مبادرة بارزاني تنجح في جمع القادة العراقيين في أربيل.. وتنقل اليوم معركة الحسم إلى بغداد

علاوي يؤكد في جلسة الافتتاح على تقاسم الصلاحيات.. والمالكي يشترط عدم الخوض في التعديل الدستوري

الرئيس جلال طالباني يتوسط اياد علاوي زعيم القائمة العراقية ونوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته في اجتماع أربيل أمس (أ.ب)
TT

استكمالا لمبادرة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، وللاجتماع الأول الذي عقدوه أمس في أربيل، من المقرر أن يجتمع قادة الكتل السياسية العراقية مساء اليوم في بغداد حيث ستتقرر النتائج في العاصمة العراقية.

وعلى الرغم من أن اجتماع قادة الكتل السياسية العراقية، الذي عقد أمس في أربيل، استهل بآيات من القرآن الكريم تدعو إلى الاتحاد والتوافق والوئام، فإن أجواء الاجتماع، خيم عليها الاختلاف. فإن كانت كلمات القادة التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية تتشابه في مضامينها المعلنة، لكنها «تختلف في مضامينها المبطنة»، حسب قيادي كردي يرى أن «السياسيين العراقيين يفهمون بعضهم بعضا بصورة جيدة ويعرفون كيف يتحدثون بلغة الألغاز فيما بينهم». وبينما جاءت كلمات معظم القادة السياسيين لتتحدث عن المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة شراكة وطنية، إلا أن أحدا منهم لم يتحدث عن تفاصيل هذه الحكومة وآليات تشكيلها. وأكد الرئيس بارزاني في كلمته الافتتاحية «أن إنجاز كافة الاستحقاقات سيزيد ثقة العراقيين في قادتهم»، داعيا إلى «حسم مسألة الحكومة قبل اجتماع مجلس النواب المقرر الخميس المقبل».

من جانبه، وصف الرئيس العراقي جلال طالباني، وبكلمة مختصرة الاجتماع بأنه «تاريخي، وأعرب عن أمله أن يتم الانتهاء من حسم مسألة تشكيل الحكومة».

أما نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الحكومة المنتهية ولايته فأكد على أن هناك «ثلاث نقاط مهمة هي الوحدة الوطنية والمصالحة والشراكة»، داعيا إلى «فتح صفحة جديدة لدفع التفاهم بين الكتل المختلفة والإسراع في تشكيل الحكومة وشراكة وطنية حقيقية حيث يجب أن يكون الشريك شريكا حقيقيا من أجل تجاوز الماضي بكل جراحاته»، ومشيدا بالاجتماع باعتباره «عراقيا»، في رد غير مباشر على مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي لم تنسجم مع تطلعات المالكي الساعي لنيل رئاسة الحكومة لدورة ثانية.

وأضاف المالكي «أن البداية الجديدة مشروطة بالالتزام بالدستور بشكل كامل»، أي عدم الخوض في مسالة تعديل النص الدستوري مجددا. ليعود فيما بعد في مداخلة تكاد تهدم كل ما اتفق عليه من نقاط يحملها جدول أعمال الاجتماعات والتي تتعلق بالإصلاحات والضمانات عندما اعتبر أن تحقيق نقاط جدول الأعمال يحتاج إلى أكثر من سنة وربما سنتين، واقترح تشكيل الحكومة أولا ومن ثم البحث في جدول عمل الاجتماع، وهذا ما لم يوافق عليه قادة «العراقية» بزعامة الدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية والذي فازت كتلته بـ91 مقعدا نيابيا.

فقادة «العراقية» يصرون على وجود ضمانات تحقق مبدأ الشراكة في السلطة وتقاسم الصلاحيات. وحسب صالح المطلك، زعيم جبهة الحوار الوطني والقيادي في العراقية، فإن «الضمانات التي نطالب بها هي صدور قوانين مصدقة عن مجلس النواب في أول جلسة له خلال 15 يوما، وألا يسمى رئيس الحكومة إلا بعد صدور هذه القوانين».

ويرى قيادي في «العراقية» أن تأكيدات المالكي على عدم الخوض في تعديل النص الدستوري يعني إلغاء كل ما يمكن الاتفاق عليه من إصلاحات تتعلق بمواضيع الصلاحيات وتوزيعها، والمشاركة في صناعة القرار، وهذا بالضبط ما طالب به علاوي في كلمته التي دعا فيها إلى «تشكيل الحكومة وفقا للاستحقاق الانتخابي وسريعا»، وإلى تحديد معنى «الشراكة الحقيقية» و«ألا يكون لأحد اليد العليا على الآخرين»، مشددا على ضرورة أن توزع الصلاحيات وأن تكون هناك جهات رقابية قوية، معربا عن أمله «أن يعطى كل ذي حق حقه، ويجب أن تكون الصلاحيات موزعة ومتساوية وضامنة بعيدا عن الطائفية».

ورحب عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي بعقد اجتماع «الطاولة المستديرة، وإن كانت هذه الطاولة هي مستطيلة»، معبرا عن أمنيته «بدعوة قيادات نسائية لتمثل المرأة العراقية في هذه الاجتماعات».

وفي رد مباشر من طارق الهاشمي، القيادي في ائتلاف العراقية ونائب رئيس الجمهورية، قال إن «الكثير من النقاط الخلافية ما تزال عالقة ولا أرى إمكانية لحسم الخلافات خلال الاجتماع» الذي يستمر ثلاثة أيام، مشيرا إلى أن «هذه النقاط تستلزم الكثير من الوقت وأولى المسائل العالقة إعادة النظر في الدستور». بدوره، أكد عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، في كلمته، على «أهمية العمل على إلغاء الممارسات التاريخية الموروثة في الإدارة والحكم»، مشيرا إلى « وجود ضعف في القوانين والتشريعات السابقة والحالية التي أوجدت الكثير من التصادمات بدلا من الحلول». وشدد على «ضرورة إنهاء هذه الحقبة وذلك بالإسراع بتشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي تتمتع بصلاحيات حقيقية تتولى مهمة الانتقال بالبلاد من الجانب النظري إلى الجانب العملي». وأكد على «أهمية إيجاد الصيغة المناسبة لانعقاد مجلس النواب باعتباره يمثل جوهر النظام السياسي في البلاد، معتبرا عدم انعقاده حتى الآن «بمثابة تغييب لإرادة الناخب العراقي».

وبحسب مصادر خاصة بـ«الشرق الأوسط» فإن جدول الأعمال الذي تمت مناقشته والذي وافق عليه جميع القادة يضم عدة نقاط أساسية في مقدمتها مسألة الالتزام بالدستور، وتحقيق التوافق الوطني ومبدأ الشراكة، ومسـألة المجلس السياسي لاستراتيجيات الأمن الوطني، والمصالحة الوطنية، والإصلاحات، والنقاط الخلافية بين أربيل وبغداد، ومسألة الضمانات التي أكدت عليها معظم الكتل السياسية العراقية باعتبارها الطريق الأمثل للخروج من الأزمة، وأخيرا مسألة المناصب السيادية الثلاثة التي أدرجت في ذيل القائمة بسبب تعقيداتها في ظل تمسك الكرد بمنصب الرئاسة ودخول القائمة العراقية على خط المنافسة للحصول على هذا المنصب.