إسلام آباد: الجنرالات يضغطون لإحداث تغييرات بسبب المعالجة السيئة للأزمات

تعيين الجنرال شاميم في أعلى منصب عسكري في باكستان

TT

أصدرت الحكومة الباكستانية قرارا بتعيين الجنرال خالد شاميم واين رئيسا للجنة الأركان المشتركة، حسبما أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، فرحة الله بابار. وطبقا لبيان رسمي صدر عن الرئاسة، قام الرئيس آصف علي زرداري بترقية لفتنانت جنرال واين لرتبة جنرال وعينه رئيسا للجنة الأركان المشتركة بناء على نصيحة رئيس وزرائه، يوسف رضا جيلاني.

جدير بالذكر أن رئيس هذه اللجنة يمثل أعلى منصب عسكري بالبلاد ويعد أمينا على الأصول الاستراتيجية بها. وقد استحدث هذا المنصب على يد رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو عام 1976. ويعد الجنرال واين المسؤول رقم 14 في هذا المنصب.

ومن المقرر أن يتقاعد الرئيس الحالي للجنة، الجنرال طارق مجيد (آخر جنرالات الجيش الذين شاركوا بصورة مباشرة في انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 1999 بقيادة الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف) بحلول 8 أكتوبر، وبدأ بالفعل اجتماعات الوداع مع عدد من القيادات العسكرية والمدنية في البلاد. وقد اتخذ قرار تعيين الرئيس الجديد للجنة الأركان المشتركة خلال اجتماع عقد الاثنين في منزل الرئيس شارك فيه الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس أركان الجيش، جنرال أشفق برويز كياني. وطبقا للتقارير الواردة في وسائل الإعلام الباكستانية، نصح جنرال كياني الحكومة بالعودة عن شفا الهاوية التي تقف عندها وأن تتجنب الدخول في مواجهة مع السلطة القضائية بشأن قضايا غسل الأموال المرفوعة ضد الرئيس زرداري. ورغم أن رئيس لجنة الأركان المشتركة يعد أعلى منصب عسكري في البلاد، فإنه فعليا يعد رئيس أركان الجيش صاحب النفوذ السياسي الأقوى. ومن المفترض أن تنتقل رئاسة اللجنة دوريا بين الأجنحة الثلاثة للمؤسسة العسكرية، لكن حتى الآن نال الأسطول المنصب مرتين بينما نالته القوات الجوية مرة واحدة. قبل إعلان تعيين جنرال واين في هذا المنصب، ظهرت شائعات كثيرة في إسلام آباد حول رغبة الحكومة في ترقية رئيس أركان الجيش الجنرال كياني لمنصب رئيس لجنة الأركان المشتركة، إلا أن مسؤولين حكوميين بارزين نفوا مرارا هذه الشائعات. ورغم كون رئاسة اللجنة أعلى منصب عسكري في باكستان، فإنها تعد ذات طابع شرفي باعتبار من يتولاها يشارك في التخطيط العسكري فحسب، ولا يملك سلطة إصدار الأوامر لأي قوات على الأرض. إلى ذلك تمارس المؤسسة العسكرية الباكستانية ضغوطا من أجل إقرار تغييرات كبرى في الحكومة المنتخبة، بل وعلى المدى البعيد الإطاحة بالرئيس آصف علي زرداري وكبار معاونيه، وذلك لغضبها إزاء أسلوب التناول الحكومي الرديء لأزمة الفيضانات المدمرة التي ضربت البلاد وقلقها إزاء إمكانية انهيار الاقتصاد. وأوضحت المؤسسة العسكرية، التي يتركز اهتمامها الرئيسي على حربها ضد العناصر المسلحة وتبدي ترددا حيال تحمل مسؤولية مباشرة عن الأزمة الاقتصادية، أنها ليست متحمسة للانقلاب على الحكومة والاستيلاء على السلطة، مثلما فعلت عدة مرات من قبل، حسبما أفاد مسؤولون عسكريون وسياسيون، إلا أن مستوى أداء الحكومة منذ وقوع الفيضانات، التي خلفت وراءها 20 مليون مشرد ودفعت البلاد للاعتماد على المساعدات من جهات أجنبية مترددة إزاء معاونتها، كشفت النقاب عن توترات كامنة بين المؤسسة العسكرية والقيادات المدنية بالبلاد.

من جهتهم، أشار مسؤولون أميركيون أيضا إلى أن الفيضانات أصابتهم بصدمة أكبر تجاه زرداري، الرئيس الذي يفتقر إلى الشعبية بدرجة بالغة والذي انتخب منذ عامين ونصف العام في خضم موجة تعاطف أعقبت اغتيال زوجته رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو.

خلال اجتماع عقد الاثنين وتصدرت أنباؤه الصفحات الأولى للصحف الباكستانية، واجه قائد الجيش جنرال أشفق برويز كياني، الرئيس ورئيس وزرائه، يوسف رضا جيلاني، بشأن افتقار الحكومة للفعالية والفساد في صفوفها. وطبقا لما ورد في الصحف وذكره مسؤولون باكستانيون مطلعون على ما دار بالاجتماع، طالب الجنرال بأن يفصل زرداري وجيلاني بعض الوزراء، على الأقل، من مجلس الوزراء المتضخم المؤلف من 60 عضوا، يواجه الكثيرون منهم اتهامات بالفساد. الملاحظ أنه حتى الآن رفضت الحكومة المدنية مطالب الجنرال كياني. لكن عقد هذا الاجتماع جرى تفسيره على نطاق واسع من جانب وسائل الإعلام الباكستانية، التي زاد عداؤها للرئيس على نحو ملحوظ، باعتباره توبيخا للسياسيين المدنيين وأنه جاء بمثابة دفعة وضعت الحكومة على شفا الانهيار. في أعقاب الاجتماع، أصدر مكتب الرئيس بيانا، وافق عليه الجميع، أعلن خلاله أنهم اتفقوا على «حماية العملية الديمقراطية وتسوية جميع القضايا بما يتوافق مع الدستور». وقال مسؤول باكستاني مقرب من الرئيس اطلع على ما دار في الاجتماع لكنه رفض كشف هويته: «أوضح الرئيس أنه لن يغادر منصبه مهما كانت الظروف».

*خدمة «نيويورك تايمز»