قمة الـ20 تبدأ اليوم وسط نقاشات حامية حول سبل استقرار أسعار صرف العملات

عدد من دول آسيا اتخذت إجراءات لمنع تدفق الدولارات لاقتصاداتها

وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لدى وصوله إلى سيول أمس لحضور إجتماع قمة العشرين (أ. ف. ب)
TT

قبيل انعقاد قمة العشرين اليوم في سيول التي ستناقش مقترحات بشأن كيفية استقرار سعر الصرف ومعالجة الاختلالات في موازين الحساب الجاري بين الدول الرئيسية التي تصنع التجارة الدولية، ارتفع الدولار مقابل اليورو بسبب المخاوف من عدم قدرة بعض دول المجموعة على الوفاء بتسديد قروضها وعلى رأسها آيرلندا الجنوبية. كما انخفضت العملات الآسيوية مقابل الدولار، بسبب إعلان معظم الدول الآسيوية لإجراءات تحد من تدفق الدولارات الأميركية في اقتصاداتها. وقاد الانخفاض مقابل العملة الأميركية، الدولار السنغافوري والبهت التايلاندي بسبب مخاوف المستثمرين أن تحذو هاتان الدولتان حذو الصين وتايوان اللتين طبقتا إجراءات كابحة لتدفق الاستثمارات الدولارية في اقتصادهما. ومن المتوقع أن يكون الاقتراح الأميركي الخاص بوضع سقف للفائض التجاري بين دول مجموعة العشرين في حدود أربعة في المائة، موضوع النقاش الرئيسي في القمة التي ستعقد في يومين. ويواجه هذا المقترح معارضة رئيسية من «دول الفائض» التجاري وعلى رأسها الصين وألمانيا وبعض الدول الآسيوية التي تعتقد أن الاتفاق حول هذا السقف يعارض مبدأ حرية التجارة. وتعارض ألمانيا والدول الآسيوية بشدة سياسة «التيسير الكمي الثانية» التي ترى فيها تدميرا لاقتصاداتها، حيث إن سيل الدولارات المتدفقة من الشركات الأميركية سيرفع من التضخم ويخلق «فقاعة موجودات» ستقود لاحقا إلى انهيارات مالية شبيهة بما حدث في السابق. وحذر رئيس مصرف كبير أمس من مخاطر سياسة التيسير الكمي الثانية وقال إنها إعادة للسياسات التي سببت كارثة أسواق المال في العام 2008. لكن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك قلل أمس من المخاوف من تدفق الدولارات. وقال في تصريحات نقلتها وكالة «بلومبيرغ» إن «بعض المخاوف حول سياسة التيسير مضخمة وليست واقعية، وحتى إن لم تكن هنالك سياسة تيسير كمي فإن الاستثمارات الدولارية ستتدفق على دول آسيا بسبب الفرق في النمو الاقتصادي بينها وبين الاقتصاد الأميركي، الذي يعطيها ميزة الجذب».

ويذكر أن الولايات المتحدة قلصت العجز في ميزانها التجاري في سبتمبر (أيلول) بفضل حيوية صادراتها. وذلك حسب أرقام نشرتها وزارة التجارة أمس الأربعاء في واشنطن. وتراجع العجز التجاري بحسب الأرقام المصححة وفق التقلبات الموسمية إلى 44.5 مليار دولار بالمقارنة مع 46.5 مليار الشهر الماضي. وكان المحللون يتوقعون هذا التراجع! ولكن بفارق أقل. وكانوا يراهنون على أن تستفيد القوة الاقتصادية الأولى في العالم من تراجع سعر صرف الدولار الذي يجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة في أسواق العالم. غير أن العجز يبقى رغم ذلك مرتفعا حتى من المنظار الأميركي! وهو ثالث أكبر عجز يسجل منذ يناير (كانون الثاني) 2009. وحققت الولايات المتحدة في سبتمبر زيادة في الصادرات بنسبة 0.3% بالمقارنة مع الشهر السابق، لتصل إلى 154.1 مليار دولار وهو أعلى مستوى يسجل منذ أغسطس (آب) 2008.

أما الواردات فتراجعت بنسبة 1.0% عن أغسطس إلى 198.1 مليار دولار والولايات المتحدة متهمة منذ سبتمبر بتعمد تخفيض سعر عملتها لتعزيز موقعها بالنسبة لمنافسيها في الأسواق العالمية. ورد وزير الخزانة تيموثي غايتنر على هذه الاتهامات مؤكدا أن حكومته تتمنى أن يكون الدولار قويا.

واعتبر صندوق النقد الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) أن سعر الدولار أعلى بقليل من قيمته الفعلية! على خلاف اليورو والين والجنيه الاسترليني. والخلل في المبادلات التجارية وأسعار صرف العملات مدرج بين المواضيع الأساسية على جدول أعمال قمة مجموعة العشرين لكبرى الدول الغنية والناشئة التي ستبدأ اليوم في سيول.

وفي بكين قالت ثلاثة مصادر بالقطاع المصرفي لـ«رويترز» أمس، إن البنك المركزي الصيني أمر بعض البنوك بزيادة الاحتياطي الإلزامي نصف نقطة مئوية في محاولة، على ما يبدو، لكبح جماح نمو الائتمان المتسارع. وتراجعت أسهم البنوك والشركات العقارية الصينية إثر النبأ الذي أثار مخاوف السوق من أن السلطات قد تشدد السياسة مجددا لدرء مخاطر ارتفاع التضخم وفقاعات الأصول في ظل زيادة التدفقات الرأسمالية. وأثار مسؤولون صينيون المخاوف من أن قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الأميركي» بضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي سيؤدي إلى زيادة التدفقات الرأسمالية على الأسواق الناشئة وهو ما يبرز التوترات العالمية بشأن استعادة التوازن الاقتصادي التي ستناقشها قمة مجموعة العشرين في سيول.