داغليش يعرض خدماته.. وهودغسون يجهز حقائبه

أزمات ليفربول تتوالى.. وانقسام بين الجماهير والإدارة حول المدير الفني

TT

شهد ملعب فريق ايفرتون (جوديسون بارك) آخر ظهور لكيني داغليش كمدير فني لليفربول قبل 19 عاما، ضمن مباريات كأس إنجلترا وانتهت بتعادل كبير 4 - 4، والتي وصفها بأنها «أشبه بمشاهدة سيارة تتحطم ولا يعلم أي خدمات الطوارئ التي يمكنه اللجوء إليها. بيد أن ذلك لن يحدث».

لكن ذلك لن يحدث في القريب، فمع غليان المدرجات مؤخرا، وهتاف الجماهير لداغليش مطالبة بعودته إلى مقعد التدريب والتي ستكون بمثابة إنقاذ لماء الوجه لمجلس الإدارة الذي يتعرض لانتقادات حادة، ورغبة داغليش العارمة في خدمة النادي الذي يحب، فإن مجلس الإدارة يقف إلى جوار المدرب الجديد روي هودغسون.

مارتن بروتون رئيس مجلس إدارة ليفربول كشف عن قصور في فهم تاريخ النادي واحترام اللاعبين مثار حب الجماهير، كان بروتون حازما بشأن عودة داغليش، عندما طرح اسمه كمدير فني في يونيو (حزيران) الماضي. وأصبحت مصداقية بروتون، التي أصحبت الآن مثار شكوك بسبب علاقته بتشيلسي، مرتبطة بحظوظ هودغسون.

جزء من معاناة ليفربول من المشكلات في الدوري هو إرث رفاييل بينيتيز المدير الفني السابق والجزء الآخر يعتبر من صنع هودغسون نفسه، ومواجهته لبعض المشكلات الفنية مثل اعتقاده بأن الدنماركي ولاعب خط الوسط المدافع كريستيان بولسون قادر على التعايش مع سرعة ووتيرة الدوري الإنجليزي.

ويحمل الأمر دلالة مهمة ما عندما تفضل بعض الشخصيات الموقرة داخل النادي اللاعب البرازيلي لوكاس على بولسون وتطالب بأن يشارك بدلا منه في المباريات، فيما يفضل مشجعو الفريق جاي سبيرنغ النشط في خط الوسط. يحدث ذلك في الوقت الذي تتحدث فيه الجماهير عن دفاع ليفربول الجديد الضعيف، وأنه خسر الكثير برحيل خافيير ماسكيرانو والحاجة الماسة إلى التعامل مع مشكلة الدفاع.

وفي جبهة الهجوم أعقبت سنوات توريس المتعاقبة والناجحة في خط الهجوم (بطولة الأندية أبطال الدوري، وكأس الكونفدرالية، وكأس العالم) إحباطات مريرة. وعندما يشفى من إصابته، سيكون بحاجة إلى بذل الكثير من الجهد للقيام بكل ما هو ممكن لإخراج ليفربول من المستنقع الذي وجد نفسه فيه. ولا يمكن لهودغسون أن يلعب براؤول ميرليز على اليمين، فهذا اللاعب البرتغالي أكثر فاعلية في الوسط أو بعيدا عن توريس.

بيد أن تلك النداءات من أجل إقالة هودغسون يجب أن تتوقف، فالقول بأن أي مدير فني جديد بحاجة إلى الوقت والمال صحيح. فمن السخف أن يكون مصير مدرب بحجم هودغسون، نال شهرة كبيرة في الدوري الإيطالي إلى الدوري الإنجليزي مرورا بالتدريب على صعيد المنتخبات مرهونا بخيارات المشجعين، فهو يستحق المزيد من الاحترام.

