الجيش الأميركي يفتتح منتجعا لمعالجة جنوده المصابين بالإجهاد في العراق

قلق من ارتفاع نسبة المصابين بأمراض نفسية.. وبعضهم لجأ للانتحار

جندي أميركي يمر قرب عربة مدرعة لنقل السجناء في بغداد، حيث سلمت القوات الأميركية معتقلين إلى الجانب العراقي أمس (رويترز)
TT

يعاني أفراد القوات الأميركية المقاتلة في العراق من الكثير من الأمراض النفسية والمتاعب نتيجة الإجهاد النفسي والجسدي الذي بذلوه، وما زالوا للحفاظ على حياتهم وتنفيذ الأوامر الصادرة إليهم في ذات الوقت.

وعلى الرغم من توفير ظروف حياتية جيدة داخل القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في العراق، مثل النوادي الرياضية وقاعات الاحتفالات والمطاعم المترفة، فإن هذه المغريات لم تقف عائقا أمام إصابة الجنود، وحتى بعض ضباط القوات الأميركية بالإجهاد النفسي.

وقد فضحت المستشفيات التي عالجت الجنود الأميركيين في الولايات المتحدة لدى عودة بعض القوات إلى موطنها، عن إصابة العديد من أفراد القوات الأميركية بحالات نفسية معقدة، كما كشفت غالبية من أفلام هوليوود عن هذه الحالات.

لهذه الأسباب لجأت بعض القواعد العسكرية الأميركية في العراق إلى إقامة ما يشبه المصحات أو المنتجعات النفسية للتخفيف من عبء معاناة جنودها، ففي داخل قاعات طليت جدرانها بلون السماء يجلس أحد رجال الدين واختصاصي بالتغذية بجوار مقاعد للتدليك بانتظار جنود القاعدة الأميركية في جنوب العراق! إنه عالم خاص يعزز طاقة المثابرة ويشكل رمزا للاستراتيجية الجديدة بمواجهة الإجهاد الذي يصيب البعض.

ويشير تقرير أعده سلاح البر الأميركي في يوليو (تموز) من 350 صفحة إلى ملاحظات مقلقة حول الصحة النفسية عام 2008 إلى أن 13% من الجنود عانوا من عوارض إجهاد ما بعد الصدمة وإلى ارتفاع معدلات الانتحار منذ عام 2008 أكثر من المعدل الوطني بالإضافة إلى زيادة الوصفات الطبية المضادة للاكتئاب بشكل كبير بين عام 2005 و2008.

وفتح الجيش الأميركي بعد سبعة أعوام ونصف من اجتياح العراق! مركزين من هذا النوع أحدهما في قاعدة البصرة، حيث مقر القوات الأميركية التي تتولى مسؤولية تسع محافظات جنوبية.

وقال الكولونيل في الاحتياط بولبالي سوباراو (59 عاما) وهو طبيب نفساني، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لدينا جميعا القدرة على المثابرة وهي طاقة تعيد التوازن بعد التعرض للإجهاد».

وأضاف سوباراو الذي خدم في الكويت عام 2002 ويشارك للمرة الخامسة في انتشار في مناطق النزاع: «لكن يتوجب أحيانا زيادة هذه القدرات خلال الأزمات».

وتعمل هذه المراكز الصحية 24 ساعة في اليوم! لاستقبال الجنود للمساعدة على إعادة تنشيط قدراتهم البدنية والنفسية والاجتماعية والروحية والعاطفية.

وقال السرجنت ميجور براين بارين منسق البرنامج: إن «هذا المكان ليس مخصصا لتقديم العلاج. نساعد الجنود على تعزيز طاقاتهم المعرضة للوهن». وأشار بارين إلى إمكانية اتباع الجنود برنامجا غذائيا أو الإقلاع عن التدخين والتعرف على عوارض الإجهاد أو الجلوس على انفراد للاتصال بأقاربهم عبر الإنترنت أو اتباع برنامج لياقة بدنية في قاعة مخصصة لهذا الأمر دون مرايا «لأننا لا نأتي إلى هنا من أجل استعراض العضلات». وخصصت غرفة ملحقة بالمركز الديني زجاجها ملون للتأمل وهي مزودة بكتب دينية.

وقال جيرد كوبر (23 عاما) مساعد رجل الدين إن «الكثير من الجنود يأتون بحثا عن دوافع روحانية! لأنهم لا يجدون في الجيش مساعدة مشابهة لما في منازلهم». وأضاف نجل القس اللوثري: «أنا هنا للتحدث إليهم ومد يد العون وأحيانا لمجرد الاستماع إلى صرخاتهم».

وبعد شهر من انتهاء المهام القتالية للقوات الأميركية في العراق لتتحول إلى تدريب القوات العراقية! لاحظ كوبر «انخفاضا مهما» في حالات التوتر لدى الجنود في هذه القاعدة التي تضم نحو ألفي عسكري.

ويرى الطبيب النفساني سوباراو أن تغيير المهمة يشجع على العمل بعمق مع العسكريين الذين يرفضون أن تطلق عليهم تسمية مرضى لكي لا يبتعدون عن الظروف المحيطة بهم.

وقال «هناك فئة من المشكلات في غاية التعقيد».

وبالإضافة إلى عوارض الإجهاد الناجمة عن الصدمة، يعاني الجنود أحيانا من القلق المرتبط بانتشارهم والشعور بالاغتراب ومشكلات أخرى بسبب وجود عراقيين في القاعدة فضلا عن مشكلات شخصية يحملونها معهم من بلدهم! بحسب سوباراو.

ومن الصعب الحصول على تقييم حول نجاح المركز لأن الحديث مع الجنود جرى بحضور مسؤول خدمات الإعلام التابع للجيش.

وحول التأخر باتخاذ هذه المبادرة! قال قائد فرقة الجنوب الجنرال فنسنت بروكس إن «عمر الجيش 235 عاما ولم يكن ليتطور لو اعتبر أن هذا الأمر تأخر كثيرا. فنحن دائما في طور التعلم والتأقلم» مع الظروف التي تواجهنا.