نتنياهو يطالب واشنطن بـ«تهديد ذي مصداقية» بضرب إيران.. و«البنتاغون» يشدد على العقوبات

تركيا تعارض نشر «الناتو» درعا صاروخية تستهدف طهران.. ودبلوماسي غربي لـ «الشرق الأوسط»: الدعوة الإيرانية للتفاوض في أنقرة مجرد مناورة

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى استقباله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله في طهران أمس (رويترز)
TT

طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة بتوجيه «تهديد ذي مصداقية» باحتمال اللجوء إلى الخيار العسكري إذا رفضت إيران وقف برنامجها النووي. ونقلت الصحف الإسرائيلية عن مصادر إسرائيلية لم تكشف عنها أن نتنياهو أبلغ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أن تهديدا عسكريا «ذا مصداقية» لإيران، وحده يمكن أن يضمن عدم حيازتها أسلحة نووية. غير أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أكد أن خيار الحوار والعقوبات ما زال قائما. وتزامن ذلك مع رفض الرئيس التركي عبد الله غل مشروع الحلف الأطلسي لنشر درع صاروخية تستهدف الجمهورية الإسلامية. وفي فيينا أكد دبلوماسي غربي أن الدعوة الإيرانية لاستئناف المحادثات النووية في أنقرة بدلا من فيينا «مناورة ومحاولة لكسب الوقت».

وسعى نتنياهو إلى تسليط الضوء على إيران، في وقت تنتظر إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما منه اتخاذ قرار تجميد النشاط الاستيطاني من أجل استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، إلا أن نتنياهو أبلغ بايدن في لقاء بينهما، أول من أمس في ولاية نيو أورليانز الأميركية، على هامش الاجتماع العام لـ«الاتحادات اليهودية في أميركا الشمالية»، أن «الوسيلة الوحيدة لضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية هي من خلال توجيه تهديد ذي مصداقية بالقيام بتحرك عسكري ضدها إذا لم توقف سعيها لحيازة قنبلة نووية»، بحسب المسؤول الكبير الذي نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أقواله من دون الكشف عن هويته.

وبدأ نتنياهو خطابه أمام الجمعية اليهودية أمس بمهاجمة إيران، قائلا إن «سياسة الاحتواء لن تنجح مع إيران». وطالب نتنياهو في خطابه بـ«تهديد جدي» باستخدام القوة العسكرية، مكررا الموقف الإسرائيلي المطالب بمنع إيران من تطوير برنامجها النووي. وأشاد نتنياهو بجهود أوباما في فرض العقوبات على إيران، لكنه قال: «لم نر بعد أي إشارة بأن الطغاة في إيران سيسلكون طريقا مختلفا».

وربط نتنياهو بين البرنامج النووي الإيراني وعملية السلام، معتبرا أن هناك «فرصة» لجهود السلام بسبب «وعي الكثير من العرب بأن إيران تشكل تهديدا». وهذا هو النهج الذي يتبعه نتنياهو في محاولاته لإقناع الإدارة الأميركية بالتحرك ضد إيران قبل التوصل إلى حل للنزاع العربي - الإسرائيلي. وقال نتنياهو: «نحن لن نخرج (من الأراضي العربية) لتدخل إيران». وأضاف: «لن نقامر في الأمن الإسرائيلي».

وفي ما يخص عملية السلام، قال نتنياهو إنه مستعد للمفاوضات، لكن لم يشر إلى المستوطنات أو مستقبل السلام. وكرر دعوته لاعتراف الفلسطينيين بدولة «يهودية» في إسرائيل، بالإضافة إلى نشر قوات إسرائيلية في وادي الأردن في حال تم إعلان دولة فلسطينية.

وبينما حرص بايدن على تحسين العلاقات مع نتنياهو، يبقى الموقف الأميركي حاليا إزاء إيران مرتكزا على العقوبات. وتعتبر إدارة أوباما أن الضغوط الدولية على طهران، من خلال عقوبات مشددة واتحاد صف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن في الضغط على إيران، الطريق الأمثل لـ«تغيير سلوكها»، بحسب مسؤول أميركي مطلع على الملف الإيراني.

