صحافية بريطانية مسلمة تبحث في جذور التشدد

«نحن مسلمون.. من فضلكم» يروي قصة نشأتها

TT

شكل بروز الأقلية المسلمة في بريطانيا على ساحة الجدل بشأن الأمن والتماسك الاجتماعي خلفية لذكريات الصحافية زيبة مالك عن نشأتها كمسلمة بريطانية من أصل باكستاني.

ويروي كتابها «نحن مسلمون.. من فضلكم» قصة نشأتها كابنة أحد المهاجرين الباكستانيين من الجيل الأول في مدينة برادفورد الصناعية بشمال بريطانيا وسط بيئة متدينة محافظة. وفي الوقت نفسه كانت مالك في أمس الحاجة للاندماج مع زملائها في مدرسة أغلبية طلابها من البيض لتعيش سنوات مع المعاناة من مشاعر القلق المؤلم التي تتخللها لحظات من السخرية اللاذعة.

وتشكلت قصة مالك مع فضولها لمعرفة جذور التشدد الذي ترسخ بين بعض تجمعات الجالية المسلمة في بريطانيا. فقد ولدت في ليدز القريبة في عام 1969 وفي الشارع نفسه الذي أقام فيه بعد عقود مهاجمون في شقة مستأجرة وصنعوا قنابل أسفرت عن مقتل 52 شخصا في لندن. وتحدثت مالك لـ«رويترز» عن بريطانيا والجالية المسلمة:

> هل الاندماج المجتمعي حتمي مع توالي الأجيال؟

- أعود إلى برادفورد كثيرا ولا يزال عدم الاندماج المجتمعي صارخا. أجده أمرا مخيبا للآمال. لا أعتقد أن الاندماج المجتمعي أمر طبيعي بمرور الوقت. إذا لم يحدث الاندماج في مرحلة مبكرة تتنامى الاختلافات مع الزمن. حين جاء والدي في الستينات كان معظم الآسيويين من الطبقة العاملة، جاءوا للعمل في المصانع وعلى الحافلات. الآن توجد طبقة متوسطة تعيش في مناطق أجمل في برادفورد. يبدو لي أن ثمة مشكلة لا أعلم كيفية حلها. إذا لم يحدث الاندماج بشكل طبيعي لا يمكن فرضه قسرا. لست من مؤيدي المدارس الدينية في حد ذاتها إذ أشعر أنها تؤدي إلى تفاقم التفرقة. لذا لا أشعر بتفاؤل كبير بشأن مستوى الاندماج.. بكل تأكيد في برادفورد.

> في برادفورد سمعت أشخاصا يشككون في تنفيذ مهاجمين لهجمات 2005. هل سمعت لآراء مماثلة؟

- إنه رأي منتشر إلى حد كبير. أنا لا أمزح. يعتقد شبان كثيرون أن هجمات 2005 مؤامرة دبرتها الدولة. كنت أتحدث مع امرأة شابة من أصل باكستاني ولدت في بريطانيا وتطرق الحديث لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) وقالت إنها لم تحدث. دهشت. تستمع لهذا الرأي مرارا وتكرارا. إذا أردت أن تتحسن الأوضاع فيجب أن ننطلق من أساس يتسم بالصدق.

> هل ينبغي أن تؤكد الدولة على الهوية البريطانية بدلا من أن تبدو كأنها مصدر حرج؟

- لدينا الآن قسم الولاء للوافدين الجدد. أؤيد مثل هذه الأمور. حتى والدتي تؤمن بأنه إذا أردت الحياة هنا فلا يكفيك أن تلتزم بالقانون بل ينبغي أن تحاول أن تكون جزءا منه.

> ماذا يحدث في حياة المتشددين داخل المنزل..؟

- دائما ما يكون هناك نوع من الازدواجية في مكان مثل برادفورد. ما يحدث في المنزل يظل داخل جدرانه. حقا يتظاهر الناس بغير الواقع. لا يتعاملون فعليا مع ما يحدث داخل المنزل بل يميلون لتجنبه لأنه محرج ولا يمكنهم التحدث لجهات خارجية. من أهم المشكلات في برادفورد حاليا المخدرات وعلى الأرجح تفوق التشدد أهمية. أمضيت يومين في عيادة لعلاج الإدمان وصدمت.. 95 في المائة من المرضى شبان آسيويون أدمنوا الهيروين والمخدرات وما زالوا يقيمون مع ذويهم. ينبغي أن تحفظ كرامتك ولا تكشف عيوبك على الملأ. إلى أن يبدأ الناس في رؤية ما يحدث عن اقتناع صادق لن يعترفوا أبدا بوجود مشكلة. وحتى يحدث ذلك لا يمكن أن أعرف كيف يتعامل هؤلاء مع القضايا التي تحدث داخل المنزل.

> هل يتناقض ظاهريا نجاحك مع نشأتك..؟

- أحيانا يربط الناس بين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتشدد، ويعتقدون أن الأمر يتعلق بالفقر وانعدام الفرص. لا أؤيد ذلك. كوني نشأت في البيئة التي أنا منها حيث عانى والدي من البطالة معظم الوقت. لا أعتقد أن التطرف مرتبط بغياب الفرص، لأن الفرص موجودة في هذا البلد. الباكستانيون الذين جاءوا لهذا البلد.. عملوا شيئا من لا شيء. كان ينظر إليهم دائما على أنهم مجددون في العمل ويريدون تحقيق شيء لأطفالهم. لكن أعتقد أن ذلك من سمات جيل مضى. أعتقد أن هذا النهج اندثر. ترى شبانا يقودون سيارة قيمتها 50 ألف إسترليني (80790 دولارا) ويتهامس الجميع أنهم يتاجرون في المخدرات. إذا كان ذلك استثمارا فإنه أمر غير جيد ولن يترك إرثا إيجابيا.