«لويفي 7» عطر رجل بمواصفات خاصة جدا

رائحة البخور تجعله روحانيا والأخشاب تجعله مثيرا

TT

في ديسمبر (كانون الأول) 2009، أعلنت دار «لويفي» أنها ستطرح عطرا رجاليا خاصا جدا يمثله الماتادور الإسباني الوسيم، كايتانو ريفيرا، وفي يناير (كانون الثاني) 2010، أوفت بالوعد وقدمت عطرها «سييتا»، أي رقم 7. رقم لم تخف الدار أنه يشير إلى الخطايا السبع، كما يمثل عجائب الدنيا السبع وألوان قوس قزح وغيرها من الإيحاءات الروحانية والدنيوية التي تتغلغل في الحواس بفضل رائحة البخور التي تنبعث بمجرد فتح قارورته الزرقاء. والحقيقة أنك إذا كنت تنتظر عطرا مختلفا فإنه لن يخيب آمالك، لأنه جديد ومختلف عما تكون قد تعودت عليه في مجال العطور الرجالية، إذ يلعب على التناقضات، مثل مفهومي القوة والنعومة بمزجه البخور والأخشاب الثمينة بالأزهار المنعشة، كما يلعب على الروحاني والدنيوي بشكل مثير وفلسفي. لكن في الوقت الذي سيروق فيه للكثير من النساء لأنه خفيف وغير نفاذ، فإن الرجل الذي تعود على العطور القوية قد يحتاج إلى بعض الوقت للتعود عليه. لكنه حتما سيلقى الكثير من الإقبال من قبل الرجل الـ«ميتروسكشوال»، الذي لا يرى أن القوة تتعارض مع الجانب الرومانسي والناعم، لا سيما أن من يمثله واحد من أكثر الرجال وسامة وشعبية في إسباني، مصارع الثيران، كايتانو.

تبدأ القصة بالنسبة للرئيس التنفيذي لقسم العطور في «لويفي»، خوان بيدرو أبيناكار، من اسم العطر، كما يشرح، فهو لم يأت اعتباطا، بل بعد تفكير طويل وله عدة معان. فإلى جانب أنه مكون من سبعة مكونات فقط، الأمر الذي يعتبر صعبا ومعقدا في مجال صناعة العطور الراقية، فهو أيضا يحمل فلسفة خاصة ترتكز على ما يمثله الرقم 7 من تباين وتناقضات، منها أنه رقم غير قابل للتجزئة، وفي هذا تكمن ميزته وعيبه في الوقت ذاته، إذ إنه مثالي من ناحية أنه يشكل مجموع رقمين، أحدهما فردي والآخر زوجي. كذلك، يشكل الرقم وحدة القياس التي تفسر العالم: 7 أيام في الأسبوع، 7 عجائب في العالم، 7 ألوان في قوس قزح، 7 خطايا وفضائل أساسية، 7 بحار، وإلى ما هنالك.

هذه المواصفات الفلسفية والقوية بروحانيتها وحسيتها في الوقت ذاته، تلخص الرجل الذي يتوجه له العطر، الذي يمكن تعريفه من خلال مفهومين متناقضين. مفهوم يظهره لنا رجل عصري ومرن، يعرف كيف يتكيف مع متطلبات الحياة اليومية، ومفهوم يظهره لنا رجل مخلص لجذوره، أي كلاسيكي، وربما هذا هو سبب اختيار أحد أبرز رموز إسبانيا التقليدية: مصارع الثيران، كايتانو ليكون الوجه الممثل له، فهو وسيم يجمع القوة والرقة. وصراع الثيران ثقافة متجذرة في الثقافة والمخيلة الإسبانية.

لكن تبقى مكوناته السبعة المعقدة والدقيقة والمترفة ما يمثل قيم العطر وفلسفته وخصوصيته، سواء كانت الخاصية كلاسيكية تنبع من أعماقه، أو عصرية لا تتوقف عن مفاجآتنا بقدرتها على إعادة ابتكار رائحة العطر مع مرور كل دقيقة. فهو كما قال خوان بيدرو أبيناكار: «مثل صاحبه لا يمتثل للتقاليد، وتكمن قوته في صبره وحذره الموزون وليس في حدته أو فورانه».

