تقرير صحافي عن المحكمة الدولية واتهاماتها يحرك حدّة السجال اللبناني

حزب الله يعتبره دليلا على تسييسها.. و«المستقبل» لا يعطيه مصداقية

TT

أثار التقرير الذي نشرته أمس صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، وتحدثت فيه عن اتهام المحكمة الدولية لعدد من عناصر حزب الله في جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري قبل نهاية العام الحالي، مزيدا من الغبار السياسي، وزاد من وتيرة السجال المتصاعد حول المحكمة، خصوصا من حزب الله، بحيث أكد عضو كتلته النائب بلال فرحات أن «هذا التقرير يثبت تسييس المحكمة، ويشكل دليلا على أنها تسعى لإرضاء المصالح السياسية التي تتبناها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، وليس لإحقاق العدالة»، في حين رفض عضو كتلة المستقبل، النائب أحمد فتفت، إعطاء أي مصداقية لهذا التقرير، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن غير معنيين بأي شيء يصدر في الإعلام، ونعتبرها مجرد استنتاجات غير مرتبطة بالواقع، ولسنا معنيين إلا بما يصدر عن المحكمة نفسها».

وكانت الصحيفة الأميركية أفادت في تقرير نشرته أمس أن المحكمة الدولية التي تنظر في ملف اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري «ستقدم حتى نهاية العام الحالي لوائح اتهام ضد عدد من عناصر حزب الله، وأن عدد المتهمين سيبلغ ما بين اثنين وستة من عناصره». وأشارت إلى أن «من بين المتهمين المفترضين المدعو مصطفى بدر الدين صهر القائد العسكري سابقا لحزب الله، عماد مغنية».

وقد ردّ عضو كتلة حزب الله النائب بلال فرحات على هذا التقرير، فأعلن أن «ما نشر في هذه الصحيفة يثبت موقفنا ويؤكد على تسييس المحكمة»، وأوضح فرحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس صحيحا أن لا أحد يعرف شيئا عن المحكمة الدولية وقراراتها، فما ذكرته هذه الصحيفة سبق ونشرته صحف أخرى مثل (ديرشبيغل) و(لوموند) و(لوفيغارو) وغيرها، وهو ما تناولته المواقف السياسية والسفارات، وبعد كل ذلك هناك من يقول إنه لا أحد يعلم بمضمون القرار الظني». وقال: «المحكمة مسيسة ومعلوم أين موقعها السياسي ومن أين تأخذ تعليماتها، ولصالح من تتخذ قراراتها، وهذا يؤكد موقفنا حيالها ومن أي جانب نقاربها». ورأى أن «عمل المحكمة المسيس موجه في غاية معينة، وهي تسعى لإرضاء المصالح السياسية التي تتبناها أميركا وإسرائيل». وسأل: «ماذا يعني عندما يطلَق شعار كبير يقول إما العدالة وإما الفوضى واللا استقرار؟ ومن يستوعب هذه الأفكار ويقبل بها ولمصلحة من هذه الشعارات؟»، وأضاف: «منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري كنا وما زلنا مصرّين على أن إسرائيل هي المستفيدة من هذه الجريمة وما تبعها، وإذا قرأنا السياسية الأميركية حول الفوضى الخلاقة أو الديمقراطية المفروضة، التي نرى نماذج منها في العراق وأفغانستان وباكستان، ندرك أن هذه السياسية التي لا تسعى إلا إلى قهر الشعوب هي وراء ما يحصل في لبنان منذ اغتيال الرئيس الحريري».

وفي شأن المواقف من المحكمة، وصف مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، عمار الموسوي، لقاءه بوزير خارجية فرنسا برنار كوشنير بـ«الصريح للغاية». وأعلن أن «السبب الرئيسي للتوتر الذي يسود الساحة المحلية يعود إلى ما بات معروفا من أن قرارا اتهاميا سيصدر عن المحكمة الدولية يتهم أفرادا في حزب الله باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وكيف أن مثل هذه الخطوة تشكل تقويضا للسلم الأهلي، خصوصا في ظل القناعة الراسخة بأن الأمر لا يرتبط بالسعي لكشف الحقيقة، وإنما في استخدام سياسي يرتبط بأجندة دولية تسعى إلى النيل من المقاومة في لبنان».

ورأى عضو تكتل التغيير والإصلاح، النائب يوسف خليل، أن «من يدافع عن المحكمة الدولية عليه أيضا الدفاع عن سيرها وأدائها»، وقال: «إننا لا نخاف من المحكمة، بل نخاف أن تستخدم كأداة بيد المصالح الدولية، لذلك نطلب أن تنقى من الشوائب»، مشيرا إلى أن «السياسية متوترة لأن بعض السياسيين اللبنانيين لم يتعلموا أن الدول الكبرى تبحث عن تحقيق مصالحها في المنطقة وليس مصالح الشعوب من خلال المحكمة الدولية أو أي حدث دولي آخر».

ولفت عضو كتلة المستقبل، النائب هادي حبيش، إلى أن «من يستبق صدور القرار الظني ويعتبر أن المحكمة الدولية مسيسة هو يدين نفسه بنفسه»، مشيرا إلى أن «المحكمة الدولية مؤلفة من قضاة من مختلف أنحاء العالم وكل أساليب الدفاع متاحة ولا يتصور أحد أنه من السهل بمكان أن يخطر على بال أميركا أن تتهم حزب الله فتخضع المحكمة لقرارها». وأوضح أن «المحاكمات ستكون علنية، أما التحقيق فهو سري، وعندما يصدر هذا القرار يمكن لأي فرد في المجتمع أن يدرسه ويناقشه، ويكون مستندا إلى وقائع عدة مرتبط بعضها بالبعض الآخر، وإثباتات دامغة».

وجزم عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت بأن «المحكمة مستمرة ولا شيء يؤثر في مسارها وفي قرارها»، وسأل: «لماذا إذن يفتعلون كل هذا الضجيج وهذه الدعوات إلى الفتنة التي لا نواجهها إلا بالإصرار على التمسك بالسلم الأهلي واليد الممدودة إلى الطرف الآخر، وبإصرارنا أيضا على المحكمة وعلى الحقيقة والعدالة؟». وإذ سأل عمّا «إذا كانت المحكمة هي الهدف أو أنها تحوّلت إلى وسيلة أخرى»، وقال: «بكل صراحة بدأنا نشك كثيرا أنّ المحكمة والصراع معها يستعمله البعض لأنه يريد أن ينقلب على النظام اللبناني».