سفير أنقرة: الأتراك يعاملون في النمسا كفيروسات

أنقرة ترد على أوروبا: نرفض أن نكون التلميذ الذي ينتظر درجات من المعلم

TT

أزمة سياسية جديدة نشبت بين النمسا وتركيا، بعد تصريحات حادة من قبل السفير التركي في فيينا الذي انتقد بعنف سياسة الاندماج التي تطبقها النمسا حيال الأتراك، قبل أن ترد الحكومة النمساوية بالإعراب عن استيائها الشديد، أمس، من التصريحات التركية.

وفي مقابلة مع صحيفة «دي برس»، أخذ السفير قدري تيزكان بتعابير تفتقر إلى الدبلوماسية على حكومة التحالف بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين أنها لا تشجع اندماج الأتراك الذين يجدون أنفسهم في الواقع مقيمين في معازل، وعلى النمساويين عموما «أنهم لا يهتمون بثقافات أخرى إلا إذا كانوا في إجازة». وأضاف أن أبناء وطنه «يتم وضعهم في الركن ومعاملتهم كفيروسات».

وحول موضوع الحجاب قال السفير تيزكان «من حق كل شخص أن يختار ما الذي يضعه على رأسه.. وإذا كانت هناك حرية هنا للاستحمام من دون ملابس فيجب أن توجد حرية أيضا لارتداء الحجاب».

وقال السفير، مشيرا إلى المنظمات الدولية في فيينا «إذا كنت الأمين العام للأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أو الأوبك، لما بقيت هنا».

وانتقد السفير التركي أيضا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسبب تصريحات أدلت بها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكانت المستشارة الألمانية المحافظة صرحت بأن النموذج الثقافي التعددي الذي تتعايش فيه بانسجام مختلف الثقافات «قد فشل فشلا ذريعا».

وقال قدري تيزكان في المقابلة «عندما يقدم الأتراك طلب سكن في فيينا، يرسلون دائما إلى الزاوية نفسها، فيؤخذ عليهم بعدها أنهم يشكلون معازل».

واعترف أيضا بأن على الجالية التركية التي يبلغ عدد أفرادها 112 ألفا و150 شخصا في النمسا، بذل مزيد من الجهود للاندماج، مؤكدا أن الإسراع في تعلم اللغة الألمانية يعتبر أولوية.

وأعرب المستشار فرنر فايمن (اشتراكي ديمقراطي) عن «استيائه» من التصريحات «غير المقبولة وغير المهنية» التي أدلى بها قدري تيزكان، كما أعلنت المستشارية في بيان.

وأوضحت المستشارية أن السفير التركي استدعي إلى وزارة الخارجية، وأن فرنر فايمن سيقرر بعد اللقاء الإجراء الذي يتعين اتخاذه في هذه القضية.

واحتج وزير الخارجية مايكل سبيندلغر لدى نظيره التركي أحمد داود أوغلو. وقال في تصريح صحافي «لا أستطيع أن أتخيل أن تركيا موافقة على تصرف سفير بهذه الطريقة». وأضاف أن وزير الخارجية التركي قال إنه ليس على علم بالمقابلة، ووعد بإطلاع نظيره على ما سيتخذه من إجراءات. وكرر تأكيد تصريحات أدلى بها في أكتوبر الماضي خلال زيارة إلى فيينا، مشيدا بالعلاقات الثنائية بين البلدين. وأضاف أن النمسا هي بالتأكيد البلد «الذي يفهم تركيا أكثر من سواه» في الاتحاد الأوروبي.

وقد أخذ السفير التركي على النمسا أنها لا تدرك فعلا مشكلة اندماج الأتراك. وقال إن «الاندماج مشكلة ثقافية واجتماعية. ووزارة الداخلية في النمسا مسؤولة عن الاندماج، وأجد أن هذا الأمر غير معقول». وأضاف «إذا ما أحلنا مشكلة إلى وزارة الداخلية، غالبا ما يكون الحل بوليسيا».

