ارتفاع حصيلة الهجوم على مسجد في باكستان إلى 68 قتيلا.. وكراتشي تشيع عمران فاروق

إسلام أباد تدعو نيودلهي إلى الموافقة على إرسال فريق تحقيق لجمع إفادات حول هجمات مومباي

TT

ارتفعت أمس حصيلة قتلى التفجير الانتحاري الذي ضرب مسجدا في المنطقة القبلية القريبة من مدينة بيشاور إلى 68 قتيلا، في إشارة واضحة إلى مدى حالة الانقسام الديني الذي يشهده المجتمع الباكستاني المنقسم بالفعل. وبينما شنت مروحيات حربية تابعة لقوات الأمن الباكستانية هجمات في مناطق مختلفة من إقليم أوراكزاي، شمال غربي باكستان، مما أسفر عن مقتل عدد من المسلحين، سلمت باكستان للهند أمس ملفا جديدا خاصا بهجمات مومباي التي ضربت العاصمة المالية للهند قبل عامين. ومن جهة أخرى، شيع عشرات الآلاف من الباكستانيين أمس جثمان عمران فاروق، السياسي الباكستاني البارز الذي اغتيل في لندن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكانت باكستان قد شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية موجة من الهجمات الانتحارية على مبان دينية شملت مساجد وأضرحة، أسفرت عن تصاعد أعمال العنف الطائفي بين المجموعات الدينية.

وقد أعلنت جماعة طالبان مسؤوليتها عن أغلب التفجيرات التي نفذت ضد المساجد والأضرحة. وذكر المتحدث باسم طالبان في بيان له، موضحا الأسباب وراء تنفيذ الهجمات، قائلا إن هذه الهجمات تستهدف الطائفة البارالوية، التي ساوى بينها وبين الديانات غير الإسلامية في تقديسهم للمشايخ.

بيد أن طالبان لم تزعم مسؤوليتها عن أحدث الهجمات التي وقعت على مسجد والي في المناطق القبلية، لكن أغلب الخبراء الأمنيين يشيرون إلى أن الهجوم يحمل بصمات طالبان.

وقال مسؤول الشرطة في المنطقة إن الانتحاري قد قام بتفجير نفسه لدى خروج المصلين من المسجد عقب صلاة الجمعة. وكانت ساحة الهجوم المسجد الرئيس في مدينة ديرا آدم خيل التي تبعد 5 كيلومترات عن مدينة بيشاور.

وقتل نتيجة الانفجار 50 شخصا على الأقل، وأصيب أكثر من 100 أغلبهم في حالة حرجة. وقال شهيد الله، مسؤول الشرطة في منطقة كوهات: «استشهد ما لا يقل عن 50 شخصا». وفي اليوم التالي، توفي المزيد من الأشخاص متأثرين بجراحهم في المستشفى ليرتفع عدد القتلى إلى 68.

من جانبهم، أوضح المسؤولون الحكوميون في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» احتمالية ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة لوصول أغلب ضحايا التفجير إلى المستشفى المحلي أغلبهم في حالة حرجة. وكان أكثر من 100 شخص قد أصيبوا، كانت جراح أغلبهم خطيرة وقد نقلوا إلى المستشفى المحلي في المدينة.

ومن جانبه، يواصل الجيش الباكستاني عملياته ضد المقاتلين القبليين في ديرا آدم خيل التي بدأت قبل ثلاث سنوات. بيد أن الأيام القليلة الماضية شهدت غياب سيطرة الجيش عن غالبية المناطق القبلية وانخفاض عملياته هناك. ومن جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن صدمته إزاء الهجوم على المسجد، معلنا «تنديده بأشد العبارات»، على ما أفاد به المتحدث باسمه.

وقال المتحدث في بيان أوردته وكالة الصحافة الفرنسية إن «الأمين العام يشعر بالصدمة إزاء القتل الأعمى للمدنيين في مكان عبادة، وهو ما لا يمكن تبريره إطلاقا».

إلى ذلك، شنت مروحيات حربية تابعة لقوات الأمن الباكستانية هجمات في مناطق مختلفة من إقليم أوراكزاي، شمال غربي باكستان، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 27 مسلحا. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن قناة «سماء» الإخبارية الباكستانية عن مصادر قولها إنه تم استهداف مخابئ المسلحين في هندارا ومناطق بأوراكزاي العليا. وأضافت المصادر أن 10 مسلحين آخرين أصيبوا في الهجمات بينما تم تدمير ثلاثة مواقع تابعة لهم.

غير أن وكالة «رويترز» أوردت عن مسؤولين محليين مقتل 8 مسلحين فقط، وأفادت بأنه لم يرد تأكيد مستقل للواقعة نظرا لأن المنطقة نائية ولا تصل إليها وسائل الإعلام.

وعلى صعيد ذي صلة، سلمت باكستان للهند أمس ملفا جديدا خاصا بهجمات مومباي التي ضربت العاصمة المالية للهند قبل عامين. ويشمل الملف اقتراحا من إسلام آباد بإرسال فريق تحقيق باكستاني لنيودلهي للمساعدة في جمع المزيد من المعلومات من أجل الإسراع بمحاكمة منفذي الهجمات. وكانت السلطات الباكستانية قد اعتقلت 7 من المشتبه فيهم بضلوعهم بتنفيذ هجمات مومباي، غير أنها أكدت أنها بحاجة إلى مزيد من الأدلة من أجل الإسراع بمحاكمتهم.

وتم استدعاء نائب المفوض الأعلى للهند لدى باكستان إلى مقر وزارة الخارجية، حيث تم تسليمه الملف. وأوضحت وزارة الخارجية أيضا أن إسلام آباد تسعى إلى الحصول على مزيد من المعلومات من نيودلهي للمساعدة في محاكمة المتهمين أمام المحاكم الباكستانية.

وتزامن تسليم إسلام آباد الملف الجديد حول هجمات مومباي لنيودلهي مع زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للهند التي بدأت أمس.

ويقيم الرئيس الأميركي، الذي يزور الهند لمدة أربعة أيام في مستهل جولة آسيوية، بفندق «تاج محل» الذي كان الهدف الرئيسي لهجمات مومباي قبل عامين، والتي أودت بحياة 166 شخصا، بينهم 6 مواطنين أميركيين. وقد تعاون المحققون الهنود والأميركيون عن كثب في التحقيقات الخاصة بالهجمات من أجل ملاحقة منفذيها.

وفي غضون ذلك، شيعت مدينة كراتشي، أمس، وسط إجراءات أمنية مشددة جثمان عمران فاروق، السياسي الباكستاني البارز الذي اغتيل في لندن في سبتمبر الماضي.

وكان فاروق، عضو بارز في حزب الحركة القومية المتحدة، قد قتل طعنا بسكين في سبتمبر وكانت جثته حتى الآن في حيازة الشرطة البريطانية على ذمة التحقيق في حادثة القتل.

وسمحت السلطات البريطانية في النهاية بسفر الجثمان إلى باكستان، حيث وصل صباح أمس. ونقل الجثمان في مراسم ضخمة إلى مقبرة محلية للصلاة عليه ودفنه. وقامت الحكومة بنشر آلاف القوات لتوفير ترتيبات أمنية بسبب تدهور القانون والنظام في البلاد وتصاعد الهجمات من جانب مسلحي طالبان على التجمعات العامة الكبيرة.