مصادر فرنسية رسمية: لا فائدة من أي عمل عسكري يقوم به حزب الله

عون في باريس الأحد.. والزيارات اللبنانية تتوالى تباعا

TT

يصل رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون إلى باريس في زيارة شبه رسمية تدوم ثلاثة أيام، يستقبله خلالها الرئيس نيكولا ساركوزي في اليوم التالي، كما يلتقي وزير الخارجية برنار كوشنير ومسؤولين آخرين.

وتندرج زيارة عون في إطار تحرك فرنسي مكثف تجاه المؤسسات الرسمية وكل القوى السياسية، حيث من المقرر أن يأتي رئيس الوزراء سعد الحريري إلى باريس تلبية لدعوة رسمية من الرئيس ساركوزي نقلها إليه الوزير كوشنير خلال زيارته الأخيرة لبيروت.

وتريد الدبلوماسية الفرنسية إعادة وصل خيوط الحوار على أعلى مستوى مع القوى اللبنانية، بعد أن كانت اتخذت قرارا بحصر تعاملها مع مؤسسات الدولة، مع حرصها على التأكيد على رغبتها في التعامل مع الجميع على قدم المساواة مع أولوية تقديم الدولة اللبنانية ومؤسساتها.

وعاد الوزير كوشنير من جولته الموسعة على الرسميين والسياسيين اللبنانيين «متشائما» من مسار الأوضاع اللبنانية. وقالت مصادر رافقت الزيارة إن الفكرة التي تكونت لدى الوفد الفرنسي أن ثمة «مواجهة» في الأفق بين تيارين لا يبدو حتى الآن أنهما قادران على «لجمها». وترى المصادر الفرنسية أن المشكلة اليوم تكمن في أنه «لا أحد» في لبنان أو خارجه قادر على تصور المخرج من المأزق السياسي الراهن المتمثل في المحكمة والقرار الظني، واستتباعا بموضوع «شهود الزور»، خصوصا أن حزب الله «لا يريد أن يسمع سوى صوته أو أن يضع نفسه في موقع الآخر»، مما يولد حالة من «حوار الطرشان». وتؤكد المصادر الفرنسية أن الانقسام «عميق» بين الطرفين.

وتختلف التقديرات حول المدى الذي يمكن أن تبلغه الأزمة اللبنانية، ما بين أزمة تفضي إلى شلل الحكومة والدولة والإدارة من غير استقالة وزراء المعارضة، إلى تحرك في الشارع من خلال المظاهرات والاعتصامات، إلى أبعد من ذلك.

وإزاء قرع نواقيس الخطر على الساحة اللبنانية وتسريب سيناريوهات مواجهات عسكرية واجتياحات، ترى المصادر الفرنسية أنه «ليس لحزب الله ما يكسبه من اللجوء إلى العمل العسكري» بالنظر للنتائج السلبية المترتبة على تحركات من هذا النوع. وتؤكد المصادر الفرنسية أن أعمالا عسكرية «لن تفضي بتاتا» إلى إلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ولا حتى لتأجيل أعمالها، بل «على العكس» ستدفع الأسرة الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن للتمسك بها والإصرار على أن تؤدي عملها.

وفي المقام الثاني ترى باريس أن عملا عسكريا يعني دفع حزب الله إلى عزلة على المستويين العربي والدولي، إضافة إلى الحساسيات التي سيثيرها في الداخل. ومن النتائج التي يمكن أن تترتب على عمل كهذا وضع الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية أو الراعية للإرهاب. وفي المقام الثالث، تعتبر فرنسا أن عملا عسكريا يعني الإضرار بسورية التي «لا مصلحة لها اليوم» في أن تتدهور الأوضاع اللبنانية. ورغم أن سورية تقول وتكرر أنها «لا تتدخل» في الشؤون اللبنانية، فإنها «ستكون لديها صعوبة في إقناع العرب والأسرة الدولية» بأنها لا يد لها في ما يحصل في لبنان. وتشير هذه المصادر إلى وجود «اختلاف في الرؤية» بين دمشق وطهران لجهة تطورات الوضع اللبناني وما يمكن أن يفضي إليه والمصالح التي يخدمها التصعيد الميداني.

وعلى أي حال، ترى باريس أن لجوء حزب الله إلى العمل العسكري ووضع يده بشكل كامل على لبنان «يمكن أن يفتح الباب لسيناريوهات لا يمكن استبعاد العامل الإسرائيلي عنها»، خصوصا أن حزب الله لا يفتأ يتحدث عن رغبة إسرائيلية في إشعال حرب جديدة.

وبالنظر لكل هذه العوامل والكثير غيرها، تستبعد فرنسا أعمالا عسكرية واسعة على المسرح اللبناني الذي لا يمكن عزله عن التطورات الشرق أوسطية.