قوة أحاسيس العطر تجسدها درجاته المفعمة بعبير الأزهار، والمؤلفة من الورد وزنبق الوادي وعشبة «نيرولي» المغربية. أما قوته فتجسدها، خلاصة ورقة الفلفل، بينما يحمل البخور النقي في طياته القيم البشرية والروحانية على حد سواء إلى جانب أرز الأطلس المغربي، فيما يبرز التلاعب الكامن بين الحياة والموت في خلاصة التفاح الأحمر. ومؤخرا، يتجسد الكبرياء الجليل بالمسك بينما يعكس نجيل الهند الفن والتقاليد.

ولأن المكتوب يقرأ من عنوانه، كان لا بد أن تأتي قارورته بشكل ولون متميزين أيضا، وبالتالي كان لا بد أن تصمم لتعكس غنى خلاصات العطر، مما نتج عنه مزيج مليء بالديناميكية والكلاسيكية العصرية. فاللون الأزرق الحاد، مثلا، يمثل لون الطاووس اللامع بالزرقة، وهو أحد الألوان الأكثر استعمالا في تصميم أزياء مصارعي الثيران. أما غلاف المضخة، فيتميز بلمسة معدنية أنيقة محفورة بالأحرف التي تشكل كلمة «لويفي» (Loewe). بالإضافة إلى ذلك، فإن الجزء السفلي من القارورة مصنوع من الزجاج مع لمسة زرقاء لامعة يزينها رمز العطر المطبوع باللون الفضي.

تجدر الإشارة إلى أن العطر يأتي في مجموعة متكاملة تخاطب كل الأذواق، وتكمل أناقة الرجل من «ماء تواليت» إلى مستحضرات ما بعد الحلاقة ورذاذ مزيل الرائحة وغيرها.

* اختيار مصارع الثيران، كايتانو ليكون الوجه الممثل العطر لم يكن اعتباطا، فقد تصدرت صوره الكثير من المجلات النسائية البراقة، كما سبق أن عرض للمصمم جيورجيو أرماني، بيد أن الأهم هو أنه بطل في مصارعة الثيران التي تدخل في صميم الثقافة الإسبانية. بالنظر إلى كايتانو فإنه من السهل تصوره بطل السينما الرومانسية أو الأكشن، لكن حبه لمصارعة الثيران يجري في دمه وورثه أبا عن جد. فجده هو كايتانو أوردونيز المشهور باسم «نينو دي لا بالما»، الذي كان صديقا لأورسن ويلز وأرنست هيمنغواي، وجسد أحد أبطال رواية هذا الأخير، «ذي داينجيريس سامر» (الصيف الخطير). أما والده، باكيري، فكان أيضا بطلا لقي حتفه فوق الحلبة. أمر قد يراه البعض دراميا وصادما بالنسبة لطفل لم يتعد عمره آنذاك الـ8 سنوات، لكنه بالنسبة للإسبانيين بطولة وقوة بكل المقاييس، لا سيما أنه ليس من السهل أن يدخل شاب في مقتبل العمر في كل مرة إلى الحلبة وكفنه بين يديه. هذا على الأقل ما تصوره الحملة الترويجية التي قامت بها الدار بنجاح. فهي مثل باقي بيوت الأزياء والعطور، باتت تعرف أن طرح أي مستحضر جديد لم يعد بالمهمة السهلة والمباشرة كما كان عليه في السابق، بل تحتاج إلى تصوير سينمائي تتوفر فيه كل عناصر الفيلم القصير من بطل وحبكة مثيرة وموسيقى ومؤثرات مبهرة. وبالفعل جاءت الحملة الترويجية لـ«سييتا» محملة بكل هذه العناصر. فهي تصور الماتادور الوسيم والاستعدادات، أو بالأحرى الطقوس التي تسبق دخوله حلبة الصراع بأدق تفاصيلها، بدءا من ارتدائه ملابس مصارعي الثيران المطرزة والضيقة التي تحتاج إلى مساعدة «لبيس» يرافق المصارع من الصباح إلى دخوله الحلبة، إلى ما يختلج بين جوانحه من ترقب وتوثب. مشاعر تجسدها نظراته والموسيقى، حيث تتعالى دقات القلب مع كل ثانية يقترب فيها موعد لقائه مع الثور الهائج. فاللحظة تمثل له الحياة والموت، قد يخرج منها منتصرا وبطلا، كما قد يخرج منها جسدا داميا وهامدا. العطر لا يقل درامية عن هذا الفيلم القصير، ففيه تدعو «لويفي» (Loewe) الرجل لدخول مغامرة كما لو كان بطلا كلاسيكيا.