اليمين الإسرائيلي يعاقب كبار الفنانين اليهود المقاطعين لمستوطنة أرئيل

اعتبرها اليسار مدينة غير قانونية تزدهر على حساب بلدات فلسطينية

TT

في حملة هستيرية ترافقت مع تهديدات وعداء سافر، حاول قادة معسكر اليمين الإسرائيلي، أمس، طرح مشاريع قوانين تؤدي إلى قطع أرزاق الفنانين اليهود الذين قرروا مقاطعة الاحتفالات في مستوطنة أرئيل في منطقة نابلس، شمال وسط الضفة الغربية.

ويقود الحملة عضو الكنيست، يريف لفين، وهو من حزب الليكود الحاكم وأحد المقربين جدا من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ولذلك يقدر المراقبون أنه يدير الحملة بمباركة رئيسه. وقال لفين إن الفنانين والأدباء الذين قرروا مقاطعة أرئيل، يعيشون من أموال دافعي الضرائب، ولكنهم يستغلون الأموال التي تعطى لهم في سبيل أفكار معادية لليهودية وللصهيونية. وقال إن ما يريد فعله هو ألا تصل إلى هؤلاء أموال الشعب. وتوجه إلى لجنة المعارف البرلمانية لكي تضع معايير جديدة لدعم الفرق المسرحية وغيرها من المؤسسات الفنية والأدبية، يحرم بموجبها من الأموال العامة كل من يقاطع أي بلدة يهودية في إسرائيل أو في الضفة الغربية.

ووافقه رئيس لجنة المعارف، النائب ألكس ميللر، وهو من حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف، وهو من سكان مستوطنة أرئيل نفسها، وقال إن لجنته تقف بكل قوة إلى جانب أرئيل، وتعتبرها جزءا لا يتجزأ من إسرائيل، اليوم وإلى الأبد. وأضاف أن اليسار المتطرف يسيطر اليوم على الفن في إسرائيل وعلى صناعة السينما، ويجب أن يتغير هذا الوضع.

وأيدهما عضو اللجنة من حزب كديما المعارض، وهو أحد نواب هذا الحزب الذين وافقوا على عرض من نتنياهو للانفصال عن كديما، ودخول الائتلاف مقابل منصب وزاري. فقال إن الأدباء والفنانين اليهود الذين قرروا مقاطعة أرئيل يتصرفون مثل الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، لأنهم يقاطعون يهودا آخرين لمجرد اختيارهم أماكن سكن أخرى.

وأما عضو اللجنة من حزب ميرتس اليساري، حايم أورون، فحيا الأدباء والفنانين على موقفهم، وقال إن الصراع حول أرئيل صحي جدا، لأنه يؤكد أنه لا يوجد إجماع في المجتمع الإسرائيلي حول الاستيطان في الضفة الغربية. كما أن النواب العرب في اللجنة (ممثلي فلسطينيي 48)، أيدوا موقف الأدباء والفنانين مؤكدين أن أرئيل هي مستوطنة غير شرعية تقام على أراض محتلة، وتشكل مثل بقية المستوطنات عقبة كأداء في طريق السلام.

وكانت مجموعة من كبار الأدباء والفنانين الإسرائيليين، قد أثارت ضجة كبرى قبل نحو الشهرين عندما أعلنت مقاطعتها للاحتفالات التي ستقام بافتتاح مبنى المركز الثقافي الجديد في أرئيل. وهددت الحكومة بقطع المساعدات عن مسارحهم، لكنها لم تفعل. وبدلا من ذلك حاولت شق صفوف الفنانين والأدباء فبادرت إلى حملة توقيع على عريضة من فنانين يعارضون مقاطعة أرئيل، وتمكنت من إقناع مسرح بئر السبع بعرض أعماله في أرئيل.

وإثر ذلك، تجمع عدد كبير من الفنانين والأدباء اليهود، ووقعوا على عريضة جديدة مضادة يعبرون فيها عن احترامهم لإرادة كل فنان يقرر المشاركة في احتفالات أرئيل، ولكنهم يتوجهون إليهم طالبين أن «يحاسبوا ضمائرهم ويتصرفوا بمسؤولية الفنان الحامي لحقوق الإنسان». ويقولون في العريضة: «أرئيل، بما فيها المركز الثقافي، تقوم على أرض فلسطينية محتلة، ولذلك هي غير شرعية. هي تبنى وتزدهر، ولكن على بعد بضعة كيلومترات منها توجد عشرات البلدات الفلسطينية ومخيمات اللاجئين التي يقطنها أناس يعيشون في حالة بؤس يكرسها الاحتلال ويزيد فيها قمعا وتنكيلا ويسلب حقوقهم الأساسية؛ فهم لا يحظون بمشاهدة فرق مسرحية فقط، بل يعانون من نقص حتى في مياه الشرب.. واقعان مختلفان ومتناقضان يكرسان حالة نظام أبرتهايد».

ويضيف الفنانون اليهود: «تذكروا أن أرئيل هي مدينة استيطانية غير شرعية حسب القانون الدولي وميثاق جنيف. الهدف الوحيد من إقامتها هو منع إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة، وبذلك تؤدي إلى حرماننا نحن، مواطني إسرائيل، من إمكانات الحياة بسلام».

ووقع على العريضة الأدباء ديفيد غروسمان، ويهوشع سوبول، وشموئيل هسفري، ومايا عراد، وجلعاد عفرون، وشمعون ليفي، وشمعون بوزجلو، وأفرات ميشوري، والمخرجون السينمائيون والمسرحيون، أوفيرا هنينج، وعيدو ركلين، وايتان فوكس، وآري ريمز، والممثلة حنة مرون، ومدير مسرح حيفا المخرج عوديد كوتلر، وعميد كلية المسرح في جامعة تل أبيب، بروفسور جاد كينر، وعشرات غيرهم.