بعد عامين من إعلانها.. تعثر إنشاء أول مكتبة للأطفال في السعودية

مدير المؤسسة: المشروع مكلف * صاحبة الفكرة: الهدف ليس ربحيا لكن الرسوم مطلوبة

صاحبة فكرة المشروع تصف المكتبات المختصة بأنها حق للطفل بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل في الـ20 من نوفمبر الحالي («الشرق الأوسط»)
TT

نحو 15 سنة، مرت على حلم التربوية السعودية أسماء الهاشم في تأسيس أول مشروع ثقافي من نوعه موجه للطفل، الذي تم الإعلان عنه عام 2008، على أن يكون في صورة مكتبة غير تقليدية؛ تستهدف نحو 10 آلاف طفل، وتأتي تحت إشراف المكتبة العامة بالدمام التابعة لوزارة الثقافة والإعلام، إلا أن هذا المشروع تعثر تنفيذه ولم يعد ضمن مسؤولية المكتبة العامة، على الرغم من ثرائه الثقافي في عدة جوانب؛ تشمل القراءة والتأليف والخطابة والرسم والمسرح.

حول ذلك، توضح الهاشم، وهي صاحبة فكرة المشروع ورئيسة «نادي المبدع الصغير» في الظهران، أنه لم يتم التوصل لاتفاق نهائي مع المكتبة العامة بالدمام، وبسؤالها عن الأسباب، بينت أن رد الإدارة العامة للمكتبات أفاد بضرورة أن لا يكون المشروع ربحي في مكان حكومي، قائلة: «مشروعي ليس المقصود به الجانب الربحي، لكن حتى أقدم خدمة مميزة لا بد أن أطلب من العميل دفع رسوم كمقابل».

وبسؤال الهاشم عن تكلفة الرسوم المقررة، أفادت بأنها 300 ريال شهريا للطفل الواحد، ووصفتها بالقول: «ليست عالية»، وهو ما ترجعه لتغطيتها 3 أيام في الأسبوع إلى جانب اليوم المفتوح، مع نحو 7 ورش للقراءة اليومية، وورشة للكتابة والتأليف، وورشة المسرح، وورشة الإلقاء والخطابة، وورشة الرسم، وورشة الأعمال اليدوية، وورشة الخط العربي.

من جهته، أكد سعد الحارثي، مدير المكتبة العامة بالدمام، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، أن أسباب عدم تنفيذ مشروع مكتبة الطفل التي كان من المنتظر أن تشرف عليها المكتبة العامة، يكمن في وجود عوائق مادية بالدرجة الأولى، قائلا: «المشروع مكلف ويحتاج لميزانية ضخمة»، وأضاف: «حاليا بدأنا بمكتبة صغيرة جدا، لكن المشروع الذي نطمح له لم ينفذ».

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت تفاصيل المشروع في وقت سابق، حيث تتضمن رسالته غرس حب القراءة في وعي الطفل العربي، ومن ضمن أهدافه: تفعيل مسرح الطفل كأداة من أدوات الثقافة، وإفساح المجال لهواة المسرح من الأطفال وتدريبهم على العروض المسرحية والرقصات الشعبية كالعرضة السعودية وغيرها، لجعل الطفل مواطنا معتزا بتراثه ومحافظا عليه.

إلى جانب ذلك، يهدف المشروع إلى تدريب الأطفال على المنهجية العلمية في إعداد البحوث الصغيرة بنوعيها العلمي والأدبي واستخدام الوسائل المتاحة كافة لإثرائها وطرق عرضها وتقييمها، بالإضافة إلى التدريب على طرق البحث والتلخيص والإلقاء وغير ذلك من المهارات التي تعد نتاجا مهما لعملية القراءة، وتحقيق رسالة الأدب في تنمية الخيال الحر لدى الأطفال وتغذية وجدانهم.

إلا أن تعثر إنشاء المكتبة لم يحبط عزيمة صاحبة الفكرة، حيث تعمل أسماء الهاشم حاليا من منزلها بمدينة الظهران على المشروع ذاته لكن بصورة مصغرة، بعد أن استقطبت معلمات من رياض الأطفال إلى جانب مهتمات بفن الرسم لتعليم الأطفال؛ وهاويات في الفن المسرحي، حيث توضح أنها عملت في المشروع لمدة سنة من منزلها كنوع من التجربة.

وتصف الهاشم مشروعها المنزلي بأنه «شبه تطوعي» في هذه المرحلة، وبسؤالها عن حجم المستهدفين، قالت: «عدد الأطفال شهريا لا يقل عن 27 طفلا»، موضحة أن رسوم الاشتراك، يتم صرفها على مكافآت الموظفات وبعض المستلزمات. وعن الموظفات، توضح أن عددهن يتراوح بين 6 و8 موظفات، مشيرة إلى أنها أوجدت كذلك نظاما للتطوع عن طريق التدريب، مع الحصول على شهادة موثقة بالتعاون مع إحدى الجهات المعروفة. وكشفت الهاشم خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أنها تقدمت مؤخرا بطلب إلى وزارة الثقافة والإعلام بهدف الحصول على ترخيص لإنشاء ناد ثقافي للطفل، وما زالت في انتظار الرد ووضع المشروع ضمن تراخيص الوزارة، حيث يعد الأول من نوعه في السعودية، مؤكدة على تفاؤلها بقرب ذلك، حيث توضح أن وزير الثقافة والإعلام طمأنها من حيث كون المشروع جيدا، وبمجرد خروج الصياغة النهائية للتراخيص سيكون من أوائل المشاريع التي سيصدر فيها ترخيص، حسب قولها.

وتزامنا مع قرب الاحتفال الدولي باليوم العالمي للطفل، الذي يصادف العشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي من كل عام، تصف الهاشم مشاريع الطفل الثقافية بأنها «جزء من حقوق الطفل»، مؤكدة أن حلمها هذا بقي معها منذ نحو 15 عاما، منذ أن كانت تعمل في السلك التربوي، وهو ما أرجعته لطبيعة عملية التعليم التي ترى أنها تضم ثغرات من الممكن سدها في مشاريع ثقافية وتعليمية أخرى. وعن مدى قابلية الطفل اليوم للانخراط في عالم الكتب والقراءة في ظل الثورة الرقمية والانجذاب نحو التقنية والإنترنت، تقول الهاشم: «من أهداف المشروع الرئيسية؛ تطويع التقنيات الحديثة»، مشيرة لأهمية تطوير تعامل الطفل مع التقنية وتوظيفها في الحصول على الفائدة المعرفية، وهو ما أكدت على السعي لغرسه لدى الأطفال من خلال تحسين استخدامهم للإنترنت وجذبهم للقراءة من خلاله.