مدير الصحة النفسية لـ«الشرق الأوسط»: مسح ميداني لحصر المرضى النفسيين في السعودية

اعترف بوجود نقص في الأطباء النفسيين وأكد إنشاء 14 مستشفى نفسيا في عدد من المناطق

الدكتور عبد الحميد الحبيب مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية في وزارة الصحة
TT

أكد لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور عبد الحميد الحبيب، مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية في وزارة الصحة، توجه الوزارة إلى إنشاء 14 مستشفى نفسيا في عدد من المناطق السعودية، مشيرا إلى أن الوزارة بصدد العمل على مشروع لحصر المرضى النفسيين في السعودية. واعترف الدكتور الحبيب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» برصد تزايد في الأمراض النفسية نتيجة الكوارث والإشكالات الطبيعية والاقتصادية كسوق الأسهم. إلا أنه أكد عدم وجود إحصاءات مفصلة أو دقيقة عن ذلك.

وأكد مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية في وزارة الصحة وجود نقص في الأطباء النفسيين. مشيرا إلى أنه يأمل في المستقبل أن يحظى هذا التخصص بالإقبال، ومبينا أن «المطلوب من الجامعات التوسع في هذه الدراسات العليا في مجال علم النفس الإكلينيكي والخدمة الاجتماعية الطبية وغيرها من التخصصات التي تحتاج إلى تدريب عملي عال». وإلى تفاصيل الحوار..

* تسببت الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية، كخسائر الأسهم وكارثة جدة وزلازل العيص، وغيرها، في إصابة كثير من المواطنين السعوديين بمشكلات نفسية، فكيف كان رصدكم لهذه الآثار؟

- فرق الصحة النفسية كانت موجودة في جميع الكوارث، من خلال إرسال عدد من الاختصاصين النفسيين أثناء الهزات الأرضية التي أصابت العيص بمنطقة المدينة المنورة، لتقديم الخدمات النفسية ضمن الفرق العلاجية الطارئة، وكذلك الحال في سيول جدة والرياض، ومن أبرز الأمراض النفسية القلق، وأمراض ما بعد الصدمة، أما ما يخص سوق الأسهم أو ما شابهها، فقد استقبلت المستشفيات النفسية بعض الحالات، وتم تقديم العلاج لها، وهنا لا نستطيع تأكيد تأثير جميع هذه الظواهر والكوارث على زيادة أعداد المرضى بالسعودية دون إجراء دراسة متخصصة.

* وما مدى صحة الإحصاءات التي تؤكد إصابة مليون و600 ألف سعودي بالاكتئاب مؤخرا، وما هي أكثر الأمراض النفسية شيوعا في السعودية، وما هي نسبتها وتوزيعها في المدن والمناطق؟

- هذه النسبة لا نعلم مدى صحتها، وهذه الأرقام لا تعدو كونها تقديرات، ليست مبنية على دراسات علمية، وحاليا هناك توجه تقوم به الوزارة لإجراء دراسة مسحية كبرى على مستوى السعودية بجميع المناطق، للخروج بإحصاءات دقيقة، وهو ما يساعد الوزارة في معرفة حجم الأمراض ومدى انتشارها واتخاذ القرارات المساعدة لذلك.

* دائما ما تبرز الصحف، وبشكل دائم، حالات حرجة يتم حبسها من قبل أسرها بغرف منعزلة، أو ربطها بالسلاسل، بسبب عجز المستشفيات عن توفير أسرّة؟

- مستشفيات الصحة النفسية دائما مستعدة لاستقبال هذه الحالات وتقديم الخدمات العلاجية اللازمة بما يتناسب مع الحالة، ولكن بعض الحالات التي تنشر في الصحف سبق أن روجعت بالمستشفيات، ولديها ملفات خاصة، ولعدم متابعة علاجها عن طريق العيادات الخارجية وعدم حرص الأسرة على إعطاء مريضها علاجه في المواعيد المحددة، وإحضاره للمستشفى حسب المواعيد المعطاة، أدى ذلك إلى انتكاس الحالة وتدهورها، كما أن بعض الحالات نفسية، بل هي حالات تخلف عقلي، تحتاج إلى خدمات مركز التأهيل الشامل، ونحن نطالب الأسر بالتعاون مع المستشفى في رعاية المريض وعدم الإهمال.

* لماذا تقل نسبة الأطباء والتخصصات النفسية بالجامعات السعودية، وما هي تقديرات الوزارة للاحتياجات الوطنية وللأطباء من الخارج لاستيعاب جميع المرضى؟

- صحيح أن هناك نقصا في الأطباء النفسيين، ونأمل في المستقبل أن يحظى هذا التخصص بالإقبال، علما بأن هناك بدلات تشجيعية للعاملين في هذا المجال بهدف تشجيعهم على دراسة هذا التخصص. المطلوب من الجامعات التوسع في الدراسات العليا في مجال علم النفس الإكلينيكي والخدمة الاجتماعية الطبية، وغيرهما من التخصصات التي تحتاج إلى تدريب عملي عال.

* هل لدى الوزارة خطة للتوسع في إنشاء عدد من المستشفيات النفسية بالمناطق أو زيادة تخصصات المستشفيات المحلية؟

- نعم، توجد خطة لدى الوزارة للتوسع في هذا المجال الصحي من خلال إنشاء عدد من المستشفيات النفسية بالمناطق، منها 14 مستشفى حاليا تحت الإنشاء، وسيتم افتتاحها خلال السنوات المقبلة، إن شاء الله، بحيث تغطي جميع مناطق ومحافظات ومدن المملكة، ومن أهمها إنشاء مستشفى في جدة يتسع لـ500 سرير.

