فياض يتعهد بمنع التعذيب في السجون وأي انتهاكات لحقوق الإنسان

بعد أسابيع من مطالبة «هيومان رايتس ووتش» بتحقيقات مستقلة ومحاسبة المسؤولين

TT

تعهد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بمحاسبة أي أشخاص متورطين في قضايا تعذيب في المعتقلات، مؤكدا أن حكومته تجرم التعذيب وتمنع كافة أشكال الإساءة وتضمن المحاكمة العادلة للجميع.

وقال فياض في حديثه الإذاعي الأسبوعي أمس، إن «السلطة لن تتهاون في المحاسبة على أي انتهاكات لحقوق الإنسان». وأضاف أن «ترسيخ الأمن والأمان للوطن والمواطن، وصون حقوق الإنسان، وحماية الحريات العامة والخاصة تأتي في مقدمة أولويات عمل السلطة الوطنية الفلسطينية».

وجاء حديث فياض بعد 3 أسابيع من تقرير نشرته منظمة هيومان رايتس ووتش الأميركية، طالبت فيه السلطة بالتحقيق على وجه السرعة في مزاعم تعذيب محتجزين بسجن في أريحا، وأن تضمن ملاحقة المسؤولين عن هذه الإساءات قضائيا.

في غضون ذلك، اتهمت مصادر أمنية فلسطينية رفيعة، حركة حماس بدفع معتقليها لدى السلطة بتقديم شهادات كاذبة تحت القسم يتهمون فيها السلطة بتعذيبهم بقسوة. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «تعليمات أعطيت لعناصر الحركة بهذا الشأن لإحراجنا أمام الرأي العام». لكن حماس تقول إن التعذيب مستمر في السجون الفلسطينية وآثاره بادية.

وتحدثت المنظمة عن أكثر من مائة حالة هذا العام، وثقتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وهي المراقب الرسمي الفلسطيني لحقوق الإنسان، سجلت فيها مزاعم تعذيب بحق أجهزة الأمن في الضفة الغربية.

وسجل المحتجزون الفلسطينيون 106 شكاوى تعذيب لدى هيئة حقوق الإنسان من يناير (كانون الثاني) حتى سبتمبر (أيلول) الماضيين. ومنذ يونيو (حزيران) 2007، وفقا للهيئة، يزعم أن أجهزة أمن السلطة مسؤولة عن وفاة ثمانية معتقلين.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومان رايتس ووتش»، إن «تقارير تعذيب أجهزة الأمن الفلسطينية للمحتجزين مستمرة في الظهور، والرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء فياض على دراية تامة بالموقف، وعليهما أن يعملا على إصلاح حالة الإفلات من العقاب هذه وأن يضمنا ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات أمام القضاء».

وقالت المنظمة، إن «السلطة كانت متراخية للغاية في ملاحقة مسؤولي الأمن الضالعين في مزاعم تعذيب».

وكان عباس وفياض قد أمرا بوقف التعذيب، وخفت الظاهرة لحد كبير بعدما تدخلت كذلك مؤسسات حقوق الإنسان للمراقبة، كما أن عشرات من عناصر الأجهزة الأمنية تعرضت للمساءلة والتحقيق في قضايا تعذيب.

لكن «هيومان رايتس»، شددت على ضرورة أن تجري السلطة تحقيقات مستقلة، وأن تعلن النتائج على الملأ، وتضمن مقاضاة أي مسؤول تثبت مسؤوليته عن التعذيب أو التسامح معه أو تنفيذه أو التواطؤ في التعذيب. بل وطالبت المنظمة الدول المانحة، ومنها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإصرار علنا على محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

وقال فياض «إنه على ضوء بعض التقارير والملاحظات التي صدرت مؤخرا، ارتأيت أن يكون حديثي هذا الأسبوع حول حالة حقوق الإنسان، وإعادة تسليط الضوء على هذا الأمر، من باب معالجة أي ثغرات أو نواقص في هذا المجال الحيوي والأساسي».

وأضاف «العمل على ترسيخ سيادة القانون، وضمان مساواة الجميع أمامه، وتوفير الأمن والاستقرار لمواطنينا كعناصر أساسية لمقومات الصمود والثبات على الأرض، يتطلب منا جميعا الالتفاف حول مبادئ الشفافية والمحاسبة والمساءلة، واستمرار الالتزام باحترام حقوق الإنسان، والحريات الأساسية للمواطنين، وهي أهداف لا تحتمل التأجيل».

وأكد فياض أن «السلطة تتابع باهتمام أي قضايا تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وهي لن تتهاون في المحاسبة عليها»، معتبرا أن جوهر ومضمون احترام حقوق المواطن تعني «المزاوجة بين متطلبات حماية الحقوق الفردية والخاصة للمواطن، وبين عدم السماح بتبديد المشروع الوطني وتمزيق إنجازاته، بما يكفل حماية وحدة النسيج المجتمعي، وترسيخ التسامح، ونبذ الكراهية ورفض العنف كمكونات أساسية تعبر عن أصالة شعبنا ووحدته وتماسك نسيجه الاجتماعي، وتعكس القيم الأساسية لدولة فلسطين وشعبنا، الذي قدم التضحيات في سبيل العيش بعدالة وحرية وكرامة في وطن له».

وتابع أن «تحقيق ذلك يعني بالنسبة لنا في السلطة الوطنية التأكيد على منع كافة أشكال الإساءة، وتجريم التعذيب وضمان توفير المحاكمة العادلة وحق الدفاع عن المتهمين بما في ذلك لأولئك الذين يتجاوزون القانون ويمسون بالمشروع الوطني وأهداف شعبنا الوطنية».