دون رأس مال

علي المزيد

TT

في بعض بلادنا العربية يتذمر بعض الشباب من عدم وجود وظائف، وفي أحيان كثيرة لا يقبلون بالأجر أو يبحثون عن مهن الظل غير المتطورة، غير أن بعضا منهم يبحثون عن التطور ويركبون من أجله الصعاب ويصلون في نهاية المطاف. فمنهم من بدأ عمله في مصنع كعامل بسيط وشرب المهنة ليصبح فيما بعد واحدا من أرباب الصناعة بعد أن كان عاملا صغيرا.

والبعض الآخر كان أكثر ذكاء؛ فبحث عن التجارة على الرغم من أنه لم يكن يملك شيئا؛ لذلك بحث عن تجارة لا تحتاج إلى رأسمال أو تحتاج إلى رأسمال قليل، ومن ذلك العمل بتوزيع البضائع، فالشاب يأخذ البضاعة من التاجر ويبيعها على الموزعين ويأخذ كمسيونه (العمولة) بتعب ولكن من دون رأسمال، وهذا ما فعله التاجر الخليجي عبد العزيز البابطين وبدأ حياته به ليصبح بعد ذلك واحدا من أكبر التجار الخليجيين المانحين للجوائز الأدبية.

ومن الأعمال التي لا تحتاج إلى رأسمال أعمال الوساطة في العقار، وقد يبدأ الإنسان حياته العملية من دون مكتب، بل متجولا ويتطور ليصبح واحدا من أهم العقاريين في العالم العربي، وكذلك من الممكن أن يكون الإنسان وسيط بضائع؛ بحيث يجمع من التجار البضائع المراد بيعها ويبحث لها عن مشترين ويقبض عمولته، وإذا كسب وأصبح لديه نقود، ضخ بصنعته رأسمال ليصبح صاحب شركة تسويق كبرى.

ومن الأعمال التي لا تحتاج إلى رأسمال: بيع الإنتاج الفكري، كالتأليف القصصي، وهذا قد ينجح في الغرب، ولكني أشك في نجاحه في عالمنا العربي؛ لأن لا أحد لدينا يقرأ، ولكن من الممكن بيع الإنتاج الفكري لصحيفة أو إذاعة أو محطة تلفزيون، والحقيقة أنني لا أفهم في الفن التشكيلي ولا أعرف إن كان له مشترون في عالمنا العربي، ولكن الزميل الدكتور محمد الرصيص، رئيس جمعية الفنون السعودية والتشكيلي المعروف، يشكو قلة مرتادي المعارض التشكيلية، فما بالك بالمشترين؟ ولكنه عمل لا يحتاج إلى رأسمال كثير على كل حال.

ويمكن للأسر أن تصنع بعض الحلويات في المنزل وتبيعها، بمعنى فتح معمل منزلي بسيط وبرأسمال قليل؛ لأن أجهزة مثل هذه الصنعة ليست مكلفة، تذكرون أنني قلت لا تحتاج إلى رأسمال مادي ولكنها تحتاج بالتأكيد إلى جهد، ودمتم.

* كاتب اقتصادي