* يلاحظ ارتفاع تكاليف العلاج النفسي في المستشفيات الخاصة مقارنة بالمستشفيات في العالم ما هو تعليقكم؟

- المعروف أن العلاج النفسي مرتفع، ونحن في الوزارة نحرص على مراقبة الأسعار والتأكد من واقعيتها، من خلال تحديد تسعيرة الخدمات العلاجية عند الحصول على الترخيص، وإلزام المستشفيات بوضع الأسعار في مكان بارز لتوضيحها للمراجعين، وفي حال ورود شكوى تتعلق بالأسعار يتم معاقبة المنشأة، وتطبيق العقوبات النظامية عليها.

* وماذا عن قيام بعض المستشفيات برفض التعاون مع المستشفيات الحكومية في علاج وتوفير أسرة للحالات الحرجة، وخاصة من مستشفيات خاصة يملكها استشاريون مشهورون.. كيف ترون ذلك؟

- النظام العام في القطاع الصحي واضح، وهذه مخالفة واضحة في جميع المستشفيات بجميع تخصصاتها، وفي حال ورود شكوى في هذا الجانب من المواطنين أو الجهات الأخرى ذات العلاقة، يتم النظر فيها واتخاذ اللازم.

* أصبح مجال الطبي النفسي والاستشاري الاجتماعي مجالا خصبا للاحتيال واستغلال الناس ماديا.. وذلك لكثرة مدعي الطب في هذا المجال.. أنتم كجهة مسؤولة أين دوركم؟

- هذه المشكلة تحتاج إلى توعية مكثفة بالتعاون مع الإعلام، من خلال نشر مخاطر مدعي هذه المهنة، ونحن في الوزارة نطالب جميع المواطنين بالتأكد من التراخيص الصحية للعيادات من قبل وزارة الصحة، ومن المصادر التعليمية للاستشاريين قبل مراجعة أي منشأة، لضمان تقديم خدمة علاجية مناسبة.

* يواجه البعض مشكلة كبيرة في استخدام مراجعاته وملفاته في العيادات النفسية، كإدانة ضده في قضايا منظورة أمام القضاء.. ما هو تعليقكم؟

- نعمل حاليا على التنسيق مع وزارة العدل لتقديم براهين واضحة عن وضعية الشخص، من خلال لجنة من داخل المستشفى تضم 3 أطباء من الاستشاريين، بعد أن يتم تنويم الشخص لفترة كافية حسب كل حالة، قد تتطلب أياما أو أسابيع، وتُعرض للقضاء للنظر فيها.

* خدمة «العيب الاجتماعي» قضية تحول بين المرضى النفسيين ومراجعة المستشفيات المتخصصة في هذا المجال؟ أنتم في الوزارة ماذا فعلتم لحل هذه المشكلة؟

- هذه النظرة إلى حد ما تغيرت بشكل كبير عما كانت عليه في السنوات الماضية، فأصبحت الغالبية تعي المرض النفسي كسائر الأمراض الأخرى التي تصيب الإنسان في أي فترة من حياته، ومع توفر العيادات النفسية الملحقة بالمستشفيات العامة سهل بشكل كبير التردد ومراجعتها، باعتبارها ضمن العيادات الأخرى بالمستشفى، إضافة إلى دمج الصحة النفسية في الرعاية الأولية، والتركيز على حملات التوعية والتثقيف لإزالة هذه المخاوف والنظرة السلبية والتعاون مع وسائل الإعلام.

* لماذا لا توجد طريقة أو أقسام أو آلية للعلاج سرا، خاصة في ظل ما أشرنا إليه من العيب الاجتماعي؟

- إن أخلاقيات مهنة العلاج النفسي تتطلب السرية التامة، ولذلك فإن علاج المريض النفسي يتم بطريقة سرية في جميع المؤسسات النفسية، وفي حال مخالفة ذلك يتم تطبيق عقوبات مشددة في حق المخالفين.

* عادة لا تصل إلى المستشفيات النفسية إلا الحالات الحرجة، وفي مراحل متقدمة.. فكيف تعلقون على ذلك؟

- هذه الحالات يرجع السبب فيها إلى رفض بعض المرضى مراجعة المستشفيات في المراحل المتقدمة من المرض، واعتماد الأسر على الطرق التقليدية، التي قد تضر المريض أكثر من نفعها، وغالبية هذه الحالات يتم إحضارها للمستشفيات بالطرق الجبرية، وأنا بدوري أؤكد على جميع الأسر ضرورة سرعة المراجعة، وعدم التردد، وطلب المساعدة من أقرب عيادة أو مستشفى متخصص.

* هناك خلط بين الطبيب النفسي والاختصاصي أو المستشار الاجتماعي سواء بالمستشفيات أو بالمراكز المعنية بتقديم الاستشارات النفسية والاجتماعية.. أين دوركم في توضيح ذلك؟

- لكل من الاختصاصي النفسي والاجتماعي دور، وليس هناك خلط في هذا الجانب حيث إن الطبيب النفسي هو المسؤول عن الفريق العلاجي والاختصاصي الاجتماعي أحد الأعضاء الأساسيين في الفريق العلاجي، بالإضافة إلى مجموعة من التخصصات الأخرى، والمهم في هذا الجانب التزام كل فرد من أفراد الفريق. أما فيما يتعلق بالمراكز الاجتماعية، فهذا دور الشؤون الاجتماعية للإشراف عليها ومراقبتها.