للرئيس السوداني في كلمة رئيس وزرائها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال دبلوماسي في المجلس إن الزيارة إلى الخرطوم بغرض تشجيع الشمال والجنوب على بذل قصارى جهدهما لإجراء استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان في موعده التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل ولضمان الانتقال السلمي بعد ذلك إذا اختار الجنوب الانفصال. وأضاف «نريد أيضا تفقد الوضع المثير للقلق على الأرض في دارفور».

وقال مبعوثون في الأمم المتحدة، إن المجلس قرر هذه الزيارة قبل شهور ولكنه كاد يلغيها بسبب مخاوف في الولايات المتحدة ودول أخرى بخصوص اضطرار السفراء لالتقاء الرئيس البشير ومصافحته. وقال دبلوماسيون طلبوا عدم الإفصاح عن أسمائهم: «لكي يتسنى إتمام الزيارة اتفق أعضاء المجلس على عدم طلب مقابلة البشير»، وقال دبلوماسي في المجلس لـ«رويترز»: «مجلس الأمن لم يطلب الاجتماع مع البشير ولم تقترح حكومة السودان عقد مثل هذا الاجتماع».

وقال مبعوث آخر، إن البشير ربما يكون خارج البلاد حينما يصل وفد المجلس إلى الخرطوم الأسبوع المقبل، وقال مبعوثون إن من بين الشخصيات المتوقع سفرها إلى السودان سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس والسفير الفرنسي جيرار أرو والسفير البريطاني مارك ليال غرانت.

وتبدأ رحلة المجلس في كمبالا بأوغندا وسيتحرك إلى جوبا عاصمة جنوب السودان. ثم يعتزم الوفد التوجه إلى منطقة دارفور ثم إلى الخرطوم. من جهته رفض وزير الدولة في الخارجية السودانية كمال حسن علي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، شروط أعضاء مجلس الأمن في عدم إجراء لقاء مع الرئيس البشير، وقال: «ليس من اللياقة أن يحدد الضيف أن يلتقي من يريد ويرفض لقاء أصحاب الضيافة»، وتابع «إذا لم يلتزموا بالبرنامج الذي وضعناه لن نرحب بهم.. عليهم الالتزام ببرنامجنا»، وقال: «الرئيس البشير رئيس منتخب من قبل الشعب السوداني في انتخابات شهد لها العالم كله وهو الآن رئيس الجمهورية كيف لا تتم مقابلته هذا أمر مرفوض».

وقال علي إن زيارة الوفد الدولي تتضمن قضايا الاستفتاء والأوضاع في دارفور، وإن بلاده تطلب مساعدة الآخرين للمساهمة في حل القضايا السودانية من دون إملاء أو شروط، وقال: «نحن دولة ذات سيادة كاملة وأي دعم إيجابي نرحب به ونتعامل معه، لكن لا نقبل الشروط والإملاءات».

من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس البشير سيشارك الاثنين المقبل في القمتين العربية الاستثنائية والعربية الأفريقية المنعقدتين في العاصمة الليبية طرابلس لمناقشة كافة القضايا العربية والأفريقية وخاصة دارفور والاستفتاء في جنوب السودان. وقال وزير الدولة للخارجية السودانية، إن «القمتين سيتناقش فيهما كافة القضايا وإن السودان سيعرض من خلالهما الخطوات التي اتخذت لحل أزمة دارفور في مفاوضات الدوحة وضرورة التوصل إلى سلام قبل نهاية العام مع مطالبة حكومته كافة الدول بالمشاركة والمساعدة في استقرار السودان وإحلال السلام في دارفور»، مؤكدا أن بلاده ستشارك بمستوى عال وأن القمة ستناقش آخر المستجدات في الساحة العربية والأفريقية.

وكشف علي عن اجتماع اللجنة الوزارية العربية - الأفريقية قبل انعقاد القمة لمناقشة كافة القضايا وطرحها للقمة. وقال إن السودان سيشارك بفاعلية من خلال وجود القادة الأفارقة، وتابع «سنطلع القادة بآخر مستجدات السودان وإجراء الاستفتاء في التاسع من يناير في موعده إلى جانب تطورات الأوضاع في دارفور وجهود الحكومة في عملية السلام».

إلى ذلك، استدعت الخارجية السودانية سفير هولندا لدى السودان للاحتجاج على البيان الذي ألقاه رئيس الوزراء الهولندي أمام الجمعية العامة في نيويورك والذي استنكر فيه استقبال بعض الدول الأعضاء الموقعة على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية للرئيس السوداني عمر البشير في إشارة إلى دولتي تشاد التي زارها البشير في يوليو (تموز) الماضي، وكينيا في أغسطس (آب) في تحد لقرار المحكمة باعتقاله لاتهامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور.

وقال وزير الدولة في الخارجية السودانية كمال حسن علي إن وزارته قدمت احتجاجا بأقوى العبارات الدبلوماسية للحكومة الهولندية، لهذه التصريحات التي وصفها بغير المقبولة. وأضاف أن هذه التصريحات تؤكد موقف هولندا الرامي إلى تسييس آليات العدالة الدولية، واستهداف الدول الأفريقية. وقال إن رئيس وزراء هولندا تحدث بصورة غير مقبولة في حق الرئيس البشير. وأضاف «نحن لا نقبل المساس بالرئيس»، معتبرا أن هذا النهج السياسي يضر بعملية السلام في السودان ويعطي إشارات خاطئة.