لقاء فتح وحماس في دمشق ينطلق اليوم وسط خلافات حتى حول تسميته

الأحمد لـ«الشرق الأوسط»: لسنا في حاجة لحوارات جديدة بل لتوقيع.. وموضوع الأمن يحكمه القانون

إحدى أقدم الأشجار في ساحة الحرم القدسي الشريف تنهار جراء الحفريات الإسرائيلية أمس (أ.ف.ب)
TT

وسط حديث عن خلافات حتى على تسمية الاجتماع، يلتقي اليوم في دمشق لتسوية الملف الأمني آخر العقبات التي تعترض طريق إنهاء الانقسام الفلسطيني، والتوقيع على ورقة المصالحة المصرية.

فبينما تطلق حماس على الاجتماع اسم «جولة الحوار الحاسمة»، تفضل فتح وبلسان عزام الأحمد، رئيس وفدها إلى الاجتماع، تسميته بـ«لقاء معالجة الملاحظات على بند الأمن في ورقة المصالحة المصرية».

وقال الأحمد الموجود في العاصمة الأردنية عمان، استعدادا للسفر إلى دمشق اليوم لـ«الشرق الأوسط»: «أفضل أن نطلق على هذا الاجتماع لقاء معالجة الملاحظات.. سنستمع إلى ملاحظات حماس حول موضوع الأمن في الورقة المصرية، كما سنطرح ملاحظاتنا.. ونأمل أن نتوصل إلى فهم مشترك حول ملاحظاتنا وملاحظاتهم، لنستمع لاحقا إلى ملاحظات بقية الفصائل».

وردا على سؤال حول تسمية حماس لهذا الاجتماع بجولة حوار، قال الأحمد «نحن لسنا في حاجة إلى حوارات جديدة». وأضاف «آمل أن نكون ذاهبين إلى دمشق بإرادة صلبة وقوية لإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي لا يخدم إلا الاحتلال وأعداء الشعب الفلسطيني».

وتمنى الأحمد أن «توجد قوة الدفع التي كانت سائدة في اجتماع 24 سبتمبر (أيلول) الماضي، خاصة أننا لن ندخل في حوار جديد، ولن ندخل في متاهات. فموضوع الأمن يحكمه القانون أولا وأخيرا، كما هي الحال في كل العالم ولا يحكم بمحاصصات بين القوى والأحزاب».

وتابع القول: «هذا الموضوع لا يحتاج إلى نقاش طويل، بل إلى نيات صادقة.. نحن في حركة فتح لنا ملاحظات كثيرة على ما ورد في الورقة المصرية بشأن الأمن، وعلى الرغم من ذلك وقعنا عليها. ولا نرى أي سبب يجعل حماس وغيرها ترفض التوقيع.. فالقانون هو القانون وليس محاصصات».

وقالا ساخرا: «نود أن نذكر أنه يفترض أن هناك فيتو أميركيا على المصالحة.. وعليه فإن على الجميع، وفي مقدمتهم حماس، أن يتحدوا هذا الفيتو ويخطو كما خطت فتح، ويوقعوا على الورقة المصرية كما هي.. وأنا واثق من أن النيات هي الأساس.. ولنترك أخلاقيات الانقسام خلفنا بكل مظاهرها».

وتأكيدا على حجم الهوة في الموقفين، قال مصدر أمني رفيع في السلطة: «إن قانون الخدمة في قوى الأمن رقم 8 لعام 2005 هو الذي يحدد عدد الأجهزة الأمنية ومرجعياتها وينظم عملها، وأن إعادة بناء الأجهزة الأمنية، يقصد بها في قطاع غزة فقط، حيث وقع الانقلاب وما رافقه من تدمير للمنشآت وتسريح لمنتسبي المؤسسة الأمنية الشرعية، وما تبعه من تدمير إسرائيلي لما تبقى من مقار الأجهزة الأمنية».

وأضاف المصدر في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ستتم وفق قانون الخدمة في قوى الأمن بعد إعادة بنائها في قطاع غزة، بعيدا عن السياسة والمحاصصة، فهو أمن كل الفلسطينيين، والمؤسسة الأمنية أحد الرموز الوطنية والسيادية». وأكد المصدر «أن ما يسمى بقوى الأمن والحماية غير منصوص عليها في القانون، وليست جزءا من المؤسسة الأمنية، وهذا يعني أنها وغيرها من التشكيلات التي لم ترد في القانون ليست نظامية أو قانونية». وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) باعتباره القائد الأعلى هو مرجعية الأمن، وأن الأمن لا يسير إلا بقانون واحد ومرجعية واحدة وقيادة واحدة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن أطرافا فلسطينية اقترحت على الحركتين عددا من الصيغ التوفيقية كمخرج مقبول للخلاف حول الملف الأمني، لا سيما فيما يتعلق بقضية «الشراكة الأمنية», ومن هذه الصيغ، أن تدمج عناصر الأجهزة الأمنية التي كانت تعمل في قطاع غزة قبل سيطرة حماس على غزة مع عناصر أجهزة أمن حماس، مع بقاء تركيبة أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية على حالها، على أن يبت في كل القضايا الخلافية في المجال الأمني حسب ما نصت عليه الورقة المصرية.

وشككت مصادر فلسطينية في قدرة هذه الصيغ على جسر الهوة بين الطرفين، على اعتبار أن هناك الكثير من القضايا التفصيلية التي لم تتعرض لها الورقة المصرية، مثل عدد عناصر الأجهزة الأمنية ووظائفها. وأشارت المصادر إلى أن الخلافات في الملف الأمني ستصطدم بالخلافات في المجال السياسي بين الجانبين. وأشارت إلى خلاف جوهري في التعاطي مع الحركات المسلحة بعد المصالحة وسلاحها، وهل سيسمح لها بالعمل ضد إسرائيل.

وأوضحت المصادر أن أساس التعقيد في الخلاف الأمني يرجع بشكل كبير إلى غياب التوافق بين فتح وحماس بشأن الملف السياسي، إذ إنه وبخلاف الانطباع الذي حاول عدد من المتحدثين باسم الحركتين تعميمه، فإن هناك قضايا أخرى غير الأمنية لم يتم التوصل بشأنها لاتفاق. وشددت المصادر على أن الهوة العميقة التي تفصل حركتي حماس وفتح في المجال السياسي ستؤثر على الموقف، من المهام التي يجب أن تناط بالأجهزة الأمنية بعد المصالحة. وأشارت المصادر إلى أنه في الوقت الذي تعتبر فيه حماس أن التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة وإسرائيل هو «سلوك خياني مرفوض»، تعتبره فتح جزءا من التزاماتها الدولية. وأشارت المصادر إلى أنه حتى التفاهمات التي تم التوصل إليها بشأن منظمة التحرير تعتبر تفاهمات هشة وفضفاضة تتيح للطرفين تفسيرها كما يريد. وحسب هذه المصادر فإن تطبيق ما اتفق عليه قد يؤدي لتفجير الأوضاع بشكل غير مسبوق.

وأشارت المصادر إلى أن الجانبين لم يتوصلا لاتفاق بشأن الانتخابات وموعد إجرائها والكيفية التي ستجرى بها. وشددت على أنه في ظل غياب التفاهمات السياسية الشاملة والتفصيلية، فإن فرص نجاح اجتماع دمشق في بلورة اتفاق مصالحة تؤول إلى الصفر.