مصادر استخبارية: إحباط مخطط لشن هجمات إرهابية متزامنة في عدة مدن أوروبية

اعتقال أميركي في برشلونة بتهمة تمويل تنظيم القاعدة

TT

كشفت أجهزة استخبارات غربية عن مخطط لشبكة القاعدة لشن هجمات في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من قبل متطرفين يتخذون من باكستان مقرا لهم، لكن مصادر رسمية في باريس وبرلين شككت الأربعاء الماضي في وجود تهديد وشيك. وقال مسؤول أمني يتخذ من أوروبا مقرا له لوكالة الصحافة الفرنسية: «التهديد حقيقي جدا»، بعدما أشارت وسائل إعلام بريطانية وأميركية إلى أن ناشطين يخططون لهجمات متزامنة في لندن ومدن كبرى في فرنسا وألمانيا. وأكد المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أن فرنسا وبريطانيا كانتا مستهدفتين بالتهديد الذي صدرت أولى بوادره الشهر الماضي. وتابع المصدر أن أوامر صدرت من أعلى قيادات «القاعدة» بمعاقبة أوروبا وفرنسا تحديدا. وذكرت شبكتا «سكاي نيوز» و«بي بي سي» البريطانيتان, نقلا عن مصادر داخلية في أجهزة الاستخبارات, أن مؤامرة تنظيم القاعدة التي كانت تقضي بشن هجمات في بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد أحبطت. وأوضحت هذه المعلومات أن هجمات متزامنة، شبيهة بالهجوم الدامي على فندق في بومباي بالهند في 2008، كان من المقرر أن تستهدف لندن وكبرى المدن الفرنسية والألمانية, لكن المشروع كان في مرحلته الأولية. وأكدت مصادر حكومية في فرنسا وألمانيا أنها ليست على علم بتهديدات جديدة ضد بلادها وأن تدابير الاستنفار المتخذة لم يتم تشديدها. ونقلت وسائل الإعلام البريطانية عن مصدرين فرنسيين، على صلة بأجهزة الاستخبارات, ردا على أسئلة الصحافة الفرنسية, أنهما لم يتبلغا بوجود مخططات لتنفيذ اعتداءات. وقد أخلي برج إيفل مساء أول من أمس بسبب تحذير من وجود قنبلة, للمرة الثانية في غضون 15 يوما. لكن مصدرا فرنسيا حكوميا، على صلة بأجهزة الاستخبارات، أوضح أن «التهديد الوشيك بوقوع اعتداءات»، المطروح منذ الأسبوع الماضي في فرنسا, لم يكن على علاقة بالمعلومات التي طرحتها الأربعاء وسائل الإعلام. وأعلنت الحكومة الألمانية الأربعاء أنها «على علم» بمخطط «القاعدة» لمهاجمة أهداف في الغرب «على المدى الطويل», إلا أنها لا تملك أي دليل على وجود خطر وشيك بحصول اعتداء إرهابي, وعليه فإن مستوى الإنذار الأمني لا يزال على حاله. وصرح المتحدث باسم وزارة الداخلية، ستيفان باريس، في بيان «لا يوجد حاليا مؤشر ملموس بوقوع اعتداءات وشيكة في ألمانيا». وأوضحت الوزارة أن «أجهزة الأمن الألمانية مطلعة على المعلومات التي تنشرها حاليا وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية، التي تشير إلى أن تنظيم القاعدة يخطط، على المدى الطويل، لشن اعتداءات في الولايات المتحدة وأوروبا وألمانيا». وقال مصدر استخباراتي، إن «هناك اعتقادا بأن أسامة بن لادن وقع على مخطط هجمات أوروبية، على غرار هجمات مومباي». وتبدي الحكومة الألمانية قلقها من تزايد التحاق مواطنيها بصفوف «الجهاديين»، ووفق مسؤول استخباراتي ألماني رفيع، فإن قرابة 200 فرد سافروا للتدريب مع الجماعات الجهادية في مناطق الحدود الباكستانية - الأفغانية، منذ هجمات سبتمبر (أيلول) عام 2001، على الولايات المتحدة. إلى ذلك، كشف مصدر أميركي مسؤول لـ«سي إن إن»، أول من أمس، أن مخططا إرهابيا ضد أوروبا يعد من أحد عوامل التصعيد غير المسبوق في هجمات الطائرات من دون طيار على أهداف إرهابية في باكستان، التي فاق عددها أكثر من 20 هجوما صاروخيا، في سبتمبر الحالي، وفق إحصائية للشبكة.

وقال المصدر، الذي رفض كشف هويته: «سيكون التقصير منا ما لم نتحرك لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإحباط ما قد يحدث في أوروبا»، حسبما ذكر المسؤول.

وشدد المسؤول على أن المخطط المحتمل ليس العامل الوحيد وراء قرار الولايات المتحدة للتصعيد غير المسبوق في الهجمات الصاروخية بطائرات من دون طيار ضد أهداف على حدود باكستان المتاخمة لأفغانستان. وحذرت السلطات الفرنسية من هجمات إرهابية وشيكة، يفترض أن يبحثها رئيس الوزراء فرانسوا فيون مع رؤساء الكتل البرلمانية. وقال الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قبل شهرين: إن بلاده في حرب مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي تبنى خطف سبعة أجانب في النيجر هذا الشهر، بينهم خمسة فرنسيين، وأعدم قبل ذلك فرنسيا بعد هجوم فرنسي - موريتاني فاشل لتحريره.

من جهتها ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن الهجمات التي كانت ستنفذ بشكل متزامن، خطط لها من باكستان، ويعتقد أنها وصلت إلى مراحل متقدمة، ولكنها لم تكن وشيكة الحدوث. وأفادت الصحيفة الأميركية أن بعض الغارات بالطائرات الأميركية التي تعمل من دون طيار في الأسابيع الأخيرة في المناطق التي لا يسود فيها القانون في باكستان كانت تستهدف إفشال المخططات المشتبه بها.

ووفقا لما ذكرته «بي بي سي»، فإن القيادة الرئيسية الهاربة لـ«القاعدة» في المناطق القبلية في باكستان هي التي خططت لمثل تلك العمليات، ويعتقد أنها انتقلت من مرحلة التفكير إلى مرحلة التخطيط الفعلي. وقال المسؤولون الحكوميون في بريطانيا إنهم لا يعتزمون رفع مستوى التأهب لأعلى مستوى له، كما أنهم لا يتوقعون وقوع حملة اعتقالات فورية. ولم يعلق المسؤولون الفرنسيون والألمان على التقارير. وأكدت «سكاي نيوز» أن أجهزة الاستخبارات تراقب منذ مدة ناشطين مقيمين في باكستان خططوا لهذه الهجمات, مشيرة إلى أن هذا المخطط «مرتبط بتنظيم القاعدة، وربما بحركة طالبان».

من جهتها أكدت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن هذا المخطط هو «مخطط الاعتداءات الأكثر خطورة التي أعدها تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية», مشيرة إلى أن من يقف وراءه هم زعماء في تنظيم القاعدة، لاجئون في المناطق القبلية الباكستانية. وكانت وزيرة الأمن القومي الأميركية، جانيت نابوليتانو، قد قالت الأربعاء الماضي إن «تنامي نشاط الجماعات الإرهابية يشير إلى ازدياد التهديدات ضد الدول الغربية بما فيها الدول الأوروبية». من ناحيتها ذكرت شبكة «إيه بي سي» الأميركية، نقلا عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة لم تكشف عن هويته مساء أول من أمس، أن الولايات المتحدة كانت بدورها هدفا محتملا لمخطط الاعتداءات هذا.