مصادر لـ «الشرق الأوسط»: الحكيم ذهب إلى دمشق لسؤال الأسد لماذا غير موقفه من ترشيح عبد المهدي

علاوي يلتقي مبارك في القاهرة ويؤكد: الحكومة ستشكل قريبا.. وموسى: لا ننحاز لأحد * قيادي في الائتلاف الوطني لـ «الشرق الأوسط»: نضغط باتجاه توحيد التحفظ على المالكي

الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

وسط حراك سياسي متسارع خارج وداخل العراق تواصل الكتل السياسية العراقية اجتماعاتها للوصول إلى تشكيل الحكومة العراقية وإنهاء الأزمة المستمرة منذ قرابة 7 أشهر، ففي الوقت الذي بحث فيه إياد علاوي زعيم الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات مع الرئيس المصري حسني مبارك التغيرات الأخيرة في مسيرة التفاهمات السياسية التي أفضت إلى ترشيح التحالف الوطني لنوري المالكي، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، لولاية جديدة، بحث عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي والائتلاف الوطني مع الرئيس السوري بشار الأسد الطرق الكفيلة بتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.

وكان التحالف الوطني الذي يضم الائتلاف الوطني، بزعامة الحكيم، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، قد توصل إلى ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة، غير أن هذا الترشيح لم ينل قبولا من الحكيم وحزبه، المجلس الأعلى.

وغادر علاوي القاهرة بعد ظهر أمس بعد زيارة قصيرة لمصر استقبله خلالها الرئيس المصري حسني مبارك وأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، في إطار بحث آخر مستجدات الوضع بالساحة العراقية.

واستقبل الرئيس المصري علاوي بمقر الرئاسة بمصر الجديدة ظهر أمس، وخلال الزيارة، عرض علاوي على الرئيس مبارك آخر تطورات الموقف في العراق في ضوء جهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

كما استقبل عمرو موسى علاوي بمقر الأمانة العامة للجامعة ليلة أول من أمس، وأعلن موسى عقب الاستقبال أن الجامعة العربية سوف تعمل على المساعدة في الانتهاء من الوضع غير المستقر بالعراق.

وشدد موسى على أن الجامعة العربية لا تقف ولا تنحاز مع مرشح ضد آخر ولا مع سياسي أو تكتل ضد آخر، وقال إن «هذا ليس عمل الجامعة العربية، ولكن عملنا يرتكز على أن نساعد كل الأشقاء العراقيين، من مختلف المشارب والتوجهات وليس الطوائف أو المذاهب، لقيادة العراق نحو مستقبل يشارك فيه الكل ويكون الجميع مسؤولا عن مستقبل العراق».

وحذر موسى من استمرار الوضع الراهن، قائلا إن «العراق إذا استمر في هذا الأمر فسوف يتهدد استقراره، ومن ثم فإننا ندعو لتشكيل حكومة شراكة وطنية تقوم على مصالحة وطنية.. وتقدم نفسها للعالم العربي كله وللمنطقة على أنها حكومة تمثل كل العراق، وتقوده خلال المرحلة المقبلة نحو المستقبل بطريقة يوافق عليها الجميع».

وفي رده على دعوة البعض لتشكيل جبهة عربية في مواجهة التدخل الإيراني في الشأن العراقي، علق موسى: «المسألة ليست أننا ضد أحد أو مع أحد. العراق دولة عربية مهمة واستقراره مهم، والتدخل في شؤونه أمر يثير شكوكا كثيرة.. ونحن نريد للعراق أن يتقدم للأمام وليس أن يشد إلى الخلف».

من جانبه، أعرب إياد علاوي عن تطلعه لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة في أقرب وقت ممكن، لافتا إلى حرصه على التشاور مع الجامعة العربية في ما يتعلق بالأوضاع في العراق. وقال علاوي في تصريحات للصحافيين عقب لقائه مع عمرو موسى إن مباحثاته مع الأمين العام كانت إيجابية. وردا على سؤال حول موعد تشكيل الحكومة العراقية «الجديدة»، قال علاوي إن «تشكيل الحكومة العراقية قريب إن شاء الله».

وفي دمشق، التقى الأسد صباح أمس بالحكيم فور وصوله قادما من العراق، وجدد الرئيس السوري بشار الأسد تأكيده على «أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع أطياف الشعب العراقي» كما بحث معه «الأوضاع على الساحة العراقية والحوار الدائر بين الكتل البرلمانية لحل أزمة تشكيل الحكومة العراقية» وتم «التأكيد على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع أطياف الشعب العراقي». ونقل بيان رسمي عن الحكيم «تقديره لمواقف سورية الداعمة للشعب العراقي والحريصة على إقامة أفضل العلاقات مع العراق».