وقال مارك ريغيف، الناطق باسم نتنياهو: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي عبر عن تأييده لمواصلة فرض عقوبات على إيران، لكنه أشار إلى ضرورة ممارسة المزيد من الضغوط على هذا البلد. ونقل ريغيف عن نتنياهو قوله لبايدن: «إن العقوبات مهمة، فإنها تزيد الضغط على إيران، لكن لم يسجل حتى الآن أي تغيير في سلوك إيران، ومن الضروري تشديد الضغوط الدولية عليها».وامتنع البيت الأبيض عن الخوض في تفاصيل لقاء بايدن ونتنياهو، واكتفى ناطق باسم البيت الأبيض بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنهما بحثا جملة من القضايا». ولكنه شدد على أهمية العقوبات ضد إيران في المرحلة الحالية، قائلا: «نحن نفرض ضغوطا دولية متنامية وغير مسبوقة، مع تحالف واسع من الدول، على الحكومة الإيرانية من أجل محاسبتها».

وحرص الناطق الأميركي على القول: «إن العقوبات آلية، ضمن آليات عدة، (نستخدمها) للتأثير على التصرفات الإيرانية المتعلقة ببرنامجها النووي»، مؤكدا: «ما زلنا ملتزمين بالتواصل مع إيران لحل خلافاتنا بطريقة دبلوماسية، ولكننا نحاسب القيادة الإيرانية على تصرفات تهدد السلم والأمن الدوليين».

وجاء الرد الأميركي على نتنياهو في ملبورن؛ إذ أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس رفضه لدفع الخيار العسكري هذه الدعوة، معتبرا أن الضغوط السياسية والاقتصادية التي تعتمدها الولايات المتحدة في هذه المرحلة تترك أثرا على إيران.

جاءت محادثات نتنياهو وبايدن بينما تستعد القوى الست الكبرى لاستئناف مفاوضاتها مع إيران حول الملف النووي. فقد طلبت إيران، أول من أمس، أن يتم استئناف المفاوضات المتوقفة منذ سنة في تركيا، التي تعتبرها طهران حليفتها في هذا الملف. وتعول واشنطن على هذه المفاوضات لمنع إيران من تطوير سلاح نووي وتقليص برنامجها النووي.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي، أمس، أن الولايات المتحدة ترفض الدعوة الإسرائيلية إلى توجيه تهديد عسكري «ذي مصداقية» إلى إيران، لضمان عدم حيازتها أسلحة نووية. وقال غيتس للصحافيين: «أعلم أنهم قلقون إزاء أثر العقوبات، لكن العقوبات تترك أثرا أكبر مما كان متوقعا لها، ونحن نعمل بجهد في هذه المسألة»، مشيرا إلى تأثير العقوبات الأميركية والمفروضة من مجلس الأمن ودول حليفة لواشنطن. وأضاف: «بالتالي، لست موافقا على أن تهديدا عسكريا ذا مصداقية وحده (سيقنع) إيران بالقيام بالخطوات المطلوبة منها لوضع حد لبرنامجها للأسلحة النووية». ويشدد «البنتاغون» على أن جميع الخيارات مطروحة في التعامل مع إيران وأنها تراقب التطورات العسكرية والنووية في إيران عن كثب. وأكد غيتس: «إننا على استعداد للقيام بكل ما هو ضروري، لكننا في الوقت الحاضر ما زلنا نعتقد أن النهج الاقتصادي والسياسي الذي نتبعه يؤثر على إيران».

وبينما يصعد نتنياهو من جهوده لبحث الخيار العسكري ضد إيران، تواجه إدارة أوباما مطالب داخلية للتوصل إلى حل فيما يخص الملف النووي. ومن المرتقب أن تتصاعد الأصوات اليمينية، في واشنطن، المطالبة بالمزيد من الضغوط على إيران ودفع الاحتمال العسكري في أعقاب الهزيمة التي واجهها الديمقراطيون في انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة والتي أضعفت موقع أوباما إزاء الجمهوريين الذين فازوا بالغالبية في مجلس النواب وأضعفوا غالبية الديمقراطيين في مجلس الشيوخ. واعتمد السيناتور الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام لهجة مشددة إزاء إيران يوم السبت الماضي خلال مؤتمر أمني في أوتاوا، حين قال: إن الجمهوريين يريدون تحركا «جريئا» حول إيران.

