السلطات اللبنانية لم تتسلم أي إشعار رسمي من دمشق والمذكرات السورية تخضع لقراءات المراجع القضائية

مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»: لا تأثيرات قانونية لها وتتناقض مع السيادة الوطنية

TT

انشغلت الأوساط القضائية والأمنية اللبنانية بالقراءات القانونية لأبعاد الإجراء الذي اتخذه القضاء السوري بإصدار مذكرات توقيف غيابية بحق عدد من المرجعيات القضائية والأمنية والسياسية، وعدد كبير من الإعلاميين، وكانت الأنظار مشدودة أمس إلى وزارة العدل وقصر العدل في بيروت، باعتبارهما معنيين باتخاذ موقف قانوني مما حصل. وفي ظل عدم تسلم السلطات اللبنانية أي مراجعة أو إشعار رسمي من الجانب السوري بهذا الأمر، كشفت مصادر وزارة العدل لـ«الشرق الأوسط» عن أن «التعامل مع هذا الأمر يتم بهدوء وروية وانطلاقا من مخارج قانونية صرفة وليس بمواقف انفعالية»، وأشارت إلى أن «معالجة هذه القضية لها أكثر من وجه، بينها التقرير الذي سيقدمه وزير العدل إبراهيم نجار حول موضوع ما سمي شهود الزور، فإذا أكدت مطالعة الوزير نجار أن القضاء اللبناني هو صاحب الاختصاص في ملاحقة ومحاكمة شهود الزور، عندها يبدأ القضاء إجراءاته وبالتالي تنتفي صلاحية أي مرجع قضائي غير لبناني بما فيه القضاء السوري، هذا بغض النظر عن البحث في مدى قانونية أو عدم قانونية مذكرات التوقيف السورية ومبرراتها»، وأكدت أن «ملف شهود الزور سبق لمجلس الوزراء أن وضع يده عليه وأوكل متابعته إلى وزير العدل والقضاء قبل أن تلجأ السلطات السورية إلى مذكرات التوقيف، مما يعني أن أي قرار لبناني سيتخذ سيكون نتيجة دراسات واستشارات قانونية وليس نتيجة ضغط من داخل لبنان أو خارجه».

وفي السياق نفسه، أكد مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن«لا تأثيرات قانونية للمذكرات السورية في لبنان، لأنها صدرت بخلفيات سياسية وليس بالاستناد إلى ملف قضائي»، ولفت إلى أن المذكرات «تتناقض مع القوانين اللبنانية ومبدأ السيادة الوطنية، وتضرب بعرض الحائط السيادة اللبنانية، وصلاحيات القضاء اللبناني والحصانات التي يتمتع بها من شملهم القرار السوري». وسأل المصدر القضائي: «هل يستطيع القضاء السوري أن يقدّر ما إذا كان القضاة اللبنانيون قاموا بواجبهم كاملا بحسب القوانين اللبنانية (في التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري) أم لا؟ وإلى أي معطى قانوني استند ليتبين له أن القضاة اللبنانيين أو غيرهم من السياسيين والأمنيين والإعلاميين ارتكبوا جرما يستوجب التجريم أو الملاحقة؟»، وقال: «إذا ما سلمنا بالفرضيات، فمن الآن وصاعدا يمكن لأي مواطن سوري ارتكب جرما في لبنان وحاكمه القضاء اللبناني أن يذهب إلى سورية ويدعي على القضاء في لبنان، وعندها يصبح كل قضاة لبنان مطلوبون في سورية، هذا أمر غير مقبول ولا يستند إلى أي منطق». من جهته، استبعد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أن «يعمد الإنتربول الدولي إلى تنفيذ مذكرات التوقيف السورية، نظرا لارتكازها إلى خلفيات سياسية»، وذكّر بأن «الإنتربول رفض في السابق مذكرات توقيف وصلت إليه من القضاء السوري بحق رئيس (اللقاء الديمقراطي) النائب وليد جنبلاط، لأنها ارتكزت على خلفيات سياسية»، وأعلن أنه «سيمنع تنفيذ هذه المذكرات، لأنها تخرق السيادة الوطنية». وأكد عضو كتلة المستقبل (وزير العدل السابق) النائب سمير الجسر أنه «ليس للمحاكم السورية أي صلاحية للنظر في مذكرات التوقيف التي صدرت بحق شخصيات لبنانية»، مشيرا إلى أن «هذه المذكرات يجب أن تكون مرتكزة إلى سند قانوني وأن تكون الصلاحية المكانية متفقة والجرم المزعوم، وإذا كان هذا الجرم ارتكب في لبنان فلا يعود للمحاكم السورية أي صلاحية، وما حصل تجاوز للقانون». واعتبر أن «الرسالة التي أرادت سورية إرسالها مرتبطة ومتعلقة بالمحكمة الدولية» وقال: «من الواضح أن الإنتربول الدولي لا يتحرك في الجرائم السياسية»، لافتا إلى أن «الإنتربول سيغفل هذه المذكرات». من جهة ثانية، رأى عضو المجلس الدستوري السابق القاضي سليم جريصاتي أن «المخرج القانوني للامتناع عن تنفيذ مذكرات التوقيف السورية هو في تولي القضاء اللبناني النظر في موضوع الادعاء على الرعايا اللبنانيين»،