مصر: انشقاقات في الحزب الحاكم بعد الإعلان عن مرشحيه في الانتخابات البرلمانية المقبلة

قوى المعارضة اعتبرتها فرصة ذهبية للفوز في بعض دوائره

TT

دخلت الانتخابات البرلمانية المصرية مرحلة جديدة من الجدل عقب إعلان الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) قوائم مرشحيه في الانتخابات المقرر إجراؤها 28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وضمت 835 مرشحا يتنافسون على 508 مقاعد، وهو ما يعني الدفع بأكثر من مرشح للتنافس على المقعد نفسه. وشهدت أروقة الأمانات العامة في محافظات أسوان والشرقية والإسماعيلية والإسكندرية، انشقاقات واستقالات جماعية، اعتراضا علي ترشيحات الحزب، وعلق عدد منهم على اختيارات الحزب بقوله «جانبها الصواب»، واعتبرها آخرون «تفتيت أصوات مرشحي الحزب لصالح المعارضة المصرية»، على حد وصف المراقبين. فيما اعتبرتها قوى معارضة «فرصة ذهبية لمرشحيها».

وكانت قيادات بالحزب الحاكم قد قالت إن عدم الالتزام الحزبي بوجود منافسة بين أبناء الحزب الواحد كان السبب الرئيسي في حصول جماعة الإخوان المسلمين على 88 مقعدا في الانتخابات الماضية، وأكدوا عزم الحزب على تجنب تكرار هذا الأمر.

وأتت اختيارات الحزب على خلاف ذلك، وهو ما علق عليه الدكتور مجدي يونس، الأمين العام المساعد أمين التنظيم الأسبق بالحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) بأسوان، بقوله: إن «فتح الدوائر أمام مرشحي الحزب الحاكم لا يتفق مع مبادئ العمل الحزبي، كما أنه يجعل الحزب الوطني يقف موقف المتفرج، ويغيب كوادره وقياداته عن الالتحام مع رجل الشارع».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التنظيم الحزبي لا ينادي بتقسيم الدوائر الانتخابية، التي تفتح الباب أمام نواب الصدفة»، مشيرا إلي أن «الحزب الوطني رضخ إلى العصبيات والقبليات وعاد للوراء».

فيما توقع ياسر حسان، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد المعارض، أن تستفيد المعارضة من تفتيت الأصوات في دوائر الحزب الحاكم، مشيرا إلى أن قيادات الوطني، الذين استبعدوا من قوائم الترشيح سوف يتفقون على إسقاط مرشح الحزب، ليس حبا في المعارضة، ولكن انتقاما من الحزب الحاكم، على حد تعبيره.

وقال حسان لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحزب الحاكم أقدم على ترشيح أكثر من مرشح على المقعد الواحد، حتى يتجنب ما حدث له من إخفاقات في انتخابات البرلمان الماضية عام 2005، بعد أن نجح مرشحوه بنسبة 33 في المائة، في حين فاز المستقلون والمعارضة وجماعة الإخوان المسلمين بـ67 في المائة، واضطر إلى ضم المستقلين، حتى يستطيع تشكيل الحكومة».

وأرجع حسان ما قام به الوطني من اختيار أكثر من مرشح للمقعد الواحد في الدائرة «إلى خوفه من الصدمات التي قد تحدث عندما يختار الحزب مرشحا واحدا».

ونفى حسان «أن يكون الحزب الحاكم يقصد تفتيت أصواته، مؤكدا أن قيادات الحزب الحاكم تعمل على مرحلتين، المرحلة الأولى هي إعلان أكثر من مرشح على المقعد، سواء الفئات أو العمال أو الفلاحين، وفي المرحلة الثانية وقبل الانتخابات بوقت قصير، سوف يختار الوطني من هؤلاء المرشحين من سيدعمه ويقف وراءه، وذلك حسب قوته في الدائرة التي ترشح بها».

وعلى صعيد آخر، قام 15 نائبا من مرشحي جماعة الإخوان المسلمين بمحافظتي 6 أكتوبر والإسكندرية برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ومجلس الدولة، لإلغاء قرار اللجنة القضائية باستبعادهم، والمطالبة بإدراج أسمائهم في جداول المرشحين. وكشف القيادي الإخواني مدحت الحداد، أن أربعة نواب قاموا برفع دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لإلغاء قرار اللجنة القضائية باستبعادهم، مشيرا إلى «استيفائهم كل الشروط وحصولهم على إيصال تسليم الأوراق للترشيح، وهو المستند الرئيسي الذي يعود إليه أي مرشح لإثبات سلامة أوراقه».

ومن جهة أخرى أعلنت بعض الأصوات القبطية استياءها بعد اختيار 10 أقباط فقط على قوائم الوطني في كل المحافظات، وعدم ترشيح أي قبطي على قوائم الحزب في الإسكندرية ينتمي للكنيسة الأرثوذكسية.

وأكد نجيب جبرائيل، رئيس مجلس أمناء منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، على أن «ترشيح 10 أقباط فقط يمثل تراجعا عن وعود الحزب وقياداته بالسعي لتمثيل معقول ومناسب للأقباط في مجلس الشعب».

وأضاف «لم يكتف الحزب الحاكم بالتراجع عن وعوده السابقة بشأن تمثيل معقول للأقباط، لكنه أعاد ترشيح نائبه بمحافظة قنا (عبد الرحيم الغول) الذي ارتبط اسمه بمذبحة نجع حمادي في يناير (كانون الثاني) الماضي، لافتا إلى أن ما يفعله الحزب الوطني سيؤدي إلى دفع الأقباط لعدم التصويت لمرشحي الحزب، والتصويت لمرشحي المعارضة».

وقال كمال زاخر، منسق جماعة الأقباط العلمانيين، لـ«الشرق الأوسط»: «إن موقف الحزب الحاكم من الأقباط سيؤدي إلى ردود فعل شخصية، فيما يتعلق بالتصويت في الانتخابات، قد تصل إلى مقاطعة الانتخابات».

وعلى الجانب الرسمي أكد أنس الفقي، وزير الإعلام المصري، على الالتزام بالمبادئ والمعايير التي أقرتها اللجنة العليا للانتخابات في التغطيات الإعلامية لأجهزة الإذاعة والتلفزيون، والالتزام في التناول الإخباري والبرامجي بمبدأ الحياد وتكافؤ الفرص بين جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات، وذلك في الظهور وعرض برامجها في الإذاعة والتلفزيون.

وتعهد وزير الإعلام بتمكين الإعلام الدولي من نقل صورة حقيقية وكاملة لوقائع الانتخابات البرلمانية، نافيا أن تكون هناك أي قيود على عمل وكالات الأنباء أو المراسلين الأجانب في مصر طوال الوقت، خاصة أثناء الانتخابات البرلمانية المقبلة.