وفي أنقرة، قال الرئيس التركي عبد الله غل: إن تركيا تعارض مشروع الحلف الأطلسي لنشر درع صاروخية تستهدف إيران بوصفها تشكل تهديدا.

وصرح غل بأن «الحلف الأطلسي هو منظمة دفاعية. ويجري تطوير نظام دفاعي ضد أي جهة تملك صواريخ باليستية وليست عضوا في الحلف الأطلسي». إلا أنه أضاف، في مقابلة مع «بي بي سي» الناطقة بالتركية ونقلتها وكالة الصحافة الفرنسية، أن «ذكر بلد واحد هو إيران أمر خاطئ ولن يحدث. لن يتم استهداف بلد معين.. ونحن لن نقبل بذلك بكل تأكيد».

ويرغب الحلف الأطلسي والولايات المتحدة في نشر درع صاروخية لحماية أوروبا مما يرونه تهديدا متزايدا تمثله الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التي قد تطلق من منطقة الشرق الأوسط، خاصة من إيران.

في غضون ذلك، وصف مصدر دبلوماسي غربي التصريحات الإيرانية باختيار تركيا كموقع للمحادثات المتوقعة بين إيران ومجموعة «5+1» بدلا من فيينا بـأنه «مجرد تكتيك ومناورة» من حكومة طهران لصرف الأنظار عن الأوليات المتبعة عندما تتفق دول على محادثات.

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنهم لا يعترضون على تركيا أو أي موقع آخر، لكنهم، بحكم تجاربهم في التعامل الدبلوماسي مع إيران، يؤمنون بأن التصريح الإيراني بأن تعقد المحادثات في أنقرة بدلا من فيينا ما هو إلا «محاولة لكسب وقت ومزيد من التأجيل والتطويل من قبل الحكومة الإيرانية».

واستطرد قائلا: «إن المتبع عادة أن تهتم الأطراف أولا بوضع نقاط لأجندة الاجتماعات ومن ثم الحديث عن اختيار المكان وليس أن تصمت طهران دهرا ثم تقفز للحديث عن موقع جديد لم يكن في الحسبان؛ إذ إن المفهوم ضمنا أن فيينا كمقر للوكالة الدولية هي مكان المحادثات، لا سيما أن نقطة الارتكاز الأساسية في المحادثات والهدف منها، إذا تمت، هو الاتفاق على تنفيذ مبادرة تبادل الوقود التي هي في الأصل مقترح تقدمت به الوكالة الدولية ووافقت عليه في اللحظة ذاتها، في أكتوبر (تشرين الأول) 2009، كل من: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، بينما تلكأت إيران طالبة وقتا لمزيد من الدراسة ثم عادت بتعديلات واشتراطات حورت أصل المقترح».

وأضاف المصدر أنه «بعد فترة صمت جديدة ومزيد من المناورة ظهرت طهران عارضة الاتفاق الذي عقدته بمشاركة تركيا والبرازيل، ومن ثم عاودت صمتها مرة ثالثة على الرغم مما وصلها عبر الوكالة من رد و(ثلاث رسائل) من الدول المعنية، التي لا تزال تؤكد اهتمامها بالتعاون لتوفير الوقود النووي الذي تطلبه إيران لمفاعل أبحاث طهران».

واختتم المصدر حديثه مستغربا «لجوء إيران للتطويل والمناورة على الرغم من أن مفاعل طهران للأبحاث الطبية هو المركز الإيراني الوحيد الذي يوفر لمرضى السرطان بإيران احتياجاتهم الطبية ومختلف العلاجات. وأن وقوده على وشك النفاد ولا يتوافر لإيران أي وسيلة أخرى للحصول على وقود جديد في ظل العقوبات المفروضة عليها غير الموافقة على مقترح الوكالة».