الجزائر: تبرئة 8 أشخاص جهروا بالإفطار في رمضان من تهمة «الاستهزاء بالإسلام»

الدفاع عاب على القضاء «التدخل في علاقة الخالق بعباده»

TT

انتهت أمس فصول محاكمة مثيرة، أقامها القضاء الجزائري ضد 8 أشخاص اتهمهم بـ«المجاهرة بالإفطار» في شهر رمضان الماضي. وحكم القاضي ببراءتهم من التهمة، وقال محامون: إن الحكم صدر بفضل التعبئة العامة لحقوقيين وسياسيين وبرلمانيين انتقدوا ما اعتبروه مساسا بحرية المعتقدات الدينية.

ووقعت أطوار المحاكمة بمدينة أقبو بولاية بجاية (250 كم شرق العاصمة) التي تنتمي لمنطقة القبائل؛ حيث عبر أهالي وأصدقاء 8 أشخاص متهمين بـ«الاستهزاء بالدين الإسلامي» عن ابتهاجهم بعد أن نطق القاضي بحكم البراءة.

وغصت قاعة المحكمة الصغيرة بالصحافيين والنشطاء السياسيين والحقوقيين المهتمين بالقضية. وسأل القاضي المتهمين الثمانية إن كان صاحب المحل، الذي درجوا على الإفطار به خلال شهر الصيام، هو من كان يحرضهم على «انتهاك حرمة رمضان» أم أن ذلك كان دأبهم.

وذكر المتهمون أنهم لا يصومون رمضان «ولكن هذا لا يعني أننا لا نحترم الدين الإسلامي أو الصائمين، بدليل أننا ابتعدنا عن أنظار الناس وأفطرنا في مكان مغلق ومعزول»، حسبما ذكر أحد المتهمين، الذي سأله القاضي إن كان صاحب المحل التجاري، وهو واحد من الذين وجهت إليهم التهمة، قد وضع بمحله شيئا بمثابة إعلان عن احتضان أي شخص يريد الإفطار، فكان رده أن رفاقه متعودون على التوجه إلى المحل بغرض الإفطار.

وحرص المتهمون على التأكيد أن إفطار رمضان «حرية شخصية» مارسوها عن قناعة. ولم يأت على لسان أي واحد منهم أنهم يدينون بديانة أخرى غير الإسلام، عكس أشخاص آخرين وجهت لهم التهمة نفسها ببلدة عين الحمام (110 كم شرق العاصمة) الذين قالوا قبل شهور إنهم مسيحيون.

وذكر أحد المتهمين أنه كان صائما عندما داهمت الشرطة المحل لاعتقال «المجاهرين بإفطار رمضان»، وأنه فر من المحل عندما شاهد الشرطة التي تعقبته وأوقفته. وطالب النائب العام، بعد سماع المتهمين، بـ«تطبيق القانون ضدهم» من دون تحديد العقوبة التي يريدها.

ودافع 15 محاميا عن المتهمين الثمانية، وقال بعضهم في مرافعته: إن مادة قانون العقوبات التي تتحدث عن معاقبة «المستهزئ بالدين الإسلامي»، التي على أساسها وجهت التهمة لموكليهم، لا تنطبق على الأفعال المنسوبة إليهم، على أساس أنهم لم يسيئوا للإسلام عندما انزووا إلى مكان بعيد عن أنظار سكان المنطقة لإفطار رمضان.

وقال أحد المحامين: إن المتهمين ينحدرون من عائلات محافظة، مشيرا إلى أن صيام رمضان هو «علاقة بين العبد وخالقه، وبالتالي لا يجوز للقضاء أن يتدخل في هذه العلاقة، ولا يحق له أن يعاقب من لا يصوم».

وذكر محام آخر أن الدستور الجزائري «يكفل لكل جزائري حرية المعتقد»، مشيرا إلى أن «منتهكي حرمة الصيام ينتشرون بكثرة في الفنادق الفخمة، فلماذا لا تعتقلهم الشرطة؟».

وأدان القضاء، منتصف الشهر الماضي، شخصا في شرق البلاد بالسجن سنتين مع دفع غرامة قيمتها ألف يورو، بسبب التهمة نفسها، التي تعرض لها أشخاص آخرون بمناطق أخرى.