القراءة ما زالت مفضلة لدى المراهقين في أميركا.. ولكن بطرق غير تقليدية

في عصر الكتب الإلكترونية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة

لا تزال بعض الكتب تجذب المراهقين لقراءتها مثل سلسلة «هاري بوتر» و«الشفق» (إ.ب.أ)
TT

يقرأ مراهقون من أجل المتعة، حتى في ظل هذا العصر الرقمي.

كان هذا المشهد داخل مكتبة «روكفيل» حيث تجلس أوليفيا سميث (14 عاما) على مقعد مريح منغمسة في قراءة نوع من الروايات اليابانية يسمى «مانغا». وتقرأ أوليفيا منذ ساعة على الكومبيوتر، وبعد ذلك، تقلب الصفحات أثناء كتابتها رسائل لأصدقائها. وتقول عن نفسها: «إنني قارئة نهمة».

لقد تغير شكل القراءة الحرة بالنسبة للمراهقين في عصر الكتب الإلكترونية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة والساعات التي تُقضى على شبكة الإنترنت، ولكن يقول خبراء وأمناء مكتبات إن هذه مؤشرات جيدة على الرغم من مشاغل الحياة ونتائج الأبحاث التي توضح انخفاض معدل قراءة الكتب الورقية التقليدية.

وتقول كيم باتون، رئيسة مؤسسة «خدمات مكتبة الشباب»: «لا يتعلق بكونهم يقرأون أقل، بل يقرأون بشكل مختلف».

وللباحثة بجامعة ميريلاند ساندرا هوفيرث تحليل مفصل عن اتجاه القراءة للمتعة في كتب وجرائد ومجلات؛ حيث قامت الباحثة بتحليل المذكرات اليومية لعينة تشمل أطفالا من سن الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة بمختلف أنحاء الدولة.

وانخفض معدل القراءة بنسبة 23% من 2003 إلى 2008 ليتراجع من 65 دقيقة إلى 50 دقيقة في الأسبوع، وقد تم تسجيل أعلى معدل انخفاض لدى الأطفال من سن الثانية عشرة إلى الرابعة عشرة. ولكنها قالت: «من المحتمل أنهم يقرأون على الهاتف المحمول أو في ألعاب أو على شبكة الإنترنت أو على الكومبيوتر، فليس بالضرورة أن يعني ذلك أنهم لا يقرأون بل إنهم لا يقرأون المواد المطبوعة».

ويتفق مايكل كاميل، الباحث في علم التربية بجامعة ستانفورد، مع ذلك الرأي إلى حد بعيد؛ حيث يشير إلى أن المراهقين «لا يزالون يقرأون إلى حد ما، ولكن بطرق ولأسباب مختلفة عما يعتقد الكبار».

وقد كان السؤال عما يمثل قراءة مثارا للجدل لعقود، على حد قول كاميل، الذي يقدم تعريفا واسعا، وهو أن القراءة لا تشمل الكتب والمجلات والصحف والمدونات فقط، بل الرسائل النصية ووثائق الوسائط المتعددة وألعاب كومبيوتر محددة والكثير من صفحات الإنترنت أيضا، حيث يقول: «كل ذلك مهم».

وبدا معدل القراءة الحرة أعلى في دراسة أجرتها مؤسسة «كايسر فاميلي» في يناير (كانون الثاني)؛ حيث أشارت الدراسة إلى أن معدل القراءة أعلى بشكل عام عن المعدل الذي ذكرته دراسة ميريلاند. وأوضحت الدراسة أن هناك انخفاضا في مدة القراءة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاما، من 43 دقيقة إلى 38 دقيقة في اليوم، لكن هذا يتعلق فقط بالصحف والمجلات. وسجلت الدراسة في الوقت ذاته أن متوسط مدة القراءة على شبكة الإنترنت بالنسبة للطلبة دقيقتان يوميا.

وقالت فيكتوريا ريدياوت، التي شاركت في عمل الدراسة: «تخبرني البيانات أن حب الأطفال للقراءة دائم، ولكنه يختلف عن الأمور الأخرى التي يقوم بها المراهقون».

ومن الواضح أن الكتب لا تزال ظاهرة.

فلننظر إلى سلسلة «هاري بوتر» و«توايلايت» (الشفق) ومؤخرا «هانغر غيمز» (ألعاب الجوع) ثلاثية الخيال العلمي التي قالت عنها أمينة المكتبة ديبورا فراي إنها صنعت «قائمة انتظار» في فرع مكتبتها في أشبورن بمقاطعة لودون.

