السيناتور الأميركي جون كيري يدعو سورية لتكون «قوة بناء سلام» في لبنان

قال في بيروت: ليس للحريري ولا للبنان القدرة على تغيير المحكمة * وأكد من دمشق: الانخراط مع سورية مهم من أجل ترسيخ الاستقرار

رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السناتور جون كيري خلال اجتماعه برئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في بيروت أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري من بيروت أن «الولايات المتحدة، كما بقية أعضاء المجتمع الدولي، تدعم بحزم عمل المحكمة الخاصة بلبنان واستقلالها»، وذكر بأن هذه المحكمة «لم تنشأ من قبل الولايات المتحدة الأميركية ولا من قبل أي كيان ذاتي آخر في هذه المنطقة، بل كانت بناء على طلب لبنان واللبنانيين والشعب الذي تعب من فكرة أن الاغتيال يجب أن يكون أداة سياسية». مؤكدا أنه «ليس للرئيس (الحكومة سعد) الحريري ولا للبنان السلطة لتغيير المحكمة».

وفي العاصمة السورية التي وصلها بعد انتهاء زيارته لبيروت قال كيري إن الانخراط مع سورية مهم «من أجل ترسيخ الاستقرار والسلام في المنطقة».

وبعد لقائه رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، في بيروت قال كيري إن «لبنان شهد الكثير من عمليات الاغتيال للعديد من القيادات، والأمر لا يعني الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحده، هذا يتعلق بجميع الاغتيالات، والأمر يتعلق باعتبار الاغتيال أداة سياسية»، مشيرا إلى أن «عهد الاغتيالات يجب أن ينتهي، والأمم المتحدة بتصويت العديد من الدول التي اجتمعت كلها قررت أنه آن الأوان للبنان أن يجد مستقبلا جديدا خاليا من الاغتيالات كأداة سياسية»، مشددا على أن «الأمر لا يتعلق بالشيعة أو بالسنة أو بالمسيحيين أو بالدروز، ليست هناك طائفية أو أي رابط آخر بأي كيان سياسي محدد، الأمم المتحدة تبحث عن الحقيقة، ونحن ندعم كليا استقلالية هذه المحكمة وقدرة لبنان على تخطي هذه الأداة العنيفة والمدمرة التي تم استخدامها».

وأكد السيناتور الأميركي أن «الرئيس الحريري ليست لديه السلطة لتغيير المحكمة ولا للبنان هذه السلطة، فالمحكمة منشأة بناء على طلب لبنان ولا بد من تصويت العديد من الدول لتغيير طبيعتها، لذلك، فمن يحاولون أن يجعلوا من هذه المحكمة قضية ويعارضون عملها، عليهم التفكير مليا حول حكم القانون والمؤسسات التي أنشأت هذه المحكمة والعمل الذي تحاول أن تنجزه، وهذا خارج كليا عن قدرة رئيس الحكومة للتأثير عليه». وقال: «سوف نستمر في عملنا وأعلم أن في لبنان العديد من الآراء حيال هذا الموضوع، ولكن المحكمة الدولية لديها الفرصة الكبيرة للمساهمة في إرساء سابقة جديدة، ولا أحد يعلم النتائج التي ستخرج بها المحكمة وأنا أعتقد أنه أيا كانت هذه النتائج فإنها لن تكون موجهة ضد مجموعة محددة من الناس ولا ضد طائفة معينة أو أي وجهة نظر، بل ستحدد أشخاصا معينين، وعلى هذا الأساس علينا أن نحكم على عمل المحكمة الدولية، وعلى العنف أن لا يكون أداة سياسية في لبنان مجددا».

وأضاف: «التقيت صباح اليوم (أمس) رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وهو بدوره عبر عن قلقه حيال التوتر القائم اليوم، من هنا جددت للرئيس الحريري، باسم الرئيس أوباما والكونغرس الأميركي دعمنا الثابت للبنان سيدا ومستقلا ومستقرا، هذا الأمر يعني لنا الكثير، بالإضافة إلى أن لبنان قويا هو أمر ضروري للشعب اللبناني وكذلك حين يكون بلدا موحدا وثابتا ويسير قدما على الصعيد الأمني والاقتصادي»، وتابع: «أنا أعلم أن الرئيس أوباما ملتزم بقوة بمساعدة لبنان على أن يعود قويا وبدعم مؤسساته الديمقراطية القادرة على تمثيل مصالح الشعب اللبناني، كما أعلم أن مساعدتنا الاقتصادية والأمنية ستستمر من أجل بناء هذه المؤسسات القوية، أعدكم بصفتي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بأنني سأبقى ملتزما بهذا الموقف». وعما إذا كان يحمل أي رسالة من الرئيس أوباما إلى الرئيس الأسد بشأن المحكمة الدولية، أكد كيري أن «الرئيس أوباما ملتزم باستقلالية عمل هذه المحكمة، والولايات المتحدة لا تعلم ما الذي يحصل في مسار عمل هذه المحكمة ولا علاقة لنا بإدارة عملها». وقال إن «الرئيس أوباما يعتقد أن هذه المحكمة ضرورية لأنها تخاطب كل الشعب اللبناني، وليست لفئة دون أخرى، بل هي تتعلق بإمكانية إيجاد حياة سياسية جديدة في البلد خالية من الخوف وعمليات الاغتيال كأداة سياسية».

وعن تقييمه للتعاطي السوري حيال لبنان، أجاب كيري: «نحن نتطلع إلى سورية للعب دور بناء في الأيام المقبلة تجاه ما يحصل في لبنان، وهذا ما سأبحث فيه مع الرئيس الأسد، نحن نريد من سورية أن تكون قوة بناءة للسلام مع لبنان وإسرائيل وفي المنطقة وأن تساعدنا في ما يتعلق بتحدي الملف الإيراني، فكما تعلمون، هناك مصلحة كبيرة لسورية بأن تكون لها علاقة جيدة مع الولايات المتحدة والغرب، ولذلك نأمل بشدة أن تلعب سورية دورا بناء في الأيام المقبلة».

وفي دمشق رد كيري على ربط مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان العلاقات الثنائية مع سورية بالوضع في لبنان، فقال بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد أمس: «إن الانخراط مع سورية مهم من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار وتحقيق السلام في المنطقة». وقال بيان رسمي سوري إن اللقاء بحث العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة وخاصة في لبنان والعراق وأهمية التوصل إلى «حلول تضمن أمن واستقرار البلدين والمنطقة». ومن جانبه أشاد الرئيس الأسد برغبة الرئيس باراك أوباما «تحقيق السلام في المنطقة مجددا رغبة سورية وسعيها للسلام العادل والشامل» وقال إن «المشكلة الحقيقية هي في الجانب الإسرائيلي الذي يرفض السلام».

وفي اللقاء الذي حضره وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد، استمع الأسد من كيري إلى شرح عن نتائج زيارته إلى السودان ودعا الرئيس الأسد إلى «ضرورة تضافر الجهود للحفاظ على وحدة واستقرار هذا البلد».

وكان كيري قد زار دمشق أبريل (نيسان) الماضي والتقى الرئيس الأسد وبحث معه آفاق عملية السلام. وتأتي زيارة كيري في ظل توتر الأجواء بين دمشق وواشنطن على خلفية تصريحات فيلتمان الأخيرة التي قال فيها: «إنه لن يكون ثمة تقارب مع سورية طالما أن أصدقاءها في لبنان يزعزعون الاستقرار فيه».