من جهة أخرى فور الإعلان عن مضمون تقرير للمفوضية الأوروبية ببروكسل، بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، يتضمن فرص الدول التي تقدمت بطلبات للحصول على عضوية الاتحاد. وحمل صورة قاتمة لمستقبل عضوية تركيا في التكتل الموحد، جاء رد الفعل من جانب أنقرة، حكومة وشعبا، في صورة تصريحات لمسؤولين في حكومة أنقرة، واستطلاع للرأي، وقال وزير تركي إن بلاده ترفض أن يعتبرها البعض بمثابة تلميذ ينتظر درجات من معلمه، وإنه على ثقة بأن بلاده ستحصل على العضوية عاجلا أم آجلا، وعلى المستوى الشعبي لم تعد نسبة الأتراك الراغبين في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تتجاوز 38 في المائة، فيما قدرت هذه النسبة بـ90 في المائة في بداية تسعينات القرن الماضي. حسب ما ذكرت وسائل إعلام أوروبية الأربعاء، وأضافت أن مناهضة بعض دول الاتحاد للانضمام، كفرنسا وألمانيا، إضافة إلى المسألة القبرصية، نالت كثيرا من حماسة الأتراك، وفي المقابل، المبادلات بين الطرفين حاليا في أوج ازدهارها.. وفي رد فعل للوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي إغيمان بايش على التقرير الأوروبي، قال «أظن أنه من الأفضل مقارنة التقرير بسابقيه بدلا من تقييمه، هذا التقرير ليس الأول، إنه الثالث عشر، وقد بدأت هذه التقارير تنشر منذ سنة 1998، في السابق، تضمنت التقارير موضوع الجرائم الغريبة، اليوم هذا غير موجود.. الدستور التركي يتغير، وحتى التعاون بين المؤسسات التركية في تغير. وهناك علاقات أحسن بين مختلف المجموعات العقائدية في تركيا، وعزم على المضي قدما في إصلاحات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. هناك تقدم متزايد إذن في كل هذه المجالات ذكره بشكل إيجابي التقرير الذي سلم لنا من طرف الاتحاد الأوروبي، لكن، قد نقع في السطحية والتبسيط المفرط لو أردنا تقييم التقرير لنعلن فقط هل نحن راضون أم لا. وفي نهاية المطاف تركيا ليست تلميذا ينتظر كشف النقاط من معلميه». وفي رد على سؤال يتضمن الإشارة إلى أن أكثر من نصف الفصول المتفاوض عليها مع الاتحاد الأوروبي مجمد، وإذا ما كان لديه الأمل في تحقق الانضمام؟ قال الوزير التركي إغيمان بايش: «أكيد نعم. أسباب تجميد هذه الفصول سياسية. والأسباب السياسية ناتجة عن التصورات الضيقة لبعض السياسيين أو عن التأويلات».

وبخصوص مسألة قبرص، قال الوزير التركي «خلال قمة دافوس في شهر يناير (كانون الثاني) لعام 2003، قدم رئيس الحكومة التركية للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ضمانات بأن كلا من تركيا وجمهورية شمال قبرص ستخطوان خطوة باتجاه جنوب قبرص واليونان. في الظرف الحالي، تقدمنا آلاف الخطوات في هذا الاتجاه. خلال السنوات الثماني الماضية، بذلت تركيا الكثير من الجهود وقامت بإصلاحات مهمة. وبفضل هذه الجهود، تطور وضع حقوق الإنسان، والاقتصاد والثروة في البلاد. في نفس الوقت، سمح ذلك لتركيا بأن تحقق تقدما مهما في عملية التحضير من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. والآن، حان الوقت للإدارة اليونانية لجنوب قبرص أن تبذل بدورها جهودا، والعالم بأسره يدرك أن الجمهورية التركية لشمال قبرص وتركيا تريدان السلام والوفاق. يذكر أنه في عام 1987 قدمت تركيا أوراقها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وكان ستيفان فول، المفوض الأوروبي المكلف بتوسيع الاتحاد، قد أعلن من بروكسل في مؤتمر صحافي أن «تركيا تواصل عملية الإصلاحات، تحديدا إصلاحاتها الدستورية، لكن لا أحد يمكنه الرضا مع السرعة الحالية للمفاوضات، ودعوني هنا أقتبس: من الضروري الآن وبسرعة أن تطبق تركيا التزاماتها غير التمييزية لتنفيذ البروتوكول الإضافي المتفق عليه والمضي في تطبيع العلاقات الثنائية مع جمهورية قبرص». في هذه الأثناء أبلغ الاتحاد الأوروبي الثلاثاء كرواتيا أن مفاوضاتها للانضمام وصلت إلى مرحلتها النهائية، إذا كانوا يرغبون حقا في التوصل إلى السلام وإلى حل، عليهم أن يبرهنوا على ذلك.