المسبحة.. أداة للعبادة والزينة وعدد خرزاتها يحدد وظيفتها

بائع في النجف لـ«الشرق الأوسط»: منها ما ينظم دقات القلب

بائع في النجف يعرض على أحد الزبائن ما لديه من مسابح («الشرق الأوسط»)
TT

لا تفارق المسبحة أيدي كثير من العراقيين على الرغم من ارتفاع أسعارها، حيث تشاهد المسابح بألوانها المتعددة تكثر في الأسواق القريبة من الأماكن الدينية في البلاد، فمنهم من ينفس عن توتره المتزايد بسبب الأوضاع المتردية في البلاد بطقطقة حباتها ومنهم من أدمن استخدامها للعبادات وآخرون اتخذوها زينة.

«الشرق الأوسط» زارت أغلب أسواق المدن الدينية للتعرف على أسرار المسبحة والبحث عن أسباب استعمالها الكثيف. ويقول الحاج أبو جاسم الجالس في محل صغير تكاد لا ترى ملامح المحل بسبب كثرة المسابح المعروضة ذات الألوان المتعددة فيه: «المسبحة صنعت منذ زمن بعيد جدا وكانت على شكل عقود وبعدها تطورت المسابح وأصبحت تتداول لغاية الآن حيث توجد العشرات من محال بيعها في كل مدينة دينية بسبب رغبة الزوار الوافدين في شرائها للتبرك أو إهدائها إلى الأصدقاء والأقارب أو إهدائها للمتزوجين الجدد خاصة في دول الخليج». وأضافك «هنالك الكثير من أنواع المسابح؛ فمنها ما يصنع في العراق ومنها ما يستورد من خارج البلاد ومن أهم أنواعها، الراهب والكهرب والعنبر والجام والزائر والعرس واليسر واللؤلؤ والصندل والبخور واليسر المفضض ودر النجف والسليمانية والألفية والخيرة والبا زهر وأنواع كثيرة أخرى».

وتابع أبو جاسم: «تختلف أعداد الخرزات فهناك أنواع بـ33 خرزة وتستخدم للزينة ومنها ذات 101 خرزة وتسمى التسبيحة التامة وغالبا ما يستخدمها رجال الدين أو تستخدم في أوقات الصلاة».

وحول أهم ما تمتاز به المسابح، قال ظافر محسن صاحب محل لبيعها في النجف لـ«الشرق الأوسط» إن «مسبحة البازهر عند التسبيح بها تعالج خدر اليد وتنظم دقات القلب، أما مسبحة الكهرب فإن ميزتها هي أنها تصفي الدم أي إذا كان هنالك اصفرار في الوجه يذهب عند التسبيح بمسبحة الكهرب، فيما تمتاز مسبحة الفيروز بإبعاد الحسد عن الشخص الذي يحملها، لكن مسبحة اليسر لها خصوصية تختلف عن باقي المسابح وهي عندما يكون الشخص مهموما أو مغموما فإنها تسري عنه وتطرد الهموم وعلامة ذلك هو أنه تنفطر إحدى حبات المسبحة عندما يبدأ الشخص في ملامستها والتسبيح بها».

والمسبحة موجودة في تراث أغلب الديانات كالإسلام والمسيحية وحتى البوذية حيث تعتبر من أدوات ولوازم الصلاة والتسبيح، ويقول جواد أبو صيبع، باحث تاريخي، لـ«الشرق الأوسط» إنه «في بعض الكنائس والأديرة التي تعود إلى مملكة المناذرة في مدينة الحيرة جنوب مدينة النجف اكتشفت مسابح». وأضاف أن «المسبحة بالنسبة للرجل هي إحدى مكملات الأناقة» وأشار إلى أن حامل المسبحة واسع الثراء وذو وجاهه اجتماعية عبر اقتنائه مسبحة غالية الثمن وكذلك هي تعبير عن الود والاعتزاز عندما تهدى من شخص إلى آخر ويتميز بذلك شيوخ العشائر حيث يهدون مسبحتهم إلى ضيفهم الذي يعتز بهذه الهدية ويفاخر بها، إضافة إلى أن المسبحة تتدخل كشيء معنوي في حل النزاعات القبلية والعشائرية حيث ترمى على شخص دلالة على الرضا بالحل المطروح للنزاع».

بدوره، يوضح حيدر حسن (صاحب محل) إن الزوار الذين يتوافدون على المدن الدينية «ينقسمون إلى أنواع كثيرة فمنهم من يأتي خصيصا للبحث عن مسبحة معينة أوصى بها التجار وهذا النوع لديه ولع خاص باقتناء المسابح والبعض الآخر يأتي لشراء مسبحة لمجرد أنها من المدن الدينية للتبرك، والبعض الآخر يقتني نوعا خاصا للصلاة فقط وهذا النوع له شكل محدد حيث إن السبحة لونها أسود وبعض الأحيان محفورة على حباتها بالفضة أسماء الجلالة».