هودغسون ليس واحدا ممن يدعون منزلة أكبر من منزلتهم، فهو مدرب يمتلك خبرة كبيرة واسعة، وتطلب الأمر منه بضعة أشهر لفرض تكتيكاته على فولهام قبل أن يتمكنوا من السير وفق إيقاعه. تجاوز هودغسون الكثير من العقبات في أندية من قبل. تبرز الصفحات العديدة في سيرة هودغسون الذاتية، أنه لا بد من منحه الفرصة لتغيير ذلك، وهي النقطة التي أوضحها حارس مرمى ليفربول الذي فاز بكأس الأندية الأوروبية أبطال الكأس، فيقول راي كليمينس، وهو يقف على الخط يراقب منتخب تحت 19 عاما في ملعب تدريب وست بروميتش: «لا يمكن أن يلجأ البعض إلى التشكيك في إمكانات هودغسوون بعد شهرين فقط في الدوري. هذا امر محزن، لأنه الشخصية الأنسب لتدريب النادي، فهو مدير فني على أعلى مستوى. وبالنسبة للضغوط فقد درب في إيطاليا. مشكلة روي أنه جاء في وقت متأخر في الصيف ولم يكن يملك الكثير من المال لشراء اللاعبين المطلوبين. وأنا على يقين من أنه يعرف التغييرات التي ينبغي القيام بها لكنه لا يمتلك المال اللازم للقيام بذلك ربما حتى موسم الانتقالات الشتوية».

«المشكلة هي أن مشجعي النادي مرتبكون فهم يحاولون إلقاء مسؤولية تدهور مستوى الفريق على شخص، وكان هذا الشخص هو المدير الفني وهذا أمر محزن بالنسبة لليفربول لأن مشجعي النادي من أخلص المشجعين، ولذا ينبغي أن يمنح الرجل الفرصة لذلك». بالفعل، إذا فشل هودغسون في انتشال ليفربول بعد إجراء تغييرات في الفريق، إذن فسوف يفكر مجلس الإدارة في استبداله.

لا يخفي داغليش أنه ترك مهمة لم تنجز مع ليفربول لأن خروجه كان مؤلما. فآخر مبارياته مع النادي أثرت في شخصيته للغاية، فقد تحطمت أعصابه حتى قبل أن تنهار دفاعاته على يد جريمي شارب وتوني كوتي مهاجمي فريق شيفلد ونزداي على ملعب هليسبرو في 20 فبراير (شباط) 1991. في العاشرة والنصف من صباح اليوم التالي أعلم داغليش مجلس الإدارة بعزمه على الاستقالة، وتحدث عن إحساسه بالغضب وأن عليه الذهاب وأخبر مجلس الإدارة «لدى إحساس بالمسؤولية في هذا النادي ولا يمكنني اتخاذ القرارات. أنا لا أستحق أن أكون هنا، فأنا أثقل كاهلكم بوجودي».

كان ذلك واحدا من الأيام الشجية في تاريخ ليفربول الطويل، تلك اللحظة التي خرج فيها الرجل بمفرده، وبعد سلسلة من النقاشات وجلسة طارئة لمجلس إدارة النادي رحل داغليش عن النادي. أثار الرحيل حزن أبنائه الذين انفجروا في البكاء لرحيلهم عن النادي رغم ابتهاجهم عندما علموا أن العائلة ستغادر إلى حيث عالم ديزني. وقد حدثه ليفربول مرتين فيما بعد بشأن العودة. في أبريل (نيسان) 1993 سأله بيتر روبنسون، المدير التنفيذي للنادي: «متى ستعود إلى ليفربول؟»، وتبعتها محاولة أخرى في صيف عام 1994 لكن مجلس الإدارة لم يتحرك بجدية.

إذا ما تمت إقالة هودغسون وعاد داغليش، فستحركه الرغبة القوية في إثبات مكانته، إضافة إلى رغبته القوية في مساعدة عائلته الكروية في ليفربول. لم ينس داغليش على الإطلاق الانتقادات القوية التي تعرض لها من كتاب رياضيين لتقديم استقالته بسبب الضغوط والزعم بأنه ترك ليفربول بفريق متوسط أعمار لاعبيه كبيرة للغاية، وهي إهانة لرجل تربى على يديه لاعبون كبار مثل ستيف ماكمانمان، وجامي ريدناب وروبي فاولر.

ولا يزال الرجل يمتلك حسا كبيرا بكرة القدم وعلى اطلاع واسع بكرة القدم المحلية والأوروبية، على الرغم من ابتعاده عن مجال التدريب وانشغاله بمساعدة زوجته في مؤسستها الخيرية. ويضيف كليمنسي، زميله السابق: «لا أعتقد أن كيني بعيد عن اللعبة على الرغم من ابتعاده عن التدريب لفترة طويلة، إنه رجل كرة قدم. وقد قرأت عن اهتمام كيني بتدريب ليفربول، ولو أنه تولى مسؤولية الفريق في الصيف، لكان ذلك قرارا صائبا، لكن روي هودغسون ليس بالقرار السيئ أيضا، ومن ثم يجب أن يمنح هودغسون الوقت المناسب قبل التحول إلى داغليش».