«النقد الدولي»: 2.2 تريليون دولار خسائر العالم من الأزمة المالية خلال 3 سنوات

حذر من «غموض كبير» في الاقتصاد العالمي وضرورة مواصلة الدعم الحكومي

مبنى صندوق النقد الدولي في واشنطن (إ.ب.أ)
TT

دعا صندوق النقد الدولي، أمس، إلى استمرار دعم الحكومات للقطاع المالي العالمي الذي «يبقى كعب أخيل في النهوض الاقتصادي»، جراء تلقيه خسائر فادحة خلال السنوات الثلاث الماضية قدرها الصندوق بـ2200 مليار دولار. وقال الصندوق في تقريره الفصلي حول «الاستقرار المالي في العالم»، إن «النظام المالي العالمي لا يزال في مرحلة من الغموض الكبير»، مما يستدعي مراقبته بحذر وعدم التسرع في إعلان نهاية الأزمة المالية.

ودعت المنظمة الدولية الحكومات إلى توخي الحذر على الرغم من التحسن النسبي للاقتصاد العالمي في الأشهر الماضية. واعتبر الصندوق أن القطاع المالي هو اليوم في وضع أفضل مما كان عليه في تقريره الأخير في أبريل (نيسان)، وأنه بحسب توقعاته، من المفترض أن يواصل تحسنه البطيء. وخفض الصندوق توقعاته لحجم الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية العالمية التي تكبدتها بين صيف 2007 وأواخر 2010 المصارف وباقي المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا بسبب انخفاض قيمة أصولها المالية. وباتت هذه التكلفة بالنسبة إلى تقديرات صندوق النقد الدولي 2200 مليار دولار، بعدما كانت قبل ستة أشهر 2300 مليار وقبل سنة كانت 2800 مليار. غير أن خطر احتمال عودة الأزمة مجددا لا يزال يخيم على تقديرات صندوق النقد الدولي والخبراء الماليين.

وقال الصندوق في تقريره إنه «كما لاحظنا في مناسبات عدة خلال السنوات الثلاث الماضية فإن الوضع الذي يشهده القطاع المالي العالمي لديه اليوم القدرة على الانتقال بسرعة فائقة من وضع حسن إلى وضع أزمة». وأضاف «الوضع يبقى هشا وقسما من الدعم الحكومي الذي قدم للمصارف خلال الأعوام الماضية يجب أن يستمر».

وستكون قضايا الاقتصاد العالمي، من الدعم الحكومي للقطاع المالي إلى مخاوف من «حرب عملات» بين القوى العظمى، مطروحة في اجتماعات صندوق النقد الدولي خلال الأيام المقبلة. ويجمع صندوق النقد الدولي غدا وزراء مالية دوله الأعضاء الـ187 في واشنطن مع انطلاق جمعيته العامة السنوية في وقت يكشف الخلاف القائم حول أسعار صرف العملات عن صعوبة الاستمرار في التعاون لتسوية الأزمة الاقتصادية العالمية.

كما يفتتح صندوق النقد جمعيته السنوية في وقت يتحتم على الدول إيجاد تسوية حول مسألة خلافية أخرى هي إعادة توزيع المقاعد في مجلس الإدارة. وكان وزير المالية البرازيلي غويدو مانتيغا أطلق في 27 سبتمبر (أيلول) تحذيرا بشأن «حرب أسعار العملات» التي تشنها على حد قوله الدول الكبرى لإضعاف عملات بعضها البعض. وكان للعبارة التي طرحها وقع بالغ إذ ذكرت بحقبة الثلاثينات من القرن الماضي حين انهار الاقتصاد العالمي على وقع تخفيضات متهورة في أسعار العملات.

وهناك انتقادات واسعة للصين، خاصة من الولايات المتحدة، بسبب رفضها الاستجابة لدعوات لرفع سعر عملتها اليوان. وفي الوقت نفسه تدخلت اليابان لإضعاف الين وتعطي الولايات المتحدة انطباعا بأنها تسمح بتراجع سعر الدولار.

وستكون الدعوات لإصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من القضايا المطروحة خلال الأيام المقبلة، وهو محور يتكرر في الاجتماعات العالمية منذ سنوات ولكن حتى الآن لم يتم الاتفاق على خطوات فعالة في هذا السياق. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أول من أمس خلال قمة للاتحاد الأوروبي وآسيا في بروكسل مبديا قلقه: «نعيش في القرن الواحد والعشرين من دون نظام نقدي.. وليس لدينا مكان واحد في العالم يمكننا بحث المسائل النقدية فيه».

وكان المدير العام للمؤسسة المالية دومينيك ستروس قد أبدى استياءه السبت الماضي لرؤية الدول الكبرى التي تعتمد رؤية ضيقة تحدها مصالحها الوطنية، بعد سنتين من ذروة أزمة مالية جمعتها كلها حول هدف مشترك. وقال متحدثا من يالطا (أوكرانيا): «اليوم لدينا خطر آخر يهددنا، وهو أن إرادة التوافق والتعاون تلك ضعفت. ونرى في العالم احتمال اندلاع حرب عملات».

وأعرب رئيس البنك الدولي روبرت زوليك عن رأي مماثل. وقال زوليك أول من أمس خلال مؤتمر عبر الدائرة الهاتفية سبق الجمعية العامة السنوية للمؤسسة التوأم لصندوق النقد الدولي: «نظرا إلى هشاشة هذا الانتعاش الاقتصادي أعتقد أنه من المهم معالجة أي مخاطر قد تحدق بالنمو، سواء أكانت مخاطر حمائية أو خلافات حول أسعار العملات، أو أي مصدر خلاف آخر». ولكن من المستبعد أن تفضي اجتماعات نهاية الأسبوع فضلا عن اجتماعين آخرين غير رسميين لمجموعة العشرين ومجموعة السبع الجمعة، إلى أكثر من إعلان حسن نوايا.