هذا، ولم تتضح أية معلومات إضافية حول خلفيات الزيارة السريعة التي قام بها عمار الحكيم التي تعد الثانية له خلال ثلاثة أشهر إلى دمشق.

غير أن مصادر مقربة من المفاوضات في بغداد كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن الحكيم وصل إلى سورية «للتساؤل عن أسباب تغيير الموقف السوري تجاه مرشح المجلس الأعلى الإسلامي عادل عبد المهدي».

وكان الائتلاف الوطني الذي يتزعمه الحكيم قد رشح عبد المهدي منافسا للمالكي على رئاسة الوزراء. وبحسب المصدر، فإن «الموقف السوري تغير عندما منح المالكي ضمانات لسورية وبدعم إيراني؛ أولها مد الأنابيب النفطية العراقية عبر سورية، فضلا عن قضايا أخرى لدعم المالكي».

وعلى الرغم من أن بعض المصادر تؤكد أن رفض الحكيم للمالكي يأتي لرفع سقف المطالب للقبول بترشيحه وكذلك العودة إلى سيناريوهات كان نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن قد طرحها على الكتل السياسية العراقية تقضي بتقاسم السلطة، فإن قيادات المجلس الأعلى الإسلامي ما زالت تؤكد أنها «تعترض على ترشيح المالكي لولاية ثانية وليس هناك أي مطالب لتولي مناصب حكومية لأن البرنامج الحكومي هو ما يهمها فقط».

وكانت تسريبات قد بينت أن أحد أهم السيناريوهات المتوقع تنفيذها هو أن يتولى المالكي رئاسة الوزراء بصلاحيات يحددها القانون والدستور وأن يتولى علاوي رئاسة المجلس الاستراتيجي للأمن الوطني بصلاحيات واسعة وتكون الوزارات الأمنية من مسؤولياته ويحدد عمله بقانون في حين توزع المناصب السيادية الأخرى على القوائم الأخرى حسب الاستحقاقات الانتخابية. في حين أشارت مصادر إلى سيناريو آخر كان قد طرح أيضا بأن يتولى المالكي رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية يتولاها علاوي بينما يتولى الأكراد رئاسة البرلمان.

وقال القيادي في منظمة بدر، الموالية للمجلس الأعلى، عضو البرلمان العراقي علي شبر لـ«الشرق الأوسط» حول حوارات القيادات السياسية مع الدول الإقليمية إنه توجب «على القادة السياسيين حسم هذه الاختلافات عبر تحركات إقليمية على مستوى إيران وسورية ودول إقليمية أخرى لمحاولة معالجة الصدع، وجميع القوائم، وبينها المجلس الأعلى، تسعى لإيصال صوتها»، وأوضح أن «المجلس مع التحالف الوطني، لكنه ليس مع ترشيح المالكي، والأمر يحتاج لفترة للتوصل إلى ترشيح شخصية مقبولة وناجحة في الأداء»، وأضاف: «لدينا تحفظ على ترشيح المالكي لأن حكومته غير مقبولة من بعض الأطراف، وهذا ما جعلنا نتحفظ على حضور الحوارات، ولن نصوت له في البرلمان باعتبار أنه لا يمثل موافقة جميع القوائم».

وعن إمكانية تحالف المجلس الأعلى مع القائمة العراقية، قال شبر إن «هذا الأمر غير مفعل حاليا، لكننا نسعى للتحرك على جميع القوائم لتوحيد آراءنا من أجل الضغط على التشكيلة الجديدة التي تضم دولة القانون والتيار الصدري، وسنضغط لإشراك جميع القوائم المعارضة لتوحيد التحفظ على المالكي». وكان التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر والمنضوي ضمن ائتلاف الحكيم قد أعلن دعمه للمالكي مقابل «صفقة سياسية» تضمن له مناصب سيادية في الحكومة المقبلة وكذلك إطلاق سراح المعتقلين من التيار، وأضاف شبر: «نحن نطمح إلى تشكيل الحكومة وأن يحصل المالكي على الأصوات الكافية لكننا نعتقد أنه لن يستطيع ذلك بسبب وجود معارضات كبيرة إضافة لضغوطات داخلية وخارجية، وهناك تحرك في اتجاهنا لأجل القبول بالمالكي، لكننا قلنا لهم ندعو لكم بالتوفيق، لكننا لن نشارك معكم».

من جانبه، أكد هادي الحساني، القيادي في ائتلاف دولة القانون والمقرب من المالكي، أنه تم حسم ترشيح المالكي بشكل نهائي لولاية ثانية بعد أن تم جمع أكثر من 200 صوت داخل البرلمان لدعم الترشيح وأن هذا العدد من الأصوات كاف لحسم رئاستي الجمهورية والوزراء، في إشارة إلى موافقات ضمنية غير معلنة لبعض لكتل. وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «دولة القانون» تتحاور حاليا حول عقد جلسة البرلمان.