الزعيم الكوري الشمالي يريد إبقاء الحكم ضمن العائلة

أبرز الترقيات لنجله.. لكن الأنظار تتجه أكثر إلى شقيقته «الجنرال» وزوجها «القائد الانتقالي» المحتمل

ضباط تابعون لقوات الجيش وآخرون من سلاحي البحرية والجو، وهم يرقصون بمناسبة إعادة انتخاب كيم جونغ إيل قائدا لحزب العمال الحاكم في بيونغ يانغ أول من أمس (أ.ب)
TT

شهد المؤتمر السنوي للحزب الحاكم في كوريا الشمالية خطوات لافتة تمثلت في تولي النجل الأصغر للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل، مناصب جديدة جعلته الرجل الثاني في البلاد، لكن الترقيات التي طالت أيضا شقيقة كيم جونغ إيل ومقربا واحدا على الأقل من العائلة، تعكس حرصه على إبقاء الحكم ضمن العائلة.

فخلال الاجتماع الوطني لحزب العمال الحاكم، تم تعيين كيم جونغ أون، نجل الزعيم كيم جون إيل، نائبا لرئيس اللجنة العسكرية المركزية، التي كانت تضم سابقا 8 أعضاء بينهم والده كيم جونغ إيل، وأيضا للجنة المركزية التابعة للحزب. وبهذا صار هذا الشاب البالغ من العمر 26 أو 27 سنة، الذي عين أيضا جنرالا بأربعة نجوم في الجيش، ثاني أقوى رجل في كوريا الشمالية اليوم بعد والده، رغم أن اسمه لم يكن، قبل نهاية الأسبوع الماضي، يذكر في الإعلام الكوري الشمالي، حسبما يفيد خبراء. وبتوليه مناصب سياسية وعسكرية عليا، سيحتاج كيم أون إلى بناء قاعدة من المناصرين داخل الحزب والجيش، الذين قد يتساءلون حتما عن سنه وخبرته. لكن اللافت أيضا هو أن الزعيم الكوري الشمالي، حرص خلال المؤتمر السنوي لحزب العمال، على ترقية شقيقته ومقرب واحد آخر على الأقل من العائلة، ليبرهن من جديد اعتماده على دماء عائلته للحفاظ على نظامه الشيوعي.

ويقول خبراء إن تعيين كيم كيونغ هيو، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، في منصب جنرال هو الذي يعطي لمحة عن استراتيجية كيم جونغ إيل لإبقاء السلطة داخل العائلة، مع تدهور حالته الصحية. وأشار محللون إلى أن المهمة الجديدة، لكيم كيونغ هيو، تعزز الأولوية التي يوليها كيم جونغ إيل لدماء العائلة على الحزب. وقد تمت تسمية كيم كيونغ هيو جنرالا بأربعة نجوم من دون أن تكون لها أي خبرة عسكرية. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» أمس عن كين غوز، وهو محلل أميركي متخصص بالشؤون الكورية الشمالية قوله: «عندما تشتد الأمور، وعندما تعتل صحة الزعيم، فإن العائلة هي التي تبدأ إدارة العربات». وأشار غوز إلى أن هذه الحالة (تكثيف الاعتماد على العائلة) حدثت أيضا في السنوات الأخيرة لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وحتى قبل تعيين كيم كيونغ هيو في منصبها الجديد، فإن نقل السلطة من الأب إلى الابن كانت عملية عائلية، فزوج كيم كيونغ هيو، المدعو جانغ سونغ تايك، الذي يشغل منصب نائب رئيس اللجنة العسكرية الوطنية، كان يُنظر إليه كوصي عن كيم جونغ أون. وقد يسند إليه منصب زعيم انتقالي في حال توفي «القائد العزيز» أو اعتلت صحته كثيرا قبل أن يتهيأ كيم جونغ أون على الدور المعد له بشكل كاف.

يشار إلى أن كيم كيونغ هيو، وجانغ سونغ تايك، متزوجان منذ 38 سنة، عن حب رغم اعتراضات والدها، الزعيم الراحل كيم إيل سونغ. ويعتقد بعض الخبراء أن كيم كيونغ هيو تمت ترقيتها لإضفاء الشرعية على زوجها، أي إنه يمكنها أن يتصرف كوريث بارز لعائلة كيم، في حال احتاج زوجها جانغ إلى دعم شعبي. إلا أن خبراء آخرين يرون أن كيم كيونغ هيو تمت ترقيتها لإحداث التوازن ومنع زوجها من تطوير طموحات كبيرة. وأول من أمس، احتفظت كيم كيونغ هيو بمنصبها كعضو في اللجنة المركزية التابعة للحزب، وهو المنصب الذي تشغله منذ عام 1988، أما جانغ فتم تعيينه كمدير في اللجنة.

ويعتقد عدة محللين مهتمين بالشأن الكوري الشمالي أن كيم جونغ إيل له علاقة قوية مع شقيقته، التي تصغره بأربع سنوات. فعلى الرغم من أنهما نشآ في صغرهما متباعدين، وسط أفراد العائلة أو مربيات، فإنهما قضيا طفولتهما معا. وفي السنتين الأخيرتين، برزت كيم كيونغ هيو، البالغة من العمر الآن 64 سنة، كمرافقة عالية المستوى لشقيقها خلال جولاته إلى المصانع والمزارع والمخيمات العسكرية. وحسب مقال حديث لوزير الدفاع الياباني الأسبق يوريكو كواكي، فإن كيم جونغ إيل قال مرة لأعضاء اللجنة المركزية لحزب العمال «إن كيم كيونغ هيو هي أنا. كلماتها هي كلماتي وتعليماتها هي تعليماتي».

من ناحية أخرى، أشار خبراء إلى كوريا الشمالية تسعى حاليا إلى الاستقرار في علاقاتها مع الأسرة الدولية من أجل إفساح المجال أمام كيم جونغ أون ليتدرب على دور القائد المقبل للبلاد. وصرح كوه يو هوان من جامعة دونغوك في سيول: «لتثبيت مخطط الخلافة، على الشمال أن يجد حلا لمشكلاته الاقتصادية، وللقيام بذلك عليه أن يحسن علاقاته مع العالم الخارجي». وأضاف المحلل: «يشعر كيم جونغ إيل أن عليه فعلا أن يحسن الوضع ما دام هو على قيد الحياة من أجل تخفيف العبء عن كيم الصغير. ولذلك، يمكن أن تقوم كوريا الشمالية بمبادرة إزاء الولايات المتحدة». واعتبر يانغ مو جين، من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، أن «بيونغ يانغ ستزيد، بموازاة انتقال السلطة، جهودها لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية حتى يستفيد خليفته من بعض النجاحات». وعليه، فقد أعربت بيونغ يانغ عن رغبتها في استئناف المفاوضات السداسية (الكوريتان والولايات المتحدة واليابان وروسيا والصين) حول برنامجها النووي والتي انسحبت منها في أبريل (نيسان) 2009 قبل شهر على قيامها بتجربتها النووية الثانية.