وقالت ديبورا تايلور، بمكتبة «إنكو برات فري» في بالتيمور، التي عملت في مجال قراءة الشباب لأكثر من 35 عاما: «على الرغم من كل الأمور والأشياء الباعثة على التشتت ومع كل هذه التكنولوجيا، فإن هناك كتبا حققت نجاحا».

وترى تايلور أن حث الشباب على القراءة لطالما مثل تحديا، في حين يمثل الوقت حاليا عقبة أكبر، لكن التكنولوجيا «يمكن أن تجمعك بمن تعجبهم الكتب التي تعجبك» على مواقع المعجبين وفي المنتديات على شبكة الإنترنت.

وقالت كيم باتون: إن مبيعات كتب المراهقين تخطت مبيعات كتب الكبار وإن سلسلة «هانغر غيمز» تمثل ظاهرة كبيرة مثل «توايلايت»، كذلك تتضمن كتب المراهقين المفضلة الروايات المصورة مثل «مانغا» التي تحتوي على رسوم توضيحية أو قصص مصورة.

وأضافت باتون: «أيا ما كان ما يفعله المراهقون، ينبغي أن نوضح لهم أنهم بحاجة إلى الاهتمام بالقراءة وتخصيص وقت لها».

وقالت راندي أديلبيرغ، مديرة برنامج اللغة الإنجليزية بالمرحلة الثانوية بمدرسة روبنسون الثانوية في مقاطعة فيرفاكس إنها تعتقد أن الاتجاه إيجابي، موضحة أن القراءة على شبكة الإنترنت وأثناء اللعب توضع في الاعتبار. وأضافت: «أعتقد أن العصر الرقمي على الأرجح قد زاد معدل القراءة».

ولا تمثل القراءة الحرة للكتب الورقية التقليدية الاختيار الأول لبعض الطلاب؛ لأنهم يعتبرون القراءة مثل الدراسة.

ويتمنى روس فينسينت (16 عاما) أن يكون لديه المزيد من الوقت للقراءة، لكن أمورا أخرى تشغله مثل الواجبات المدرسية في المنزل والفرقة الموسيقية والأوركسترا والوظيفة وصديقته، ويقول: «أجد الوقت يقضى في أماكن أخرى». عندما قيل له عن فاعلية تخص كتابا لإدغار آلان بو تهلل وجهه وقال، وهو يردد أعمال بو التي استمتع بقراءتها: «حقا؟»، مشيرا إلى أنه كان سيذهب إليها.

هذا النوع من الاهتمام هو ما يحب أن يراه أمناء المكتبات.

وقالت سارة واي، التي تعمل في مدرسة وتون الثانوية في مقاطعة مونتوغومري: إن هناك مجموعة أساسية من الطلاب يأتون إلى المكتبة كثيرا، وهناك أيضا الذين يأتون إثر تكليف من المدرسين. وأضافت: «أريد أن أرى المزيد يحملون كتبا ويتجولون بها بغية التمتع بها».

وقالت ماريا جينتيل، أمينة مكتبة تقدم خدمات للشباب في المقاطعة: إن نادي كتب لطلبة المرحلة الثانوية في مقاطعة أرلينغتون شهد ارتفاعا في عدد المشتركين من 13 أو 14 إلى 26 خلال العامين الماضيين. وأضافت، وهي تتذكر الربيع الماضي خروج مراهقين من النادي متوجهين إلى حفل التخرج والفساتين الرائعة وما إلى ذلك: «أعتقد أنه يوجد الكثير من الأطفال الذين يقرأون من أجل المتعة».

وترى كاثرين تشينويث، أمينة مكتبة بمدرسة غايثيرسبيرج الثانوية، تدني الاهتمام بالكتب غير الأدبية، بما في ذلك المحتوى المتوافر على شبكة الإنترنت، بينما لا تزال الكتب الأدبية، أو على الأقل أنواع معينة منها، تجذب القراء.

وأوضحت قائلة: «لا تقرأ الكتب الكلاسيكية كثيرا مثلما تقرأ الكتب الخيالية المعاصرة». هناك الكثير من أمثال أوليفيا سميث في العالم. فالطالبة في الصف التاسع بمدرسة ريتشارد مونتوغومري تقرأ بنهم منذ نعومة أظافرها وكذلك أختاها. عندما تعجب أوليفيا بكتاب تعيد قراءته، فربما تكون قد قرأت سلسلة كتب «توايلايت» لعشرين مرة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـــ خاص بـ «الشرق الأوسط»