أوباما يدعم الهند للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن

قال إنها صارت «قوة عالمية».. لكنه انتقد صمتها إزاء الوضع في بورما

أوباما يحيي أعضاء البرلمان الهندي بعد إلقائه كلمة أمامهم أمس (أ.ف.ب)
TT

عبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عن دعمه طلب الهند الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، داعيا أكبر ديمقراطية في العالم لتأخذ مكانها «الشرعي» بين القوى العظمى. لكنه طلب من الهند في الوقت نفسه أن تضطلع بمسؤوليات أكبر على الساحة الدولية، منتقدا صمت نيودلهي بشأن بورما.

وقال أوباما الذي اختتم زيارة لثلاثة أيام إلى الهند سجلت ترسيخ علاقات وثيقة مع نيودلهي: «يمكنني اليوم أن أقول إنه في السنوات المقبلة أتطلع إلى مجلس أمن دولي خاضع للإصلاح ويضم الهند كدولة دائمة العضوية»، وذلك في خطاب ألقاه أمام البرلمان. وقال بن رودس نائب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض في مؤتمر صحافي قبل الكلمة التي ألقاها أوباما: «هذا تأييد كامل» لعضوية الهند الدائمة في مجلس الأمن المعدل.

لكن بعض المحللين يرون أن إعادة هيكلة الهيئة الدولية قد يتطلب فترة قد تصل إلى عشر سنوات. ويتشكك البعض في الولايات المتحدة من منح الهند مقعدا دائما في مجلس الأمن الدولي نظرا لأنها كثيرا ما كانت تقف ضد الولايات المتحدة في الأمم المتحدة. وقد حصلت الهند في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي تباشر مهامه في الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، لكنها تنتظر اعترافا دوليا أكبر بها. ويضم مجلس الأمن الدولي، وهو هيئة القرار الرئيسية في الأمم المتحدة، خمس دول دائمة العضوية تتمتع بحق النقض (الفيتو)، وهي: الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا.

وقال أوباما في هذا الصدد: «صلاحيات أكبر تعني مسؤوليات أكبر». وانتقد الهند لصمتها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في بورما، واعتبر أن «التحدث باسم أولئك الذين لا يستطيعون (الكلام) بأنفسهم ليس تدخلا في شؤون دول أخرى. إنه ليس انتهاكا لحقوق دول تتمتع بالسيادة». وشدد على القول: «عندما تقمع حركات ديمقراطية سلمية مثلما يحدث في بورما، لا يمكن لديمقراطيات العالم أن تبقى صامتة». وأضاف: «إن كان بوسعي أن أكون صريحا فإن الهند غالبا ما تفادت هذه المسائل في المنتديات الدولية».

وقد نظم استقبال للرئيس الأميركي مع كل التشريفات في نيودلهي أمس، المحطة الأخيرة من زيارته إلى الهند التي بدأها السبت في مومباي، حيث أكد أن البلدين «متحدان» في محاربة الإرهاب، وأعلن اتفاقات تجارية مع الهند بقيمة عشرة مليارات دولار من شأنها أن توفر خمسين ألف وظيفة جديدة للأميركيين.

وفي وقت سابق اعتبر أوباما أن الشراكة مع الهند ستكون «من أكبر الشراكات في القرن الحادي والعشرين»، وتحدث عن مسؤولية مشتركة بين «أكبر ديمقراطيتين في العالم» من أجل إرساء «السلام والاستقرار والازدهار، ليس فقط بالنسبة لبلدينا، بل وأيضا بالنسبة للعالم أجمع». ورحب الرئيس الأميركي بالعلاقات الوثيقة مع الهند، معتبرا أن «الهند ليست مجرد دولة ناشئة، بل هي الآن قوة عالمية» وحليف طبيعي على الساحة الدولية، بينما تحدث رئيس الوزراء مانموهان سينغ عن تعاون ثنائي «كشريكين متساويين» لتشجيع السلام والاستقرار. وأكد سينغ أن الهند «لا تسرق» الوظائف الأميركية حين يتم نقل أنشطة اقتصادية إلى الهند، معتبرا أن ذلك شجع تطور الصناعة الأميركية.

ويعتبر خبراء في السياسة الخارجية أن واشنطن تدعم الهند في المجال الاقتصادي والدبلوماسي بصفتها ثقلا موازنا للصين التي يترسخ موقعها أكثر فأكثر. ويعود الثناء الأميركي أيضا إلى واقع أن نمو الاقتصاد الهندي يأتي في ظرف تطال فيه الأزمة المالية العالمية الدول الغربية بقسوة.

إلى ذلك، ونظرا إلى الدعم التي تمنحه واشنطن لباكستان في الحرب على الإرهاب، اضطر أوباما إلى الرد على سؤال حول منطقة كشمير المقسمة بين الهند وباكستان، التي يطالب هذان البلدان الجاران المتنازعان في آسيا بالسيادة عليها. وقال أوباما في هذا الصدد: «أعتقد أن لباكستان والهند مصلحة في خفض حدة التوتر بين البلدين»، لكنه أضاف: «الولايات المتحدة لا يمكنها أن تفرض حلا في هذه المشكلات». وفي جولته بالهند التي استمرت ثلاثة أيام، وهي أطول فترة يقضيها الرئيس أوباما في أي بلد أجنبي، أعلن الرئيس الأميركي صفقات تجارية بهدف طمأنة الناخبين الأميركيين أن دولا مثل الهند تمثل فائدة لفرص العمل بالولايات المتحدة أكثر من الضرر الذي يحدث من خلال الاستعانة بالعمالة الهندية الرخيصة على حساب العمالة الأميركية. كما أعلن أوباما أن الولايات المتحدة ستخفف القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا الحساسة، وهو مطلب آخر للهند. وقال الرئيس الأميركي إنه سيؤيد عضوية الهند في أربع منظمات عالمية لحظر الانتشار النووي في خطوة ستطمئن نيودلهي، المستبعدة من تلك المنظمات بعد تجارب نووية أجرتها في 1998، على أن واشنطن تدرك ثقلها العالمي. وما زالت قطاعات مثل البيع بالتجزئة والخدمات المالية مقيدة بشدة أمام المستثمرين الأجانب، وليس هناك مؤشرات تذكر على أن حزب المؤتمر الحاكم لديه خطط لإدخال أي إصلاحات كبرى قريبا. وأبرزت رحلة أوباما التي كان يصاحبه خلالها أكثر من 200 من كبار رجال الأعمال، إعلان تأييده لعضوية الهند الأهمية المتزايدة لنيودلهي التي يتوقع أن تكون واحدة من أكبر خمس اقتصادات في العالم بحلول عام 2020 إلى جانب الصين واليابان. كما سيزور أوباما إندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان في الجولة التي تحث خلالها واشنطن الدول على عدم خفض قيمة عملاتها من جانب واحد بهدف حماية صادراتها، وهو ما يمثل قضية رئيسية في اجتماع مجموعة العشرين في سيول هذا الأسبوع.