نتنياهو يؤكد سلطته كواضع لسياسة إسرائيل.. وعدم التنسيق مع ليبرمان

مع تواصل ردود الفعل على خطاب وزير الخارجية ومطالبات بإقالته

نتنياهو وميتشل خلال لقائهما في القدس المحتلة امس (إ.ب.أ)
TT

تتواصل ردود الفعل على خطاب وزير الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان المثير للجدل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي تحدث فيه عن عدم إمكانية تحقيق السلام مع الجانب الفلسطيني في المرحلة الحالية، وعن ضرورة التبادل السكاني بين المستوطنين وفلسطينيي 1948.

فقد جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائه مع مبعوث السلام الأميركي جورج ميتشل في القدس المحتلة أمس، تأكيد سلطته كواضع للسياسة الإسرائيلية. وأكد نتنياهو عقب لقائه ميتشل التزامه وحكومته بالتوصل إلى اتفاق سلام يحفظ لإسرائيل الأمن ومصالحها المهمة.

وفرض خطاب ليبرمان، وهو زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، نفسه على اجتماع نتنياهو – ميتشل، الذي عاد إلى المنطقة لينقذ المفاوضات التي لم يمر على إطلاقها شهر. وقال نتنياهو إن هناك الكثير من العقبات التي تعترض طريق السلام، لكن هناك طريقة واحدة تضمن عدم تحقيق السلام وهي عدم المحاولة لتحقيق السلام.

وأضاف نتنياهو «أنا شخصيا وكذلك حكومتي ملتزمان بالتوصل إلى اتفاق سلام يحفظ لإسرائيل أمنها ومصالحها. ونحن ملتزمون بالسير في هذا الطريق». وتابع القول إنه سيواصل المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين رغم أن اللقاء مع أبو مازن تأجل إلى ما بعد اجتماع لجنة متابعة المبادرة العربية في القاهرة في 4 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وعبر نتنياهو عن أمله أن «تتواصل المفاوضات الجيدة التي بدأناها من دون معوقات، حتى يتسنى لنا تحقيق هدفنا.. هذه هي سياستي وسياسة دولة إسرائيل، لمحاولة السير قدما في طريق السلام والأمن».

وأصدر مكتب نتنياهو أمس بيانا قال فيه «إن خطاب ليبرمان لم يجر التنسيق بشأنه مع رئيس الوزراء». وأضاف البيان أن «نتنياهو هو الشخص الذي يدير المفاوضات باسم إسرائيل. وأن القضايا المختلفة المحيطة باتفاق السلام ستناقش وتقرر فقط على طاولة المفاوضات ولا مكان غيرها».

غير أن «هآرتس» نقلت عن مصادر مقربة من نتنياهو لم تسمها القول إنه - أي نتنياهو - لا يعتبر تصريحات ليبرمان غير شرعية، وليس في نيته أن يؤنبه على ما قاله.

وأثارت تصريحات ليبرمان غضب الكثير من قادة اليهود في الولايات المتحدة، ودعا عددا منهم إلى إقالته من منصبه. ونقل عن سيمور ريتش، الرئيس السابق لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبيرة «إذا كان ليبرمان عاجزا عن الحفاظ على آرائه الشخصية لنفسه، فعليه أن يخرج من الحكومة».

واتفق مع ريتش في الرأي أحد زعماء اليهود في نيويورك، على حد قول صحيفة «هآرتس»، حيث قال إن «كل مرة يثير فيها ليبرمان شكوكه إزاء تحقيق السلام، فإنه يضعف مصداقية رئيس الوزراء نتنياهو أنه يعطي أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) وجامعة الدول العربية، الفرصة لتعزيز مزاعمهم أن نتنياهو غير جاد».

غير أن ابراهام فوكسمان، رئيس رابطة معاداة التشهير، قال لـ«هآرتس»، إن مواقف ليبرمان لا تتعارض كليا مع سياسة نتنياهو، لو أخذنا بعين الاعتبار وجهة نظر رئيس الوزراء المعلنة، التي تقول إن تطبيق أي اتفاق سلام، لا بد أن يأخذ عدة سنوات. وقال فوكسمان ما قاله ليبرمان، من إن الأزمة لن تحل في غضون عام، وإن تطبيق السلام سيحتاج إلى أجيال.

ودعا محلل الشؤون العسكرية في الموقع الإلكتروني التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، ورئيس تحرير إذاعة «الجيش» سابقا، رون بن يشاي، إلى طرد ليبرمان من الحكومة. وقال إن السياسي الذي يستغل منصبه كوزير للخارجية في الحكومة الإسرائيلية لطرح برنامجه السياسي (الذي يمثل في أفضل الحالات نفسه وحزبه) من على أهم وأرفع منصة دولية، هو باختصار لا يعرف الحياء. وأضاف بن يشاي أنه في دولة طبيعية، ما كان يمكن تخيل وزير خارجية ليطلق من على منبر دولي، خطابا دبلوماسيا كبيرا، يمثل فيه حكومته ودولته، دون أولا التنسيق والحصول على موافقة مسبقة على محتوياته أو على أقل على عناوينه الرئيسية. لقد أظهر ليبرمان، رئيس الوزراء ووزير الدفاع إيهود باراك والحكومة الإسرائيلية بمجملها، كمخادعين، إن لم يكن كاذبين. وتابع القول إن ليبرمان أساء لصورة إسرائيل كدولة ديمقراطية ومنفتحة، عندما اقترح تخليص إسرائيل من مواطنيها العرب عبر تبادل الأراضي والسكان، بغض النظر إن كان مثل هذا الاقتراح قد طرح بجدية في إسرائيل أو كان مجرد فكرة قي رأس ليبرمان. واختتم بالقول إن على نتنياهو أن يطرد ليبرمان من الحكومة، وقد حصل ذلك من قبل عندما طرد رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون وزراء عارضوا سياسته، وفعل نتنياهو عندما كان رئيسا للوزراء عام 1996 الشيء نفسه عندما سرح الوزير يتسحاق مردخاي.

ورد ليبرمان على الانتقادات في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية أنه ما دام لم يتحقق اختراق في المفاوضات فلا شيء يمنعه من إبداء رأيه. وقال ليبرمان إن وجهة نظره واضحة ومنسجمة ومعروفة لدى الجميع، ولا تتناقض مع الموقف الجوهري للحكومة.